13 January 2012 Beirut, Lebanon
قوس التاريخ يميل نحو العدالة
طرحت مجلّة “La Revue Diplomatique” أسئلة على عدّة سفراء لكتابة مقالٍ حول الشرق الأوسط في العام الجديد. إليكم نسخة مقتضبة عن أفكاري:
كان العام 2011 مليئًا بالاضطرابات وقاطعًا للأنفاس بالنسبة إلى المنطقة. بالنسبة إلى السفراء البريطانيّين في الشرق الأوسط في نهاية العام، كان من المفاجئ أن يبدو كل واحد متعبًا إلى هذا الحدّ وأن يشعر بالانهاك إلى هذه الدرجة – وبالمقارنة مع العديد من الأشخاص، نحن مجرّد مراقبين.
أسكتت الثورات العربيّة من احتجّ بأن الرغبة في الحريّة، والحقوق، والكرامة شكّلت مفهومًا غربيًّا نوعًا ما. فبثّت الأمل بحياة أفضل بالنسبة إلى الملايين وأثبتت القوة الصافية التي لا حدود لها لأفضل التكنولوجيا الجديدة المرفقة بأفضل الأفكار القديمة.
أحدث التغييرَ سكّانُ المنطقة أنفسُهم، لا أشخاص يتدخّلون من الخارج. لم يكن، لا في الماضي ولا في الحاضر، نموذج واحد يُناسب الجميع. إنّما النتيجة الصافية قد تكون المنفعة الأكبر بالنسبة إلى حقوق الإنسان والحريّة منذ نهاية الحرب الباردة. لذا، فعلى المملكة المتحدة الاستمرار في الضغط على القادة من أجل اعتناق الاصلاح أو الابتعاد عن طريقه ؛ والكشف عن انتهاكات حقوق الانسان أينما تُرتكَب وتحدّيها.
لا شكّ في أن العنف، والقلق، والشك يطبع هذه التغيّرات. على حدّ قول زعيم صيني مؤخّرًا بشأن الثورة الفرنسية، لا يزال مبكرًا جدًّا إصدار الأحكام بشأن النتائج. ستردّ قوّات النظام السلطوي بقوّة في العام 2012 على من يُطالب بحقوق أكبر. وسيكون التغيير عمل جيل بكامله. لكن لا أشكّ في هويّة الطرف الواقف إلى الجانب الصحيح من التاريخ.
ماذا عن لبنان وسط هذه العواصف؟ نظرًا إلى التاريخ وإلى التنوّع، نحن على صواب لنستعدّ لمواجهة التحديّات التي تتربّص بنا. نظرًا إلى الدول المجاورة لنا، يحقّ لنا أن نأمل بالأفضل بينما نستعدّ للأسوأ. لكن، كل ما شاهدته في الأشهر الأربعة الماضية ههنا يُقنعني بأنّ القوى التي لا تزال تُحافظ على تماسك هذه الدولة الفريدة تبقى أقوى من تلك التي تسعى إلى تفكيكه وأن الغالبيّة المتسامحة فيها تضع أسرها، وظروف عيشها، ولبنان قبل تشجيعات الجهات الخارجيّة للعودة إلى انعدام الاستقرار. قد يسعى البعض في الأسرة الدوليّة إلى تقسيم اللبنانيّين أو خوض حروبه في لبنان. ولا شكّ لديّ في أن دورنا يقضي بمعارضتهم ودعم الوحدة، والتسامح، والسيادة، والاستقرار.
وبالتالي، ومع سوريا التي تُتابع عمليّتها الانتقاليّة نحو مستقبل أفضل، آمل أن نتمكّن من التركيز في لبنان على الفرص القائمة في المستقبل، لا على التحديات في الأشهر المقبلة القادمة. . نعرف، مثل المريض المتوتّر في طريقه إلى الطبيب، نحن نعلم أن هناك بعض الألم . لكنّنا نعرف أيضًا أن لبنان سيتحامل على ألمه. لذا، أمنيتي الأكبر للعام الجديد أن يعزل لبنان نفسه حتى مرور العاصفة.
إذا ما كان لدعم الديمقراطية والحريّة معنى، على المملكة المتحدة والأسرة الدوليّة ألا تتخلّيان عن عمليّة السلام في الشرق الأوسط. يُعتبَر حلّ الدولتَيْن الحل القائم الوحيد، والعادل، والآمن بالنسبة إلى إسرائيل وفلسطين، مهما كانت تحرّكات المتطرّفين من الطرفَيْن المعارضين للسلام. العام 2012 هو عام الانتخابات في الولايات المتحدة، ممّا يعني أن الأطراف الأخرى في الأسرة الدوليّة عليها أخذ المبادرة من أجل مشاطرة مراكز القيادة.
ما هو أكيد أن العام 2012 سيكون، مثل عام 2011، متعبًا، ومُثيرًا، ومليئًا بالمفاجآت والتحديات. لكنّني أبقى متفائلاً، لا سيّما بالنظر إلى الشجاعة، والابداع، والاصرار الذي يتمتّع به اللبنانيّون الذين واجهوا عواصف أعنف في الماضي. بالنسبة إلى المنطقة ، بما في ذلك سوريا، أذكر مقولتي المفضّلة لمارتن لوثر كينغ: “دعونا لا ننسى أنّ لطالما قوس الكون المعنوي طويل، إنّما يميل نحو العدالة”.
انشاءالله