12 November 2014
كل فتاة تولد سليمة فدعوها تنمو سليمة
ذهبت قبل عدة أيام لحضور حدث ملهم. إنه إنطلاقة مُلتقى “سليمة” الإقليمي. وسليمة هي الحملة السودانية لإنهاء ممارسة ختان الإناث وقد ضاقت جنبات مكان الحدث بالناشطات الملتزمات بأهداف الحملة ومن أبرز المُشاركات كانت الدكتورة سميرة أمين أحمد وهي “الأم الرؤوم” لنموذج سليمة للتغيير الإجتماعي، بالإضافة إلى السيدة أمل محمود السكرتير العام للمجلس القومي لرعاية الطفولة وهو جهة حكومية تقود جهود إنهاء ممارسة ختان الإناث.
تبلغ نسبة إنتشار ممارسة ختان الإناث في السودان حوالي 89% وقد كانت هناك محاولات متقطعة خلال العقود الماضية لإنهاء هذه العادة ولكنها لم تتوج بالنجاح. بيد أن سليمة أمر مختلف وذلك لأنها حملة مُستدامة مرسومة بتؤدة وتأن كما أنها تنبع من القواعد وتطمح إلى إنهاء ممارسة ختان الإناث بحلول عام 2018. وأفضل الطرق لفعل ذلك هو تغيير الأعراف الإجتماعية ولهذا فقد تركز الإهتمام على التعليم ورفع الوعي بالمخاطر مع تفريغ الممارسة من أية ظلال دينية. تهدف الحملة إلى تمكين النساء أنفسهن حتى يقدن الركب نحو ثقافة جديدة يكون فيها ختان الإناث الإستثناء وليس القاعدة كما هو الحال عليه الآن بالإضافة إلى العمل على تشكيل شبكات لحماية بناتهن. ولا ننسى أن التشريعات المناهضة لختان الإناث مسألة في غاية الأهمية، ولكن المؤسف في الأمر أن النص الذي يعتبر ختان الإناث غير قانوني قد حُذف في اللحظات الأخيرة من قانون حماية الطفل لعام 2009. نأمل أن يجعل السودان هذا الأمر غير قانوني في كافة أنحاء البلاد. وبطبيعة الحال سيكون هذا موقف عملي يرمز إلى إلتزام الحكومة بإنهاء هذه الممارسة. وفي هذا الخصوص فقد أجازت خمس من ولايات البلاد قانوناً يهدف إلى هذه الغاية.
على الرغم من صعوبة قياس النجاح في مثل هذه الحالات إلا أن المسح الذي أُجري في القرى التي تنشط فيها حملة سليمة يُشير إلى أن الحملة تسير من نجاح إلى آخر. ولهذا فإن بلدان أخرى أبدت حرصها على التعلم والإستفادة من التجربة السودانية وهو الأمر الذي دفع إلى عقد المؤتمر الإقليمي.
تفخر المملكة المتحدة بدعمها لحملة سليمة ونحن نقوم بذلك لأنه حق للمرأة والفتاة السودانية. هذا بالإضافة إلى أن دعمنا هو أحد أوجه دورنا القيادي في محاربة عادة ختان الإناث في كافة أنحاء العالم حيث أنه يُمارس في تسعة وعشرين دولة وكذلك في المجتمعات المهاجرة في كل الدول الغربية بما فيها المملكة المتحدة والتي يبلغ عدد من خضنا تجربة الختان فيها نحو ستة وستون الف أمرأة وفتاة هذا بالإضافة إلى وجود نحو عشرين ألف فتاة تحت سن الخامسة عشرة يتعرضنا لمخاطر الخفاض كل عام.
ولهذا فقد قدمنا – بالتعاون مع اليونيسيف- الدعوة لأكثر من خمسين بلداً وإلى المنظمات غير الحكومية لقمة عُقدت في لندن لمعالجة القضايا المرتبطة بالخفاض والزواج المبكر والزواج القسري. وكان هدف رئيس الوزراء البريطاني الذي إستضاف القمة هو حشد الدعم العالمي لإتخاذ موقف يُعالج هذه القضايا. وقد حثت لندن الحضور على الإلتزام برسم ما يريدون فعله للمضي قدماً في هذا الشأن.
ومن جانبنا فقد أصدرنا تشريعات في عام 2003 أعتبرت ممارسة الخفاض والمساعدة أو الحث عليه جريمة يُعاقب عليها القانون بالسجن لمدة تصل إلى أربعة عشر عاماً. وهذا بالطبع يشمل الفتيات البريطانيات اللائي يؤخذن خارج البلاد إلى دول كالسودان على سبيل المثال لإجراء عملية الخفاض. كانت هناك العديد من الحالات-غير المرتبطة بالسودان- التي تعرض فيها المتهمون لأحكام قضائية في الآونة الأخيرة بالمملكة المتحدة.
لقد حققت القمة نجاحاً منقطع النظير حيث إلتزم المشاركون بالتزامات بعضها مالي وغير ذلك مثل الإلتزام بوضع خطة وطنية جديدة أو رفع مستوى الوعي لدى المجتمعات المحلية. وقد مثلت السيدة أمل محمود السودان في هذه القمة ووقعت على وثيقة القمة نيابة عن جمهورية السودان. وتؤكد الوثيقة- بين أشياء آخرى- على عدم إجبار أي شخص على الزواج أو تزويجه وهو لايزال قاصراً وألا تدفع الفتيات أو النساء للمعاناة الجسدية والنفسية الناتجة من عملية الخفاض. وبهذا فقد الزمت السودان بالإستمرار في الحملة الساعية لإنهاء عملية ختان الإناث في السودان من خلال حملة سليمة.
وسليمة هي حملة سودانية خالصة تقودها نساء سودانيات بدعم من الحكومة والشخصيات المؤثرة من كل أطياف المجتمع بما في ذلك علماء الدين.