16 September 2014
دارفور
لايزال إقليم دارفور يستحوذ على جل إهتمام هذه السفارة حيث أننا على قناعة تامة بعدم جدوى الحل العسكري فيها وأن القتال يجب أن يتوقف وينبغي أن تدخل جميع الأطراف في نقاش يُفضي إلى حل سياسي مُستدام خاصة وأن وثيقة الدوحة للسلام في دارفور توفر المشروع المناسب لذلك، بيد أن العديد الفصائل المتمردة لم توقع عليها كما أن عملية التنفيذ تسير ببطء شديد. وكما أوضح الرئيس، يجب أن يقدم الحوار الوطني حلاً شاملاً للتحديات الكبيرة التي تواجه السودان بما في ذلك مشكلة النزاعات ولكن حتى هذا الجانب أيضاً يُلازمه البطء. إن البيئة السياسية في السودان في هذا الوقت تُفرض القيود على النقاش السياسي الحر وهو أمر ضروري إذا ما أردنا النحاج للحوار الوطني. كما أن الإعتقالات قد شملت العديد من قادة الأحزاب، هذا إلى جانب هنالك أطراف مهمة لم تنضو تحت مظلة الحوار.
وفي هذه الأثناء لايزال الوضع حرجاً في دارفور، فقد شهد مطلع العام حملة متجددة ومُستدامة تقوم بها القوات الحكومية والتي تسببت في أسوأ موجات العنف منذ بداية الصراع. وكما هو الحال دائماً، كان المواطنون الأبرياء هم الأكثر تضرراً وذلك من خلال تزايد أعداد النازحين بالإضافة إلى الإنتهاكات الفظيعة لحقوق الإنسان. بعد ذلك إنخفضت وتيرة الصراع بين الحكومة وقوات التمرد بيد أن التوتر ما بين القبائل ظل يتزايد في كافة أنحاء الإقليم الأمر الذي أدى إلى سفك المزيد من الدماء وتشريد السكان وتقويض الجهود الساعية للمصالحة. عموماً، كان هناك تزايد مثير للقلق في حالات الجريمة في دارفور خاصة إذا ما أضفنا لذلك الإحساس بحالة إنعدام الأمن.
ستظل المملكة المتحدة تعمل بقوة في المجال الدبلوماسي لدعم الجهود الساعية لإنهاء النزاع في دارفور وستعمل على خلق الظروف الملائمة لإنجاح الحوار الوطني. كما أننا أيضاً من الدول المانحة الأساسية التي تعمل من أجل تخفيف آلام المواطن البسيط التي كان النزاع سبباً فيها. وفي هذا الصدد فقد أعلنت المملكة المتحدة عن زيادة تبلغ العشرين مليون جنيه استرليني لدعم المساعدات الإنسانية التي يُقدمها برنامج الغذاء العالمي لدارفور. وبسبب الزيادة في أعداد النازحين في الإقليم – والذين تجاوز عددهم الآن المليوني نسمة- كان علينا أن نضع المساعدات الإنسانية العاجلة على رأس أولوياتنا ونُعطيها الأولوية على العمل التنموي طويل المدى. ولكننا بطبيعة الحال نرغب بالعمل في المجالين متى ما سمحت لنا الظروف وذلك لأن هذا الأمر يُساعد على معالجة الأسباب الجوهرية للصراع.
أما الجانب المشرق من الموضوع هو أن الأشهر القليلة الماضية قد شهدت خُططاً لإنطلاقة لجنة الحوار والتشاور الداخلي في دارفور، خاصة وأن فكرة الحوار الدارفوري الدافوري قد ظلت ولفترة طويلة تكمن في قلب جهود السلام وهي واحدة من أهم بنود وثيقة الدوحة للسلام في دارفور. والهدف من هذه العملية هو إشراك الناس من مختلف أنحاء الإقليم ومن كافة قطاعات المجتمع وذلك للتأكد من أن أي إتفاق سلام يتم الوصول إليه يعكس مخاوفهم وطموحاتهم. ستُباشر لجنة الحوار والتشاور الداخلي في دارفور بالإنفتاح على المجتمع لتدشن مرحلة الحوار على المستوى المحلي وذلك قبل المُضي نحو المشاورات على المستويين الولائي والإقليمي في وقت لاحق.
لقد بذلت لجنة تنفيذ الحوار والتشاور الداخلي في دارفور، بدعم من اليوناميد، جهداً مقدراً في تمهيد طريق المشاورات. فقد إلتقيت أنا وبعض موظفي السفارة بأعضاء اللجنة عدة مرات وقد أثار إلتزامهم وحماسهم إعجابنا. لقد عقدوا العزم على تكون العملية شاملة للجميع ما أمكن وذلك بالوصول إلى أكبر عدد من المناطق بما في ذلك معسكرات النازحين وأبناء دافور في المهجر والحركات غير الموقعة.
كذلك التقينا بالعديد من أبناء دارفور من سياسيين وزعماء قبائل ونُشطاء وصحفيين وقد استمعنا إلى وجهات نظرهم. وقد وجدنا دعماً كبيراً لفكرة الحوار، بيد أننا سمعنا أيضاً أن هناك شكوكاً تتعلق بما إذا كانت لجنة الحوار والتشاور ستكون قادرة بحق على أداء دورها.
نأمل أن تلتزم اللجنة بالمعايير العالية التي تواضعوا عليها ولكنها بطبيعة الحال لن تنجح من غير توفير دعم مالي وإلتزام سياسي من جانب الحكومة. إذ من غير هذا لن يتمكن المشاركون من السفر ولن تتمكن من التحدث بحرية وفوق ذلك كله سيفتقدون للقناعة في أن قراراتهم وتوصياتهم ستجد طريقها للتنفيذ.
جدد مجلس الأمن الدولي في الشهر الماضي تفويضه لبعثة اليوناميد لمدة ثمانية أشهر . وبهذا فإنه يعترف بإنخفاض حدة القتال خلال الأشهر القليلة الماضية وكذلك بإشارات التعاون بين الحكومة واليوناميد في المسائل العملية، ولكنه أعرب في ذات الوقت عن بالغ قلقه بسبب إنعدام الأمن خلال طيلة هذا العام. ويتطلع المجلس إلى تنفيذ مراجعة اليوناميد التي أجريت حديثاً والتي توجهها بالتركيز على المهام الجوهرية ومن أهمها حماية المدنيين.
والخبر السار هنا هو البداية الفعلية لعملية نزع السلاح والتسريح وإعادة الدمج للمقاتلين السابقين المنتمين لمجموعة حركة العدل والمساواة والذين وقعوا على وثيقة الدوحة للسلام في دارفور العام الماضي. نأمل أن تحذوا المجموعات المتمردة الأخرى حذوهم.