Site icon Foreign, Commonwealth & Development Office Blogs

الاحتجاج السلمي أو الإرهاب؟

شهد الأسبوع المضي عشرات الآلاف من المتظاهرين في شوارع المدن السورية يطالبون بنهاية حكم بشار الأسد وبداية للديمقراطية. و مرة أخرى تم مواجهة احتجاجاتهم السلمية بعنف مع تقارير تفيد بأن القوات السورية أطلقت النار على المحتجين مما أسفر عن مقتل أكثر من مئة شخص. و وفقا للبي بي سي و منذ بداية الحراك الشعبي فإن 1,600 شخص قتلوا و 10,000 فروا إلى بلدان أخرى. فـآخر الأخبار عن الاعتداء السافر على مدينة حماه تثبت رفض النظام السوري للمظاهرات السلمية.
 
فالمتظاهرون في سوريا وبلدان أخرى في المنطقة يريدون إسماع أصواتهم و المشاركة في اتخاذ القرارات التي تأخذها حكوماتهم.  لذلك فإن الديمقراطية يجب أن تكون مفتوحة وعلى الحكومات أن تكون مسؤولة أمام الناخبين. فارتفاع المطالب لأنظمة أكثر ديمقراطية ليست حصرية لمنطقة الشرق الأوسط.  فالناس في شوارع حماة تريد نفس الحقوق التي يريدها الناس في لندن وباريس وبرلين.

ولكن كون أن بعض الحكومات ردت على هذه المطالب بالعنف فهذا يولد ردات فعل مختلفة.  فبالنسبة لي لقد اختلطت مشاعري:

• الحزن على الأشخاص الذين فقدوا حياتهم، والخوف من أن يلقى المزيد من الأشخاص حتفهم في سوريا وليبيا قبل أن يحققوا هدفهم الذي يريدونه و يستحقونه و هو مجتمع أكثر انفتاحا.
• الاحترام لشجاعة المتظاهرين الذين لا يخافون من إطلاق النار عليهم، و المصممون على الخروج والتعبير عن مطالبهم من أجل الإصلاح. فإنه شيء عظيم أن يفقد المتظاهرون الإحساس بالخوف الذي أبقاهم وراء الأبواب المغلقة واصبحت لديهم ثقة بانتقاد السلطة. 
• التفاؤل لأن بشجاعة يمكن تحدي الأنظمة الاستبدادية والمتعسفة، فالشعب سيحقق في نهاية المطاف التغيير الدائم الذي سيؤدي إلى مجتمعات أفضل و أكثر ازدهارا وأمانا. 
 
و سبب آخر للتفاؤل هو أن هذه المظاهرات العفوية تدمر الأسطورة التي روجها تنظيم القاعدة على مدى العقد الماضي: ان حملات القتل والاستخدام العشوائي للعنف هي السبيل الوحيد لتحقيق التغيير. 
 
فالناس في الاردن يدركون جيدا هذه الحقيقة بعد الهجمات المروعة في عمان في تشرين الثاني 2005 و التي خلفت 60 قتيل و 115 جريح، معظمهم من المسلمين. فتنظيم القاعدة يفتقر إلى الدعم في الأردن بعد هذه المجزرة المروعة.  
 
و يعرف الأردنيون بالطبع أنهم لا يحتاجون للجوء إلى العنف للتعبير عن آرائهم.  فلديهم الحق في الاحتجاج السلمي.  و الدرس الأساسي في الأشهر القليلة الماضية هو أن التغيير الحقيقي يأتي من خلال إرادة الشعب وليس من خلال الإرهاب. فما حققته الشعوب في الأشهر الأخيرة في تونس ومصر وبلدان أخرى في الشرق الأوسط، أكثر بكثير مما استطاع الارهابيين من تنظيم القاعدة تحققيه في أي وقت مضى.  والوعي لأهمية وحتمية التغيير هو أعلى بكثير من الوعي للأهداف الإستراتيجية لتنظيم القاعدة.
 
فللقيم أهمية بالغة.  فماذا كان يمثل تنظيم القاعدة: قتل عشوائي من أجل عقيدة مشوهة كانت مرفوضه من قبل العديد من علماء الإسلام. و من ناحية أخرى فإن القيم التي يحملها المتظاهرون السلميون ترتبط بكل شخص منا: الديمقراطية تمس حياة كل مواطن. 
فالآن أكثر من أي وقت مضى، أظهر تنظيم القاعدة أنه ليس لديه أية صلة بالحياة اليومية للمواطن العربي العادي.  وانا متفائل انه سيبقى على هذا النحو.
  

Exit mobile version