Avatar photo

Peter Millett

Ambassador to Libya, Tripoli

12 November 2014

قصص عن القمامة

رأينا قبل أسابيع قليلة ثلاثة أولاد جالسين على حافة السلالم عندما كنا نسير من القلعة باتجاه وسط عمان. كنت أصطحب بعض الزوار من بريطانيا بجولة حول المدينة. كان الأولاد بسن السابعة أو الثامنة و كانوا يأكلون رقائق البطاطا (تشيبس) ويشربون العصير وينظرون الى الناس وهم يصعدون و ينزلون السلالم التي تربط هذا الجزء من عمان.

عندما مشينا بجانبهم رمى أحد الأولاد علبة عصير فارغة على قدمي وعندها توقفت وسألته لماذا رمى القمامة على الأرض؟ لماذا كان يجعل مدينته قذرة؟ ألا يفخر بمدينته؟ جعل الشوارع قذرة بالتأكيد وصمة عار؟

حدق الصبية الثلاثة في وجهي ورأيت مزيج من التحدي وعدم الفهم في نظرتهم. لم يقولوا شيئا وبعدها ألقى أحدهم كيس الرقائق على قدمي.

لا حاجة للقول أن ضيوفي أصيبوا بالذهول ولم يستطيعوا عدم ملاحظة أكوام القمامة المنتشرة في الشوارع الخلفية لهذا الجزء من عمان.

في اليوم التالي ذهب الضيوف إلى جرش بواسطة سيارة أجرة وسألوا السائق الأردني سبب وجود هذا العدد الكبير من أكياس البلاستيك والزجاجات الفارغة على جانب الطريق. عبر السائق عن إستيائه ومشاطرته لهم هذا الشعور.

أوضح السائق أن الناس في قريته تصرفوا حيال هذه المشكلة وأنهم تكاتفوا معا وقاموا بتنظيف الشوارع والحقول المحيطة بها. لم يكن هذا مجرد ردة فعل لحظية بل أرادوا تغيير عقلية الناس من خلال تثقيف المواطنين بعدم ترك القمامة خارج منازلهم وأخذ أغراضهم معهم إلى منازلهم عند العودة من النزهة. كانت مهمة صعبة ولكنها أحدثت فرقا.

شعار حملة أهل البلد
شعار حملة أهل البلد

تبني المشكلة هو جزء من فلسفة مبادرة أهل البلد التي أطلقت العام الماضي من قبل مجموعة من الأردنيين مع القليل من التمويل من السفارة البريطانية ومساهمات من بعض الشركات الخاصة. يدل اسم المبادرة “أهل البلد” على أن الناس الذين يقطنون منطقة ما أن يعتنوا بها. لقد انضممت لهم في نهاية الأسبوع الماضي للمساعدة في تنظيف جزء من وادي حيدان قرب مادبا.

كان أربعة فتية أردنيين من عمان جزءا من هذه المجموعة: سعيد وفارس وأحمد ومُلهَم وسألتهم لماذا قرروا المشاركة في هذه الحملة. قالوا أنهم أرادوا أن يفعلوا شيئا لمساعدة الأردن وأنهم يشعرون بالأسى لوجود القمامة في المناطق التي يعيشون فيها من مدينتهم. فالجيران يرمون القمامة خارج منازلهم وحتى يرمون الأكياس من على الشرفة الى الشارع.

السفير البريطاني بيتر ميليت مع متطوعين أثناء تنظيف وادي الوالة
السفير البريطاني بيتر ميليت مع متطوعين أثناء تنظيف وادي الوالة

لقد جاء هؤلاء الفتية للمساعدة لأنهم يهتمون ببلدهم. لقد عملنا جنبا إلى جنب مع كل المتطوعين والتقطنا الزجاجات والأكواب البلاستيكية وعلب السجائر وحتى حفاضات الأطفال المستعملة. جمعنا أكثر من 50 كيس قمامة من 3 مناطق جميلة حيث تضمنت القمامة عدد من الأحذية المتروكة والتي تكفي لفتح متجر أحذية.

لماذا هذه القصص مهمة؟ تحتاج الزجاجة البلاستيكية حوالي 45 سنة لتتحلل عضويا أما العلب المعدنية تحتاج الى200 سنة. ستشكل هذه الأشياء الملقاة في شوارع وطرقات البلد خطرا طويل الأمد على البيئة والصحة. فنحن أثناء هذه الحملة التقطنا فقط النفايات الموجودة على سطح هذا الوادي الجميل.

المبادرات التي تحشد الأفراد من ذوي النوايا الحسنة للخروج لتنظيف أجزاء من البلاد هي مبادرات جيدة للغاية ولكنها لن تحدث فرقا ما لم يتم معالجة السبب الجذري وهو منع الناس من ترك القمامة خلفهم من البداية. يحتاج هذا الى حملة توعية بحيث يدرك كل مواطن أن هناك مسؤولية فردية للرعاية الجماعية للمجتمع. بالطبع من الصعب تغيير السلوك. هناك حاجة إلى حوافز لتشجيع الناس على أخذ تفاياتهم معهم الى البيت وربما حاجة لردع ؤلائك الذين ينتهكون القواعد والقوانين ويتركون القمامة مثل المشاريع التجارية التي تقوم برمي مخلفات البناء في الأرياف.

عاد الزوار الى بلدهم وهم معجبين جدا بزيارتهم للأردن. فقد أعجبوا بالبتراء وجرش ووادي رم ولكن كلماتهم الأخيرة قبل مغادرتهم كانت مؤثرة: “زيارة رائعة وأحببنا الأردن كثيرا ولكن هذه الأكياس البلاستيكية أمر مؤسف للغاية.”

1 تعليق “قصص عن القمامة

  1. شعرت بالاستياء عندما قرات مقالك!
    ولكنني اشعر بالاستياء اكثر عندما اشاهد هذه القمامة ملقاة في شوارع بلدي!
    واسفة لقول ذلك ولكنني اشعر بالقرف عندما اشاهد هؤلاء الاشخاص الذين يرمون القمامة!!

Comments are closed.

حول Peter Millett

Peter arrived in Tunis on 23 June 2015 to take up his post as Ambassador to Libya. Previously he was British Ambassador to Jordan from February 2011 to June 2015. He was High Commissioner to…

Peter arrived in Tunis on 23 June 2015 to take up his post as
Ambassador to Libya.
Previously he was British Ambassador to Jordan from February 2011 to June 2015.
He was High Commissioner to Cyprus from 2005 – 2010.
He was Director of Security in the Foreign and Commonwealth Office
from 2002-2005, dealing with all aspects of security for British
diplomatic missions overseas.
From 1997-2001 he served as Deputy Head of Mission in Athens.
From 1993-96 Mr Millett was Head of Personnel Policy in the FCO.
From 1989-93 he held the post of First Secretary (Energy) in the UK
Representative Office to the European Union in Brussels, representing
the UK on all energy and nuclear issues.
From 1981-1985 he served as Second Secretary (Political) in Doha.
Peter was born in 1955 in London.  He is married to June Millett and
has three daughters, born in 1984, 1987 and 1991.  
His interests include his family, tennis and travel.