دفن نيلسون مانديلا اليوم في قرية أهله في كونو، جنوب أفريقيا. خلال الأيام القليلة الماضية كنت أسترجع حياة مانديلا وإنجازاته، وكيفلا – من خلال فن المسامحة والصفح والمصالحة وقوة الحوار – مانديلا أحدث تغييرا في الرؤية واحدث تغيير تاريخي في جنوب أفريقيا. ومع التغيير الذي يحدث حولنا في اليمن، كنت أتساءل ماذا يمكن أن نتعلم من مانديلا.
يوم الثلاثاء الماضي، حضر أكثر من مائة من الرؤساء الحاليين والسابقين لدول أو حكومات للحفل التأبيني لمانديلا لإحياء ذكرى حياته. والمصافحة بين الرئيس الأمريكي أوباما والرئيس الكوبي راؤول كاسترو تبين أن مانديلا يمكن أن يساعد في المصالحة حتى من وراء القبر. كما وضَح الذين حضروا حفل التأبين ، كان مانديلا أحد الزعماء الملهمين وذوي البصيرة الذين أصبحوا أسطورة في حياتهم، ولم ينس ابدأ القيم التي كانت مهمة له.
وكان حلم مانديلا أن يرى المواطنين البيض والسود من أبناء جنوب أفريقيا يعيشون معا كأنداد. وكجزء من “حزب المؤتمر الوطني الأفريقي” نظم مانديلا حركة مقاومة ضد حكومة الفصل العنصري. وقد سجن مدى الحياة في عام 1964 لأنشطته. وكان من الممكن أن تنتهي القصة هناك، ولكنها لم تنتهِ.
بينما كان في السجن، تغلب مانديلا على مشاعر الغضب والمرارة تجاه الحكومة لجميع الانتهاكات والتمييز التي عانى السود منها في جنوب أفريقيا في ظل الفصل العنصري. ولكن ربما الأهم من ذلك أن مانديلا عرف كيف يغفر ويسامح ، وعرف أهمية التطلع إلى الأمام وليس النظر إلى الوراء.
فيمكن لليمن أن تستفيد من دروس العفو والمصالحة والتطلع للأمام والوحدة من خلال حلم مشترك، وقوة الحوار. فهي القضايا ذاتها التي تعاني منها اليمن في المرحلة الانتقالية.
وكما شاهدنا في 2011، الصمغ الذي جمع بين الشباب الثوري و النساء وسائر اليمنيين الفخورين كان هو حلمهم المشترك بإنشاء مجتمع ديمقراطي مسئول وحر. حيث هناك علاقة أساسية بين حكومة تستمع إلى احتياجات شعبها (المياه، الأمن، الكهرباء، الصحة والتعليم)، وشعب يحرك المجتمع المدني وصندوق الاقتراع ليضع في السلطة حكومة تقوم بإيصال هذه الإحتياجات.
اليوم جنوب أفريقيا لا تزال تواجه العديد من التحديات. حتى مع قائد رائد فريد من نوعه، مانديلا لم يستطع تغيير البلد بين عشية وضحاها – وفي الواقع، فهذا لم يكن دوره. كان يتأكد أن كل شخص يتحمل مسؤولية القيام بدوره. في كلماته الخاصة: “إن كنا مهتمين بشكل اساسي باللآخرين في حياتنا الفردية والمجتمعية, لكان ذلك من شأنه أن يقطع شوطا طويلا في جعل العالم مكانا أفضل حلمنا به بحماس شديد “.
واستشعر الخوف لدى بعض اليمنيين أن كل شيء جيد يحاولونه او يقومون به لن يحدث فرقا. ذلك أن ثمن المحاولة ضد المصالح الراسخة سوف تكون مرتفعة للغاية. قدم مانديلا بعض النصائح لكم “تعلمت أن الشجاعة ليست غياب الخوف، ولكنها الانتصارعليها. الرجل الشجاع ليس هو الذي لا يشعر بالخوف، لكنه الذي ينتصرعلى ذلك الخوف “.
وعلى الرغم من صعوبة المهمة ، قال ناصحاً “في كل وقت يبدو الشيء مستحيلاً حتى يتم القيام به” . في بعض الأحيان الانتقال الناجح في اليمن يبدو مستحيلا، ولكن في احد الأيام ومع جهود كل اليمنيين سيتم القيام به.