Site icon Foreign, Commonwealth & Development Office Blogs

لقد تكلم الليبيون

لم أستطع أن أبتعد عن مشاهدة التقارير الإخبارية القادمة من ليبيا و لا عن تويتر كما الكثير من الناس في الأردن وفي بلدان أخرى. و بالرغم من وجود جيوب للمقاومة فإن نهاية كابوس الشعب الليبي لم تعد بعيدة.  فكلما كان القبض على القذافي مبكرا كلما كان أفضل.  لقد شاهدنا و نحن مبهورين صناعة التاريخ في ساحة الشهداء وباب العزيزية و كيف وصلت القوات الليبية الحرة إلى نتائج كانت  تسعى إليها الغالبية العظمى من الليبيين بشكل واضح على مدى سنوات عديدة.  فقد ألقوا ورائهم 40 عام من الدكتاتورية بشجاعة كبيرة والتزام وكرامة.
 
وقد لعب المجتمع الدولي دورا في دعم هذه الحملة الناجحة من خلال حماية المدنيين الليبيين من المذبحة التي أراد القذافي ونظامه إلحاقها بهم، فالطريقة التي عملت بها مجموعة من البلدان ذات المصالح المختلفة و بشكل وثيق معا لتنسيق جهودهم لم يسبق لها مثيل.  كما كانت دول مجلس التعاون الخليجي ودول الجامعة العربية أيضا معنيين بهذا الموضوع عن كثب.  و عملت المملكة المتحدة مع الايطاليين والفرنسيين وغيرهم من الحلفاء الغربيين والعرب في الأمم المتحدة ومنظمة حلف شمال الأطلسي لإنقاذ حياة عدد لا يحصى من المدنيين الأبرياء. فقرار التدخل لم يتخذ باستخفاف ولكن كان من الواضح أنه ضروري وقانوني وصحيح. 
 
ستستمر المملكة المتحدة في تقديم الدعم والمساعدة للسلطات الليبية أثناء مواجهتهم لتحيات المستقبل. النقطة الأساسية هنا هي أن مستقبل ليبيا هو شأن ليبي و لذلك يجب أن يكون بقيادة ليبية. فلقد تعلمنا من دروس الماضي: العمل العسكري كان بتكليف من الأمم المتحدة و القوات الأجنبية لم تشارك في القتال. و القرارات الحاسمة بشأن كيفية انتقال ليبيا إلى دولة حرة وديمقراطية وشاملة هي الآن لليبيين وحدهم حيث أن دور المجتمع الدولي سيتمثل في تقديم الدعم السياسي والشعبي للشعب الليبي أثناء مواجهتهم لتحديات المستقبل.
 
و هذه التحديات هائلة و إحدى الأولويات ستكون لإنشاء مؤسسات سياسية جديدة تقوم على حرية التعبير وسيادة القانون ومجتمع منفتح و ديمقراطي. و أولوية أخرى ستكون لإصلاح الاقتصاد واستخدام ثروة ليبيا الكبيرة بطريقة فشل القذافي القيام بها: تحقيق الرخاء لجميع سكان ليبيا من خلال توفير فرص عمل والتعليم والصحة والرعاية الاجتماعية.  وسوف تكون هناك حاجة أيضا إلى تحقيق الأمن والاستقرار في البلاد.  فيجب على المؤسسات الجديدة أن تضمن أن يعلم كل الليبيين أن السلطات تعمل لمصلحتهم وليس فقط لمصلحة عائلة واحدة وأصدقائها. 
 
إن تلبية توقعات الناس سيكون أمرا صعبا. فالفرحة بإطاحة طاغية و وضع نهاية لكابوس أمر يمكن تبريره تماما.  ولكن الأمر سيستغرق وقت لإعادة بناء ليبيا وخلق مجتمع منفتح وآمن ومزدهر يريده وتستحقه الليبيون. سوف تكون هناك عقبات ضخمة يجب تخطيها وسوف تكون هناك حاجة إلى الصبر. فالمجلس الوطني الانتقالي على استعداد للقيام بدوره كسلطة انتقالية وقام بتحديد خططه للفترة الانتقالية.  و العامل الأساسي سيكون وحدة الشعب الليبي في رغبته لإصلاح بلده المكسور.
 
هذه الثورة الناجحة تؤكد على الأهداف الرئيسية التي وراء سلسلة الثورات في العالم العربي هذا العام: كيفية تحقيق الكرامة للناس العاديين؛ كيفية جعلهم يشعرون بأن صوتهم يسمع؛ كيفية إقناع قادتهم السياسيين أنه يجب الاستماع لإرادة الشعب أو الإطاحة بهم.  هذه الرسالة يجب أن تسمع في دمشق أيضا حيث هناك حاكم أوتوقراطي آخر يستخدم القوة العسكرية ضد المدنيين الأبرياء. لقد تكلم الشعب الليبي و الشعب السوري أيضا لديه صوت.
 

Exit mobile version