1 December 2016 Tripoli, Libya
تقديم أوراق الاعتماد
في الأسبوع الماضي حظيت بشرف كبير، ألا وهو تقديم أوراق اعتمادي إلى رئيس الوزراء السيد فائز السراج في طرابلس. حيث قام أربعة سفراء أخريين بتقديم أوراق اعتمادهم في ذات الوقت.
ما معنى هذا؟ ولما هو مهم؟ عادة يتم تعيين السفراء بشكل رسمي من قبل رؤوس دولهم ويعطون رسائل تعيين. هذه الرسائل تقدم طلباً إلى الدولة المستضيفة ” للاعتماد الرسمي الكامل” للسفير لكي يتعامل مع تلك الدولة.
لذا فقد قمت باصطحاب رسالتين معي، كلاهما موقع من قبل جلالة الملكة إليزابيث الثانية. الرسالة الأولى رسالة استدعاء السفير السابق، اما الثانية فكانت لإعلان بانه تم اختيار ممثلنا “الموثوق والمحبوب” بيتر ميليت ” كسفير فوق العادة مفوض “.
تقديم أوراق الاعتماد يتطلب مراسم وبرتوكول. قامت وزارة الخارجية الليبية بعمل ممتاز لضمان سير حفل تقديم الاعتماد بشكل سلس.
مع منتصف النهار، وصلت إلى قلعة السرايا الحمراء في قلب طرابلس والواقعة بجانب ميدان الشهداء. تعتبر السرايا الحمراء من أقدم المباني في مدينة طرابلس ويعود انشاءها إلى الزمن الروماني. تم اصطحابي إلى غرفة الاستقبال والتي امتازت بزخارف وهندسة معمارية عثمانية واضحة.
في وقت الاعتماد، تمشيت مع موظفي المراسم حول الاسوار العليا للسرايا، وعلى مسامعي من بعيد صوت مزمار القربة. في أعلى السرايا توجد ساحة كبيرة مفتوحة، هنالك تواجدت فرقة مزامير قربة تعزف الموسيقي التشريفية. من ثم قامت فرقة موسيقية عسكرية بعزف النشيد الوطني الليبي ببهجة كبيرة.
في داخل القلعة، وقفت امام رئيس الوزراء ووزير الخارجية السيد سيالة. قمت بتقديم خطاب قصير متذكراً فيه تاريخ العلاقات التي تجمعنا بليبيا إبان الحرب العالمية الثانية، إلى استقلال ليبيا في 1951 وثورة 2011.
في خطابي، أعطيت بعض الأمثلة للبرامج التي نقوم بها لمساعدة حكومة الوفاق الوطني في توفير الخدمات الأساسية وتطوير ظروف المعيشة للشعب الليبي. لقد بيّنت بشكل واضح بأن المملكة المتحدة جاهزة لتقديم العون لحكومة الوفاق الوطني لرفع المعاناة عن الشعب الليبي وإعادة استقرار وازدهار ليبيا.
من ثم قمت بتسليم اوراقي إلى رئيس الوزراء. ألقى رئيس الوزراء خطاباً مرحباً بي وباعثاً بأطيب تحياته إلى الملكة ورئيسة الوزراء تيريزا ماي. بعد محادثة سريعة أكملت طريقي إلى الخارج حينها أوقفتني الأوركسترا الليبية لعزف نشيد المملكة المتحدة.
في خروجي أدليت بتصريح صحفي سريع للصحفيين بالخارج، مؤكداً فيه التزامنا للمساعدة في بناء ليبيا. تَمّ سؤالي عن شرق ليبيا حيث بيّنت بوضوح أن وحدة ليبيا هي اقوى سلاح يملكه الشعب الليبي، وأنه عليهم ان يواجهوا الصعوبات معاً.
وماذا في ذلك؟ هل هذه الأبهة والمراسم تعني أي شيء في وقتنا الحديث؟ هل العادات العتيقة في ارسال سفراء خارج بلادهم تعني أي شيء في زمن الأنترنت والفايبر والسفر بالجو؟
بالتأكيد انها تعني الكثير. أولاً، كون قدوم ممثلين عن المملكة المتحدة، فرنسا، ألمانيا، هولندا والاتحاد الأوربي لتقديم أوراق اعتمادهم معاً بكل فخر ما هو إلا دلالة قوية على أن الأوربيون ملتزمون بمستقبل ليبيا على المدى البعيد.
ثانياً، بينما تقع القرارات المصيرية بشأن مستقبل ليبيا على عاتق الليبيين، نحن بدورنا نرغب في مساعدة حكومة الوفاق الوطني في تطوير ظروف معيشة الليبيين. نحن نستطيع تقديم برامج دعم وتدريب ونصائح ومعدات.
ثالثاً، ليس باستطاعة بلد في عالمنا اليوم مجابهة التحديات وحدها. الإرهاب والجريمة المنظمة وتغير المناخ كلها قضايا تحتاج إلى تعاون دولي.
ماهي الخطوة القادمة؟ سوف نبدأ تدريجا بزيادة موظفي السفارة في طرابلس ونتحدث مع الناس ونقوم بزيارة مناطق مختلفة من البلاد ونستمر في تعاملنا مع حكومة الوفاق الوطني في تسيير برامج ذات مساعدة ملموسة. تحدثنا مع شخص بعينه لا يعني دعمنا له، بل نرغب في تفهم وجهات نظره. على حد سواء تقديمنا للمساعدة لا يعني بأننا نتآمر لسرقة ثروات ليبيا. نحن فقط نود في المساعدة لبناء البلد وتحقيق الاستقرار.
تقديم أوراق الاعتماد هو البداية فقط لرحلة جديدة.