في مساء الأربعاء، حبس اليمنيين وأصدقائهم من انحاء العالم أنفاسهم رعبا بينما كنا نرى مشاهد كاميرات المراقبة من داخل مستشفى العرضي. لاولائك (خارج اليمن) الذين قد لا يعلمون خلفية الموضوع، ففي الخامس من ديسمبر ٢٠١٣، قامت مجموعة من الانتحاريين ومسلحين يضعون الزي العسكري بهجوم على مستشفى ملحق بوزارة الدفاع اليمنية. هجوم حمل كل بصمات القاعدة في الجزيرة العربية. بنهاية الهجوم والذي تضمن انفجار سيارة مفخخة، تم قتل ٥٢ شخصا وجرح ٢١٢ آخرين معظمهم من المدنيين – المشاهد المصورة من كاميرات المراقبة من داخل المستشفى اظهرت مدى وحشية المهاجمين ودقة حساباتهم التي خلت من اي رحمة. أظهرتهم مشاهد الفيديو وهم يتحركون من غرفة الى غرفة ويقتلون الاطباء والمرضى والمدنيين الغير مسلحين حتى أنهم كانوا يطلقون النار عليهم من الخلف.
في احد المشاهد نرى مدنيين – رجالا ونساء – وقد احتشدوا في احدى الزوايا يبصرون رجلا في زي عسكري. في الوهلة الاولى يبدو أنهم فكروا بأنه قادم لمساعدتهم. عندها يقوم عرضا برمي قنبلة يدوية الى الحشد. تقارير منفصلة تقول بأن ثلاث ممرضات قُتلن بينما كن يحاولن الاختباء من مهاجميهن في دورة المياه. لم يكن هؤلاء الاشخاص مقاتلون ولا قتلوا بغير قصد في النيران المتقاطعة. لقد تم قتلهم عمدا وبدمٍ بارد. عدد من الأجانب الذين كانوا هناك لمساعدة اليمن أيضاً قتلوا ومن ضمنهم عامل إغاثة الماني وطبيبين فيتناميين وممرضات فلبينيتان وهندية.
عانت اليمن من عدة عمليات من نوعية ‘ويستجيت’ ولكن هذه الواقعة كانت على الأرجح الاكثر وحشية. تقول التقارير بأن القاعدة في جزيرة العرب أعلنت مسئوليتها عن الهجوم في اليوم التالي تحت إدعاء انها كانت تستهدف مركز قيادة سري للطائرات بدون طيار. مشاهد كاميرات المراقبة عن الهجوم واستهداف الاطباء والممرضات والمدنيين سخرت واستهزأت من هذا الإدعاء.
الان حاولت القاعدة ان تسحب مسئوليتها – ربما إدراكا منها لشناعة الفعلة التي تسببت بحالة غضب وحنق عنيفة لدى المسلمين واليمنيين وحتى لدى جميع البشر. أتمنى ان تشير تحقيقات الحكومة الى الجناة وحتى ذلك الوقت بإمكاننا جميعا ان نساعد في منع حدوث مثل هذه الاحداث الرهيبة مرة اخرى وذلك من خلال إدراكنا لما هي عليه: محاولة وحشية لاستخدام الارهاب والعنف لمنع اليمنيين من بناء مستقبل ديمقراطي آمن ومزدهر.
مشاهد كاميرات المراقبة اظهرت أيضاً اليمنيين في احسن حالاتهم. قبل الهجوم بقليل، تظهر مشاهد الفيديو اليمنيين والأطباء والممرضات الأجانب يعملون جنبا الى جنب لبناء مستقبل افضل لبلدهم. هذا هو شيء يجب ان لا ننساه. تظهر المشاهد الناس وهم يساعدون بعضهم البعض على الهرب ويخاطرون بحياتهم لإنقاذ الاخرين. هذا تكريم لشجاعة وعزيمة اليمنيين العاديين والذين يرفض غالبيتهم الساحقة العنف والارهاب كسبيل لتقرير مستقبل اليمن.
لا يجب ان يعيق هذا الهجوم ولن يعيق التحول السياسي في اليمن او التزامنا بمساعدة ضمان مستقبل امن وعادل لجميع اليمنيين.
وقع هذا الهجوم في نفس اليوم الذي توفى فيه نيلسون مانديلا. اتصور ان مانديلا نفسه كان ليعتبر انها مهزلة ان يتم السماح لمثل هذا الجور والظلم الوحشي بأن يهدد حوار سلمي وهو شيء ناضل من اجله مانديلا طويلا. من جهتنا، ستستمر المملكة المتحدة في عمل كل شيء في إمكانها لزيادة قدرة اليمن على القضاء على الارهاب ومساعدة اليمن على بناء المستقبل الذي يستحقه ابناءه. سنكون مع اليمن خلال كل هذه الرحلة الصعبة.