Avatar photo

Peter Millett

Ambassador to Libya, Tripoli

29 July 2015 Tripoli, Libya

حينما يكون الطموح نحو المثالية عدواً للنجاح

يقول الأديب الفرنسي الشهير فولتير ” لا تدع الطموح إلى المثالية يقف حائلاً دون النجاح”. إن هذه المقولة ترتبط بحياتنا وأشغالنا اليومية، كما أنها ترتبط بالسياسة وأيضاً بالوضع الحالي في ليبيا. على الصعيد الشخصي، جميعُنا نطمح إلى الكمال في معظم جوانب الحياة، كالدراسة والعمل وأيضاً أن نكون أفراداً مثاليين في مجتمعاتنا، ولكن يظل تحقيق الكمال شبه مستحيل، فبعضنا يملك مواهب يفتقدها الآخر والعكس صحيح. جميعنا نقترف الأخطاء، والإعتراف بأننا عُرضةً للخطأ هو خطوة أساسية لتصحيح الأمور. كمثال، عند القيام بوظيفة ما، فنحن نقوم بالقيام بأشياءٍ جديدة ونتعرف على آراءٍ مختلفة، ونحاول دائماً الوصول إلى الأفضل. إن التسوية – أي الحل الوسط – تعني أنه لايوجد حلْ مثالي ومتكامل، فليس بمقدور أحدٍ منا أن يرضي دائماً جميع الآراء.

إن الطموح إلى المثالية ليس أمراً سيئاً في حد ذاته، لطالما أن يسعى الفرد دائماً إلى التعلم من أخطائه وللتقدم المستمر، لكنه من الخطأ أن نجعل من الطريق إلى المثالية مدعاةً للتأخر اللامتناهي في إتمام المهمة لمجرد الرغبة في التطرق إلى التفاصيل الثانوية، هذا التأخر قد يؤدي إلى تعقيد الأموربدلاً من تحسينها وإضاعة الفرص بدلاً من استغلالها، ولذلك فإن معرفة أهمية التسوية والتوصل إلى حل وسط يمثل دوراً مهما في إتمام المهام بشكل مُناسب، عوضاً عن اتمامها بشكل مثالي.

هذا المفهوم ينطبق أيضاً على الوسط السياسي، فهناك العديد من أشكال الحكم المختلفة كالحكم الملكي، الجمهوري، الديكتاتوري.. لا يمكن اعتبار أي منهم نظاماً مثالياً، فقد قيل ذات مرة أن “الديمقراطية أسوء أشكال الحكم….”. من المطلوب على كل دولة وضع نظام ديمقراطي خاص بها ليلائم تاريخها و ثقافتها وعاداتها الخاصة. فمثلاً، عند نشأة الصراعات، يكون من الصعب تحييد وجهات النظر المتصارعة، ولكنه لابد من أن يكون التوصل إلى تسوية والقبول بحل وسط جزءاً من مخرجات هذه الصراعات. فعلى الأطراف المعنية التخلي عن بعض وجهات نظرها لتحقيق الخير والصلاح.

إن مثل هذه الظروف، تتطلب أن يكون لدى القادة السياسيين قدرة إدراك المصلحة الوطنية; كمعرفة أهمية التوافق على التسوية والحل الوسط، وأيضاً ادراك أنه لا يوجد هناك حلاً مثالياً.

هكذا هو الوضع في ليبيا. فبعد مُعاناة 42 عاماً من الديكتاتورية وأربعة سنوات من الفوضى، بدأ القادة السياسيين في التدرج للوصول إلى تسوية. فبالرغم من أنه لا تزال هناك بعض المسائل التي تحتاج إلى الحل ، فإن الرغبة في التوصل إلى تسوية متواجدة في النفوس.

إن أعضاء الحوار السياسي يدركون أهمية تغليب المصلحة العامة والتحسين من أوضاع الشعب الليبي وإنعاش الإقتصاد ومواجهة التهديد الإرهابي وتحقيق الأمن والطمأنينة لمدن وقرى ليبيا. هم أيضاً يدركون أنه الآن حان الوقت للوصول إلى تسوية تمثل حل وسط، وأن التأخير في هذا يعني إضعاف الإقتصاد وتقوية شوكة الإرهابيين.

إنه من المهم إدراك حقيقة عدم تواجد حل مثالي، وأنه لا يجب على الأطراف المعنية أن لا تفترض أن جميع مطالبها ستحقق. التوصل إلى تسوية واقعية هو أمر أساسي. في النهاية، حكومة التوافق الوطني ستكون مُدتها سنة أو سنتان كحد أقصى. إن تواصل الجدال حول الأمور الثانوية يصرف النظر عن الأساس: وهو أن ليبيا ليس بإمكانها البقاء على هذا الوضع الفوضوي الحالي.

وفقا لهذا، فإنه قد حان الوقت للقبول بتسوية جيدة عوضاً عن التمسك بأملٍ عقيم بأنه هناك تسوية مثالية قد تكون متواجدة. كما قال الفيلسوف كونفوشيوس ” جوهرة يتخللها الشوائب أفضل من حصى مثالية” بمعنى أنه، أن تملك شيئاً قيماً وغيرمثالي، أفضل من أن تملك شيئاً مثالياً لاقيمة له.

4 التعليقات “حينما يكون الطموح نحو المثالية عدواً للنجاح

  1. هل تستطيع هذه الحكومة ا ان تصنع الامل الي الشعب الليبي.
    قامت الثورات علي النظام السياسي المستبد وعلي حزبه الحاكم الذي افسد الحياة السياسية لسنوات طويلة فازاد فآسد الحياة الاجتماعية ومع الثورات كانت طموحات الشعب كبيرة وامال الناس اكبر في ان تحسن الثورة من حالهم وتحقق لهم الكتير من مطالبهم
    فكان ان رفع الناس سقوفا عالية من الامال وكانت الاحلام واسعة في افضل واحسن في الثورة وما سوف تحققه من ديمقراطية وعدالة اجتماعية وتنمية عادلة وتوزيع خيرات البلاد بصورة منصفة.
    لقد وضع الشعب ثقته في حكومات مابعد الثورة والكثير من الشباب الذين قاموا بالثورة ان الثورة هي الامل المفقود والجنة الموعودة وانها طريق الخلاص لكل عذاباتهم القديمة وان الديمقراطية والحكومات الشعبية هي المنفد لهم من حياة الفقر والظلم والتهميش غير وان كل هذه الامال والاحلام الوردية وهذه الاماني العريضة قد عرفت انكسار وتدحرجا ومع الاسابيع والاشهر السنوات بدات الاحلام تتلاشى وبدا الكتير من الناس يفقدون الثقة في الحكومات التي تعاقبت بعد الثورة وبدات كل الاحلام بخيبت الامل بعد ان وقف الناس علي عجز الحكومات عن تلبية كل او حت بعد الطموحات العريضة حيث فشلت في تحقيق كل السقوف العالية من الاستحقاقات التي مثلت تحديا كبيرا لفكر الثورة.
    لقد كانت سقوف المطالب عالية وكانت الاستحقاقات كبيرة وكانت الاماني كثيرة وكانت الاحلام واسعة ولكن في المقابل وقفت الحكومة التي جاءت بعد سقوط نظام الظلم والفساد علي تركة ثقيلة وعلي تحديات كبري وعلي امكانيات ضعيفة وبموارد مالية كثيرة وعلي سياسيات وبرامج تنموية بعيدة كل البعد علي مطالب الناس لقد وجدت الحكومات واقعا متعفنا وورثت وضعا مدمرا ينخر فيه الفساد وعلي كوارث اجتماعية خلفها النظام السابق من فساد وبطالة وطابور كبير من العاطيلين عن العمل ونقص في الموارد البشرية ولا وجود للجيش في ليبيا وجهات منهكة تجاهلتها الدولة وتعمدت اقصائهافي النظام السابق والحكومات ما بعد الثورة.
    لقد تعاقبت بعد الثورة حكومتين جمعيها تحدث بصوت عال عن الطموحات الكبيرة للشباب وعن احلامهم وامالهم في ان تحقق الثورة كل طموحتهم وجميعها حاول ان يستجيب لكل المطالب التي نادى بها الشعب وجميعها وعد بتحسين حال البلاد وبتحقيق تنمية عادلة بين الجهات غير ان من جاء للسلطة بعد الثورة اصطدم بواقع مريض وبتركة ثقيلة عمرها فوف الاربعين عام وقتلت كل نفس ثوريه ووطنية وحالة الفساد طالت كل القطاعات واقتصاد منهار يقوم علي قطاعات هشة في حاجة الي اصلاحات هيكلية عميقة فخانتها الامكانيات وقلة الموارد البشرية الوطنية فحاولت ان تشتري السلم الاجتماعي بالزيادة في الاجوار بدون اي دراسة اقتصادية وبتشغيل البعض من العاطلين عن العمل في الوظيفة الحكومية بدون اي موهيلات ولكن كل هذه الحلول لم ترض الكتير من الناس ولم يقبل بها الكثير من الشباب الذين ضحو بانفسهم من اجل الحرية وكان حلمهم اكبر من مجرد وعود وكانت امانيهم اكبر من مجرد تشغيل جزئي وطموحاتهم اوسع من مجرد منح مالية.
    ومايمكن قوله اليوم بعد تجربة حكومتين ما بعد المرحلة الانتقالية ما بعد الثورة ان الشعب لم يعد يصبر اكثر علي تحقيق مطالبه وان الشعب والشباب الذين صنعو الثورة وحرابو من اجل الحرية قد نفد صبرهم علي وعود الدولة وان الكثير من الشعب قد فقدت ثقتها في السياسيين والحكومة والمؤتمر الوطني المنهي صلاحيته وهناك خيبة امل في الثورة وفي الديمقراطية والحرية التي لم تغير شيئا من وضعهم.
    ومايمكن قوله ان الحكومات المتعاقبة بعد الثورة قد اجتهدت من اجل تحقيق اهداف الثورة وحاولت تلبية السقوف المرتفعة جدا من المطالب بالزيادة في الاجوار وراهنت علي انجاز المشاريع الكبري وحاولت شراء السلم والامن الاجتماعيين واللاسف الشديد كل هذه المحاولة اذت للفشل والحكومة التي اهدافها تحقيق رغباتهم ومصلحتهم الشخصية من اجل تحقيق اهدافهم وليس من اجل تحقيق اهداف الثورة والشعب.
    وكل ماقامت به هذه الحكومات ما بعد الثورة لم يرتق في نظر الشعب الي تحقيق المطالب الشعبية ولم يلب الاحلام والامال العريضة لمن قام بالثورة وخاصة شريحة الشباب ومن اجل ذلك فان المطلوب اليوم من الحكومة القادمة وحكومة الكفاءات والخبرات ان تحقق حلم الليبين فالامال المعلقة علي الحكومة القادمة كبيرا جدا وان تتقدم باشارات ايجابية علي تحسين الامن والاستقرار للبلاد وتحسين حال الشعب فالمطلوب منها لا ان تقدم الوعود بدون تحقيقها وماهو مطلوب منها هو تقديم مشروع وطني لتحقيق حلم الشعب مشروع تصور مجتمعي يحقق دولة الرفاهية والامن ولاستقرار للبلاد فالمجتمعات حينما تمر بالازمات فانها تحتاج الي من يحقق لها احلامها الاجتماعية والي من يصنع لها الحلول لانتاج الثورة واخراج البلاد من الازمة وصناعة الحلم الاجتماعي في العيش الكريم والشغل المناسب والحياة الكريمة والامن والاستقرار فالان تتحقق كل هذه الاحلام الا من خلال مشروع وطني يحقق العدالة الاجتماعية والتوزيع العادل لخيرات البلاد وتاسيس امن وجيش قوية واقتصاد قوية.
    ومعلوم ان حكومة الكفاءات هي حكومة مدتها قصيرة ومهمتها محدودة وبالتالي لايمكن ان نحملها اكتر مما تحتمل ولكن مع ذلك فان صفة الحيادية والكفاءة والخبرة تحملها مسؤولية ابتكار حلول جديدة لمشاكل البلاد وتضع علي عاتقها مسؤولية وضع القواعد الصحيحة للخروج من الازمة وان تضع البرامج والتصورات الناجعة لتحقيق احلام الشباب وامالهم وما يطالب به الشعب من الحكومة القادمة وهو ان يشعر الشعب ان من يحكمه يسير في الطريق الصحيح فالمطلوب اليوم ليس ان توفر الحكومة الحلول لكل المشاكل التي تعاني منها البلاد فهذا محال وهو مستحيل في الوضع الحالى وعلي كل حكومة تاثى في المستقبل وانما المطلوب منها ان يري الشعب الذي قام بالثورة من اجل الحرية وان تتحسن حاله في الطريق الصحيح من هذه الحكومة وان يتلقي اشارات ايجابية علي ان الحكومة تسير في الطريق الصحيح والسليم وان يقتنع ان هذه الحكومة قد وضعت لغيرها من الحكومات المقبلة القواعد الصحيحة وتصور مجتمعي واضح لمشروع وطني يصنع الامل ويحقق الحلم ويستجيب لكل مطالب الشعب علي المدي المتوسط والبعيد .

  2. A pragmatic message. At present, the ordinary Libyan’s hopes for the country are significantly less ambitious than 4 years ago. He/she will accept another dictatorship, if it brings stability and security.This has not been forthcoming from the multitude of Monty Pythonesque groups of politicians/militias/parties, etc. Douglas Adams’s quote (It is a well-known fact that those people who want to rule people are, ipso facto, those least suited to do it… anyone who is capable of getting themselves made President should on no account be allowed to do the job.) is particularly apt here.

  3. بعد التحية لك
    صحيح أن عدو النجاح في بعض الاحيان هو المثالية المفرطة لدي بعض أطراف النزاع في ليبيا. التنازلات ومن جميع الاطراف هي مصلحة للوطن والمواطن وأبعاد الشر والشررين. وجود المجتمع الدولي وعلي مسافة واحدة دون تغليب أو التحيز لطرف دون أخر ودون غض النظر عن الطرف والذي يعتبر نفسه هو الاقوي مهم جدا عند البحث عن حلول في ليبيا. الجميع لديهم طموحات ولكن ليس علي حساب مصلحة الوطن والمواطن ونتمني من المجتمع الدولي أن يكون حازماً بعض الشي لتنفيذ مسودة الصخيرات وتنفيذها وأعطاء المرحلة الانتقالية مدة سنة وسوف تتحسن ليبيا. من لا يعرف الليبيين لن ينجح في تطبيق المثالية المفرطة ولكن هناك ليبيون يعرفون الليبيين وهم من يكون مساعد في أنجاح الانتقال بليبيا الي الدولة المدنية
    شكراً بيتر علي هذه المقالة الجيدة وتحياتي

Comments are closed.

حول Peter Millett

Peter arrived in Tunis on 23 June 2015 to take up his post as Ambassador to Libya. Previously he was British Ambassador to Jordan from February 2011 to June 2015. He was High Commissioner to…

Peter arrived in Tunis on 23 June 2015 to take up his post as
Ambassador to Libya.
Previously he was British Ambassador to Jordan from February 2011 to June 2015.
He was High Commissioner to Cyprus from 2005 – 2010.
He was Director of Security in the Foreign and Commonwealth Office
from 2002-2005, dealing with all aspects of security for British
diplomatic missions overseas.
From 1997-2001 he served as Deputy Head of Mission in Athens.
From 1993-96 Mr Millett was Head of Personnel Policy in the FCO.
From 1989-93 he held the post of First Secretary (Energy) in the UK
Representative Office to the European Union in Brussels, representing
the UK on all energy and nuclear issues.
From 1981-1985 he served as Second Secretary (Political) in Doha.
Peter was born in 1955 in London.  He is married to June Millett and
has three daughters, born in 1984, 1987 and 1991.  
His interests include his family, tennis and travel.