Avatar photo

Peter Millett

Ambassador to Libya, Tripoli

4 April 2016 Tripoli, Libya

أن تلين أفضل من أن تنكسر

أيهما أفضل؟ اللّيونة والبقاء؟ أم الانكسار والفشل؟ يتمحور مفهوم التسوية حول هذا السؤال.

لا يمكن لأحد أن يحصل على كل ما يريد. الفوز يصحبه شعورٌ جيد، ولكن لا يمكنك تحقيق الفوز دائماً. في جميع جوانب الحياة، إيجاد “الحل الوسط” غالباً ما يكون الطريقة المثلى والعملية للتقدم إلى الأمام. المساومة أو التفاهم، يجعل الزواج سعيداً والدول ناجحة.

الحياة الأسرية مبنية على الشراكة. ماذا سنشاهد اليوم؟ كرة القدم؟ أم المسلسلات التليفزيونية أم رسوم الكارتون؟ ربما يمكننا السماح للأطفال بمشاهدة الرسوم الكرتونية الآن، ومن ثم نشاهد إعادة المسلسلات هذا المساء ومشاهدة كرة القدم على موقع اليوتيوب في وقت لاحق.

مثلاً، في الحياة الاجتماعية، هل سنذهب إلى السينما أو المطعم؟ ربما سنذهب إلى السينما هذه الليلة ونؤجل الذهاب إلى المطعم الأسبوع المقبل.

في العمل، المدير يطلب إنهاء التقرير هذه الليلة، وأحد الزبائن لم يدفع فاتورته والعمل ينقصه جدول بيانات غير جاهز إلى الآن. هنا يجب على أحد ان يفسح المجال من أجل تقديم التنازلات.

ينطبق هذا الشيء نفسه على الحياة السياسية، سوآءاً كانت محلية أو دولية. قد يقول البعض أن السياسة هي فن التسوية، وحتى انهم يرون أن فن التفاوض هوا السماح لشخص آخر أن يوصلك إلى غاياتك. ولكن أي شخص يتبنى عقلية لا تقبل التفاوض، سوف يخاطر بأن يخسر كل شيء.

(يا قاتل يا مقتول) ليست طريقة فعّالة للعمل. الشراكة والتعاون والتصالح هي الطريق الأمثل للحصول على النتائج.  على سبيل المثال، إذا كنت تطالب برغيف خبز كامل وكانت هناك نسبة مخاطرة ألا تتحصل على شيء، فربما نصف الرغيف يكفيك للوقت الحالي.

التسوية ليست كلمة سيئة، كما أنها لا تدل على الضعف، بل في كثيرٍ من الأحيان تدل على الشجاعة. وهي أيضاً لا تعني التنازل عن القناعات الشخصية أو المصالح الوطنية الأساسية. طالما يحافظ الشخص على قيمه الأساسية، فالأخذ والعطاء يمكن أن يكون في كثير من الأحيان أفضل وسيلة لتحقيق التقدم في قضية شائكة.

فلنأخذ التحديات التي واجهناها في إيرلندا الشمالية كمثال، البعض أراد البقاء في المملكة المتحدة؛ والبعض الآخر أراد ايرلندا الموّحدة. على مرّ 30 عام لقى 3,500 شخص مصرعهم، وأصيب حوالي 47،000 نتيجة العنف الطائفي. في النهاية أدرك القادة أنهم لن يتحصلوا على مبتغاهم بهذه الطريقة وتوصلوا إلى اتفاقية السلام والتي أدت بدورها إلى الأمن والاستقرار وفوائد اقتصادية ضخمة. رجال الدولة الذين تفاوضوا على هذا الاتفاق تمسكوا بمبادئهم وأيضاً في نفس الوقت، قاموا بالتوصل إلى طريقة للعمل معاً من أجل تغليب مصلحة المواطنين.

هل لهذا صلة بليبيا اليوم؟ بالتأكيد. أولئك الذين يريدون الحفاظ على سيطرتهم على السلطة يجب أن عليهم مراعاة معاناة المواطنين؛ الاقتصاد في حالة من الفوضى، والأسعار في ارتفاع متزايد والدولة متجهة إلى الإفلاس. في الوقت نفسه، أظهر تنظيم داعش قدرته في الانتشار وممارسة نشاطه الإجرامي وتهديد حياة المدنيين.

تحقيق الصالح العام لليبيا يكمن في التسوية: حكومة موّحدة وطنية يمكنها رأب الصدع في البلاد، وتحقيق الأمن للمواطنين، وتجديد إنتاج النفط ومحاربة داعش.

معظم الناس يريدون ببساطة أن تكون لهم القدرة على العيش الكريم وتوفير الغذاء لأسرهم، ولكنهم غير قادرين على القيام بذلك في وسط الأزمة الحالية. الليبيون يستحقون الأفضل بعد أن أطاحوا بنظام القذافي. سوف يتحقق الأمن والاستقرار إذا كان الساسة على استعداد لتقديم التنازلات.

بعض الأطراف قد تخسر على المدى القصير، ولكن المجلس الرئاسي -المتواجد حالياً في طرابلس -وحكومة الوفاق الوطني، سوف تبقى فقط لمدة سنة أو سنتان. أولئك الذين ليسوا في السلطة بإمكانهم العمل الأن والتحضير للانتخابات المقبلة.

الليبيين لديهم الخيار: إما دعم حكومة الوفاق الوطني أو مواجهة المزيد من الإرهاب والانهيار الاقتصادي. في هذه الظروف، إن الخيار بين التسوية أو استمرار الفوضى أمرٌ جليّ. والأمر متروك للشعب الليبي أن يقرره.

في هذه الظروف، فإنه حتماً من الأفضل للمرء أن يلين بدل أن ينـكسر.

1 تعليق “أن تلين أفضل من أن تنكسر

  1. Well said. However,If we take as an examples kahlifa Hafter and Salah Badi , those are the main two terminals of the conflict and non of them is ready to present any sacrifice for his country by doing whatever it takes especially using power to prove that his view is the right one while at the same time his people are struggling from daily life needs and terrorist organization of ISIS.

    How will the international community deal with this to support the new government??.

    Please accept my apology for any Linguistic mistakes, I did my best to explain my view.

    Thanks

Comments are closed.

حول Peter Millett

Peter arrived in Tunis on 23 June 2015 to take up his post as Ambassador to Libya. Previously he was British Ambassador to Jordan from February 2011 to June 2015. He was High Commissioner to…

Peter arrived in Tunis on 23 June 2015 to take up his post as
Ambassador to Libya.
Previously he was British Ambassador to Jordan from February 2011 to June 2015.
He was High Commissioner to Cyprus from 2005 – 2010.
He was Director of Security in the Foreign and Commonwealth Office
from 2002-2005, dealing with all aspects of security for British
diplomatic missions overseas.
From 1997-2001 he served as Deputy Head of Mission in Athens.
From 1993-96 Mr Millett was Head of Personnel Policy in the FCO.
From 1989-93 he held the post of First Secretary (Energy) in the UK
Representative Office to the European Union in Brussels, representing
the UK on all energy and nuclear issues.
From 1981-1985 he served as Second Secretary (Political) in Doha.
Peter was born in 1955 in London.  He is married to June Millett and
has three daughters, born in 1984, 1987 and 1991.  
His interests include his family, tennis and travel.