Avatar photo

Hugo Shorter

British Ambassador to Lebanon

1 December 2017 Beirut, Lebanon

لبنان الرسالة

UK Ambassador to Lebanon
UK Ambassador to Lebanon

دُعيت هذا الأسبوع لمحاضرة بعنوان “المؤتمر الوطني: من لبنان الكبير 1920 نحو لبنان الرسالة 2020” نظمّتها مؤسّسة “أديان”. وطُلب مني مشاركة أفكاري عن لبنان، موقعه في المنطقة، ماضيه والدروس التي يمكن استنباطها منه، وكيف يمكننا معاً مواجهة تحدياته المستقبلية.

لا يمكنني الإدّعاء بأنّني كسفير بريطاني أَخبَر من غيري في هذا المجال. ولكنني دُعيت كوني مهتمّ شخصياً بموضوع كيفية استخدام المجتمعات لتجارب الماضي من أجل رسم مستقبلها.

فتكلّمت عن لبنان وما يمكنه أن يخبرنا به بلد صغير في الحجم وكبير في التأثير. بلد لا يكفّ شعبه عن إبهاري بمواهبه وطاقته. هو بلد خرج على الرغم من التحديات من حرب كاسحة ليصبح منارة تسامح وتعايش بين الديانات. بلد يستطيع كلّ لبنانييه – بحقّ – الافتخار به. وذكرت بلداً عانى استقراره وأمنه من البلدان المحيطة به، التي أقلّ ما يمكن القول أنّها لم تكن خيّرة معه. هو بلد كان وما زال يُجَرّ إلى نزاعات إقليمية من قبل قوى داخلية وخارجية.

آمل أن تسمحوا لي، كصديق للبنان، أن أقوم بما يقوم به الأصدقاء كما لاحظت تحديداً في لبنان، وهو أن أكون صريحاً. أنا علي يقين أنّه سيتّهمني البعض بأنّني مفرط بالتفاؤل، إلى أنّني قد أكون غير واقعي. لذا، سأسرد دروساً ثلاث استنبطّها من تاريخ لبنان. دروس أظنها تساعد هذا البلد المميز في مواجهة التحديات المستقبلية.

1- نأي لبنان عن النزاعات الإقليمية هو ضرورة.
2- يتطلّب لبنان دولة قويّة ليتمكّن من النجاح.
3- على أيّ حكومة في لبنان أن تمثّل شرعاً كلّ شعبها.

في النقطة الأولى – النأي عن النزاعات؛ غالباً ما يخبرني أصدقائي اللبنانيون وزملائي عن الحرب الأهلية وكيف أنّ قوى إقليمية جيّشت اللبنانيين ضدّ بعضهم البعض، من أصدقاء، وجيران وحتّى عائلات. ويشيرون إلى أنّ استقرار لبنان وأمنه يبقى هشّاً أمام أهداف وأفعال القوى الخارجية.
وأنا موافق. لذا ولهذا السبب، بالنسبة إليّ، النأي عن هذه النزاعات ضرورة. وهذا النأي برأيي يعني أن يحتلّ لبنان بسيادته وشعبه بالنسبة إلى اللبنانيين وقياداتهم سلّم الأوليات. بما معناه العمل من أجل مصلحة لبنان وحده. معناه أيضاً تحدّي مقولة أنّ الدخول في الحروب الإقليمية خارج لبنان – منه في سوريا واليمن – هو لمصلحة لبنان. فالسؤال الذي يُطرح هو ماذا لو كانت هذه المجازفة على العكس، تأتيه بعدم الاستقرار أو أبعد من ذلك، تسبّب النزاع فيه؛ أو ماذا لو كانت تدفعه إلى المساومة على مصالحه القصوى للتماشي مع أهداف آخرين غيره. إذ أنّ النأي لا يعني البتّة ألّا يكون للبنان صوته في المنطقة. بل يعني أن يكون له صوته ورأيه الخاص، وليس صوت ورأي غيره من البلدان.

نقطتي الثانية هي أنّ وجود دولة قوية وسيّدة قادرة على ضمان الأمن لشعبها هو أمر أساسي. شهدت الحرب الأهلية مراحل طويلة كان فيها حكم القانون هو حكم السلاح والميليشيات، حيث أخذت قوى خارجية القرار باستقرار لبنان وليس اللبنانيون أنفسهم. وقد قطع لبنان شوطاً كبيراً مذّاك الحين. و يوازي جيش بلادكم أفضل الجيوش في المنطقة. هو مؤسّسة تمثّل لبنان بأكمله، وتمثّل أفضل ما فيه. والمملكة المتحدة فخورة بكونها شريكاً داعماً ومستمرّاً لجيشه وقواه الأمنية كونهما المصدر الشرعي الوحيد للأمن والاستقرار فيه. يبيّن تاريخ لبنان أنّه من المجازمة تحوير هذا الدور إلى غير هذه المؤسّسات الأمنية والشرعية. فلا يمكن إعطاء هذا الدور إلى دول أخرى أو إلى قوى خارجة عن إطار الدولة لا يمكن محاسبتها. وكلّ ما هو خارج عن ذلك يضعف الدولة ومؤسّساتها، ويضعف لبنان ككلّ تاركاً أمنكم واستقرار بلادكم بأيدي آخرين لهم أهدافهم الخاصة أو يمثّلون أهداف قوى خارجية.

نقطتي الأخيرة هي أنّ على أيّ حكومة لبنانية أن تكون مسؤولة أمام الشعب اللبناني بأكمله. أطلعنا تاريخ لبنان على ما يمكن أن يحدث عندما تمثّل حكومة مجموعة مصالح ضيّقة. فلا يمكن إلّا لحكومة ممثِّلة أن تكون شرعيّة، ولا يمكن إلّا لهكذا حكومة قادرة على اتخاذ قرارتها عن كامل الشعب اللبناني أن تؤمّن استقرار لبنان وتعزّز سيادته. على الحكومات الممثِّلة أن تعتمد على مؤسّسات ديقراطيّة قويّة. أنا مؤمن أنّ السياسيين اللبنانيين سيبرهنون أنّ لبنان مرّة جديدة قوّة ديمقراطيّة رائدة في الشرق الأوسط وسيُجرون الانتخابات النيابية من دون أيّ تأخير. وأقول لأصدقائي اللبنانيين أنّ التغيير بين أيديكم، يتمثّل في انتخاب مرشّحين جدد يعكسون تنوّع لبنان، بما فيهم العنصر النسائي فيه.

نُبقي على التزامنا بلبنان، رسالة التسامح والتعايش والديقراطيّة. نريد نجاحكم وسنقف إلى جانبكم دوماً في مسعاكم.

أختم – أنا مؤمن بلبنان الرسالة كما وأنّني مؤمن بمستقبل لبنان، لبنان ذات سياسة نأي قويّة، حرّ من أيّ تدخّلات خارجيّة، دولة سيّدة تعتمد على نفسها في ضمان استقرارها وأمنها. لبنان، له حكومة ممثِّلة تمكّنه من اتخاذ قرارته بنفسه لصالح شعبه.

1 تعليق “لبنان الرسالة

  1. اتمنى ان تاخذوا بالاعتبار نقاط عدة:
    ١-الدستور اللبناني الطائفي.
    ٢- سعي اللبناتي لتطبيق اللامركزية ادارية تحت سقف ترسبات حرب ونتاج لواقع باقٍ من فرز مذهبي علينا التنبه له.
    ٣- احزاب ليست علمانية ابدا بل كل حزب يستثمر مذهب هو ينتمي له.
    ٤-والاهم تنبهوا لمن يقدم لكم دراسات قد تكون نتاج لغاية في نفسه ولصالحه وليست لصالح البلد.
    ٥- والاهم عقدة الروابط الداخلية للبعض بالخارج الواجب تفهمها ومراعاة معتقدات بعض الجماعات الخاضعة او المستخدمة من جهات سياسية.
    العفو اذا ما كتبت تعليقي my comment بالعربي وكم اتمنى ان اعبر عن رؤويتي لواقعٍ من تجاربٍ عايشتها باللغة الانكليزية كما بالعربي واكثر

Comments are closed.

حول Hugo Shorter

Hugo Shorter was appointed Her Majesty's Ambassador to Lebanon in September 2015. He presented his credentials on 16 November 2016 following the election of Lebanese President General Michel Aoun. This…

Hugo Shorter was appointed Her Majesty's Ambassador to Lebanon in September 2015. He presented his credentials on 16 November 2016 following the election of Lebanese President General Michel Aoun.
This is his first Ambassadorial position coming straight from personally advising the Foreign Secretary on a wide range of Foreign Policy priorities as Head of External Affairs for Europe Directorate. In this role he has accompanied the Foreign Secretary on a monthly basis to the Foreign Affairs Council of the EU, helping negotiate EU foreign policy decisions in areas such as crisis management, sanctions and military operations. He has also co-ordinated the UK’s foreign policy work on G7/8, including during the UK G8 presidency in 2013 and the G8 Summit at Lough Erne. This work comes after an early-career focus on defence, security and trade policy, and successful postings as Minister Counsellor for Europe and Global Issues, Paris and Deputy Head of Mission, Brasilia.

Hugo Shorter, like many Lebanese, has a special connection to Brazil, having grown up there and attended school in Rio de Janeiro, before taking degrees at Oxford University and the École Nationale d’Administration.

He arrives in Lebanon with his wife Laura and three children.