على مدى اسبوع كل عام ينتقل قادة السياسات الخارجية في العالم الى نيويورك للمشاركة في لقاء عالمي حاشد لادارة شؤون الدول الا وهو اجتماع الجمعية العامة للامم المتحدة. خلية نحل دبلوماسية حافلة باللقاءات المهمة وان كانت بوتيرة جنونية. قد لا تكون الامم المتحدة مثالية لكن لم يشهد العالم بعد حتى اليوم فكرة أفضل منها للتعايش العالمي.
انها مناسبة مهمة للبنان هذا البلد المحاصر بآثار الازمة السورية والذي يشكل بتنوعه الاستثنائي وتسامحه كابوسا لداعش هذه الدولة اللا-اسلامية التي تريد وجودا لها هنا.
هذا العام تتخلل الجمعية العامة للامم المتحدة ثلاث محطات مصيرية بالنسبة الى لبنان.
أولا، اجتماع مجموعة الدعم الدولية في 26 ايلول/سبتمبر. ستبحث هذه المجموعة التي تلتئم للمرة الثالثة في ذكرى تأسيسها الثانية في الدعم الذي يمكن ان تقدمه الاسرة الدولية للبنان وكيف يمكن للبنان ان يدعم نفسه بشكل افضل. ربما الجانب المضيء للازمة السورية وتهديد داعش يتمثل بالدعم المتزايد الذي يقدمه عدد اكبر من الدول خاصة الى الجيش اللبناني. بالنسبة الى بريطانيا، نحن عازمون على تقديم المساعدات الانسانية الى جانب تعزيز التنمية على المدى الطويل خدمة للمجتمع اللبناني المضيف واللاجئين على حد سواء. خلال هذا الاجتماع سيحذر اصدقاء لبنان الدوليون من مخاطر استمرار الفراغ في سدة الرئاسة اللبنانية.
ثانيا، مبادرة لا لضياع جيل. سيتفق عدد متزايد من الدول الداعمة للبنان والمجتمعة على كيفية العمل مع الحكومة اللبنانية لتأمين التعليم لكل طفل في لبنان. وفي هذا المجال ما زالت بريطانيا تقدم أفعالا وليس أقوالا. فقد اعلنت وزيرة التنمية الدولية البريطاينة جستين غرينينغ تعهدا بقيمة 31 مليون جنيه استرليني دعما للتعليم في لبنان. وكانت بريطانيا بذلت جهودا جبارة من اجل تحقيق ذلك بالتعاون مع وزير التربية اللبناني ومستفيدة من الدعم والعمل الجيد الذي قام به حتى اليوم الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة الاميركية ووكالات الامم المتحدة. نحن نريد ان نقر ههنا بأن المجتمعات اللبنانية في كل انحاء البلاد تجاوبت مع الازمة السورية استجابة سخية ونريد ان نستثمر في مستقبل هذه المجتمعات وفي مستقبل لبنان.
ثالثا، المحادثات الايرانية السعودية. ان لبنان بحاجة ماسة لمتنفس. مع ان أحدا لا يقلل من اهمية الخلافات بين ايران والمملكة العربية السعودية حول مسائل اقليمية الا ان الخوض في حوار منتج اساه المزيد من الاحترام من شأنه ان يساهم في التخفيف من الاحتقان. يخطئ القادة اللبنانيون ان اعتقدوا ان حلا سحريا سيهبط عليهم فجأة انما عليهم ان يستفيدوا من اي تغيير لايجاد وسائل جديدة للعمل سوية. ولكن يجب اغتنام أي فرصة قد تأتي.
تنعقد الجمعية العامة للامم المتحدة على خلفية المداولات الجارية في اوساط المجتمع الدولي حول افضل طريقة للتصدي لارهاب داعش وترهيبه. في لبنان، هذا يعني دعم القوى الامنية المنتشرة على الحواجز في مواجهة داعش والتي يحتجز بعض عناصرها كرهائن في بعض الاحيان. وهذا يعني ايضا ان على الاكثرية الصامتة التي تدعم تنوع لبنان ان تصرخ بصوت اعلى في وجه الذين لا يدعمون هذا التنوع. وهذا يعني عدم الرضوخ للترهيب او التسليم للقدر المحتم. وهذا يعني بناء سيادة لبنانية فعلية للمرة الاولى على الحدود. وهذا يعني عدم تحويل اللاجئين الى كبش فداء لا سيما وان 78% منهم نساء واطفال.
يجب الا نستهين بالتحدي ولا بالشجاعة التي يتطلبها. ولكن يجب الا نستهين ابدا بقدرة الشعب اللبناني على التكيف والنهوض.
قلة هي الدول في العالم التي تتواجد فيها الامم المتحدة بشكل كبير كما هي متواجدة في لبنان من قوات حفظ السلام في الجنوب الى وكالات الاغاثة، وأنا شهدت على العمل الاستثنائي الذي تقوم به. يمكننا ان ندعم قدرة لبنان على التكيف والنهوض لكن فقط عندما يركز لبنان على سر قوته الا وهو ان يكون أمة متحدة.