12 November 2012
نعم يا رئيس الوزراء!
كان رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون في الأردن الأسبوع الماضي. ربما يتساءل البعض عن كيف يتم الترتيب لزيارة مسؤول سياسي مهم؟ و ما هو الشعور عندما يكون هذا المسؤول الكبير ضيف في منزلك؟ فمثل هذه الزيارات عالية المستوى تعني الكثير لأي السفير وهي تعتبر تتويج للعمل الذي نقوم به. و السفارات تحاول التعرف على البلد الذي تتواجد فيه و مقابلة العديد من الناس ومناقشة القضايا المهمة. ولكن زيارة رئيس حكومتك هي فرصة كبيرة للقيام بشيء مميز و تسليط الضوء على بلدك والإعلان عن شيء جديد.
أول شيء ينتج عن زيارة لرئيس وزراء هو المزيد من العمل وهذا ليس بالأمر الغريب. فمكتب رئيس الوزراء (المعروف في لندن باسم نمبر تين No 10) يريد معرفة القضايا الرئيسية و الأهداف التي نريد تحقيقها من هذه الزيارة. أولويات هذه الزيارة القصيرة كانت واضحة: سوريا و محنة اللاجئين في الأردن و برنامج الإصلاح الاقتصادي والسياسي في الأردن و قضية فلسطين.
أهم شيء في هذه الزيارة هي الترتيبات اللوجستية. فقد اعتمدنا في هذه الزيارة على التشريفات الملكية ودائرة المراسم في وزارة الخارجية. لقد قاموا بعمل رائع من حيث تجهيز المطار و حجز الطائرات المروحية والسيارات وترتيب تفاصيل الاجتماعات. يمكن أن تكون مهمة التشريفات و المراسم مهمة صعبة جدا: الاهتمام بأدق التفاصيل هو أساس اللعبة ولكن عليك أن تأمل أن لا يسبب الطقس و حركة المرور و أمور أخرى بعض المشاكل الغير متوقعة.
و بعد ذلك تأتي وسائل الإعلام. فرئيس الوزراء يسافر مع فريق مرافق له من الصحفيين الذين يقومون بتغذية وسائل الإعلام الأخرى بالمعلومات. و رافق رئيس الوزراء أيضا الصحفي الشهير فرانك جاردنر مراسل بي بي سي ومجموعة من الصحفيين من الصحف البريطانية الرئيسية. فهم أيضا لديهم متطلباتهم و يريدون كتابة الخبر و الحصول على الصورة المناسبة. و على كل ذلك أن يكون في أسرع وقت ممكن.
السفارة لديها اهتمام في نقل الرسالة المراد توصيلها من خلال وسائل الإعلام. و بهذه المناسبة، كان التركيز أثناء زيارة الحدود السورية على ضرورة رحيل بشار الأسد ووقف إراقة الدماء في سوريا. كما أردنا خلال زيارتنا لمخيم الزعتري تسليط الضوء على كرم و حسن ضيافة الأردن و رعايته للاجئين و قمنا بالإعلان عن المزيد من المساعدات البريطانية للجهد الإنساني في سوريا والمنطقة و التي بلغت قيمتها 15.7 مليون دينار أردني. وبذلك يصبح إجمالي مساهمة المملكة المتحدة حتى الآن 60 مليون دينار أردني.
كما أعلنا أيضا عن “إنجازات” انبثقت عن الاجتماع مع جلالة الملك عبد الله الثاني وخصوصا إطلاق مشروع يدعمه صندوق الشراكة العربية البريطاني و هو إنشاء صندوق للاستثمار في المشاريع الصغيرة في الأردن. و “مركز المشاريع” الذي أنشئ بتمويل مشترك من مؤسسة شل وشركة جروفن للتمويل، سيوفر أكثر من 33 مليون دينار لدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة الحجم مما سيولد الكثير من فرص العمل الجديدة. كما أعلنا أيضا أن رئيس الوزراء قام بتعيين مبعوث تجاري للأردن و هي البارونة موريس أوف بولتون.
بالنسبة لانطباعاتي الشخصية عن هذه الزيارة، فقد كان لدي الشرف في قضاء بعض الوقت مع ديفيد كاميرون والاسترخاء معا أثناء المساء و خلال وجبة الإفطار وفي السيارة. كان حقا يريد معرفة المزيد عن الأردن الذي لم يقم بزيارته من قبل. لقد سأل الكثير من الأسئلة التي آمل أن أكون نجحت في الإجابة عليها (و لكن علي أن أعترف أن هناك سؤالين لم أتمكن من الإجابة عليهما على الفور). كان هناك أيضا الاهتمام بنتائج الانتخابات الأمريكية التي كانت تظهر بالتزامن مع زيارتنا للحدود السورية.
بعد إقلاع الطائرة احتفلت مع موظفين السفارة الذين شاركوا في إنجاح هذه الزيارة. ولكن كيف يمكن قياس النجاح؟ من خلال حقيقة أن الرئيس غادر و هو راض عن النتائج؟ أو من خلال حقيقة أن الرسائل الرئيسية لهذه الزيارة تم نقلها بشكل واضح؟ أو ربما سيسألنا هو ما إذا كنا مرتاحين و سعداء و راضيين؟ الجواب واضح: نعم يا رئيس الوزراء!