5 February 2014
مؤتمر جنيف الثاني: ماذا بعده؟
قال شاب من حمص لقناة البي بي سي الاسبوع الماضي “إن لم نمت من القصف أو القناصة سنموت من الجوع أو البرد”. فقد تم محاصرة أكثر من 2,000 سوري في وسط مدينة حمص لمدة 600 يوم بينما استخدم النظام السوري نهج “الجوع أو الاستسلام” و منع الغذاء والماء والدواء من الوصول الى المواطنين داخل المدينة. لقد لجأ الناس إلى محاولة أكل العشب والنباتات من أجل البقاء على قيد الحياة.
فرض حصار على مدينة ما هو نوع من أنواع التكتيك القاسي و الوحشي الذي تم اسخدامه في العصور الوسطى. فاليوم تقوم الحكومة السورية باستخدام الناس العاديين كسلاح في الحرب و استهدافهم بأسلحة حديثة و إسقاط براميل مليئة بالمتفجرات دون مراعاة من الذي سيقتل أو يصاب بها.
لقد أوضحت صور جوية (قبل و بعد) حجم الدمار في ضواحي كاملة تابعة لدمشق و حماة دمرت كليا و عمدا من قبل الجيش السوري. حيث اضطرت هذه المجتمعات المزدهرة سابقا الى الفرار من منازلهم حيث انتقلرعدد كبير منهم إلى أجزاء أخرى من البلاد و فر العديد إلى الدول المجاورة.
تفيد تقديرات الامم المتحدة الى أن أكثر من 9 ملايين سوري بحاجة لمساعدات إنسانية. فهناك 6.5 مليون سوري فروا من منازلهم وما زالوا في سوريا و هناك 2.5 مليون لاجئ في الأردن ولبنان وتركيا و بلدان أخرى.
التخفيف من محنة هؤلاء السوريين يمثل أولوية قصوى و علينا أن نوفر لهم الغذاء والمأوى و الدواء. لقد قدمت المملكة المتحدة 700 مليون دينار لهذه القضية حيث أنفق الكثير في الأردن ليس فقط في المخيمات ولكن أيضا لمساعدة المجتمعات الاردنية في المدن و القرى التي يعيش فيها السوريين و هذا الدعم سيستمر.
وضع نهاية لإراقة الدماء والعنف هو أيضا أولوية و الطريقة الوحيدة لذلك هي من خلال عملية سياسية. لهذا السبب كان المؤتمر الذي انعقد الأسبوع الماضي والمعروف باسم جنيف الثاني خطوة مهمة لبدء الحوار بين الأطراف المتحاربة.
قبل بدء مؤتمر جنيف الثاني كنا نسمع الناس يقولون انه لن ينجح. فقد كان هناك الكثير من الشك والتشاؤم و كان الأمل ضعيفا. فهذا التشاؤم كان مبررا: مدى جدية النظام بالمشاركة لا تزال تحت الإختبار و وجود الجماعات الإرهابية يعد تهديدا أساسيا. فبعد الأسبوع الأول من المؤتمر من السهل أن نقول أن المباحثات فشلت.
و لكن مؤتمر جنيف الثاني لم يكن من المفروض أن يكون عصا سحرية تحقق حلا فوريا. فالطرفين بعيدين كل البعد عن بعضهما البعض وهناك إرث لثلاث سنوات من الصراع المفتوح بينهما. ولكن تحت الرئاسة الماهرة لمبعوث الأمم المتحد الأخضر الإبراهيمي التقى الطرفان مع بعضهما بشكل يومي و لمدة أسبوع. تم وضع القضايا الصعبة على الطاولة بما في ذلك الحاجة لانتقال سياسي كما اتفقا على أن يجتمعا مرة أخرى.
الحقيقة هي أن الطريقة الوحيدة لإحداث السلام هي من خلال عملية سياسية مبنية على بيان جنيف: الاتفاق على هيئة الحكم الانتقالي بصلاحيات كاملة بما في ذلك صلاحيات على القوات المسلحة وقوات الامن. هذا يعني أن على الأسد أن يرحل. فمن غير المعقول أن يكون هناك حل سياسي بينما لا يزال موجودا. فكلما زادت مدة بقاءه كلما زاد انجذاب المتطرفين الى سوريا. فهذه الجماعات تجلب المزيد من الموت و الانقسام و الدمار و الذي يحتاجه السوريين هو الكرامة و الديمقراطية و التطور.
مؤتمر جنيف الثاني يعني أن العملية ابتدأت و الخطوة التالية واضحة: جهود مضنية للتوصل إلى اتفاق يحقق السلام والاستقرار والأمن في سوريا. هذا سيوحد جميع الشعب السوري بغض النظر عن المذهب او الاصل كما سيأخذ فى الاعتبار آراء النساء من سوريا اللواتي يجب أن يكون لهن دور في هذا النقاش. عندئذ فقط سيتمكن الناس من العودة إلى ديارهم.