2 September 2014
وقت الشاي في السودان
قمت قبل أيام قلائل بزيارة لشركة سودانية لإنتاج الشاي. إنها ليست أية شركة شاي في الواقع، إنها شركة كوفتي التي تنتج أكثر العلامات التجارية شهرة في السودان (على الأقل شاي الغزالتين) والمسيطرة على غالبية السوق.
وتُعد الشركة، كغيرها من الشركات السودانية التي قمت بزيارتها، مكاناً رائعاً للغاية. وقد إنتقلت في الآونة الأخيرة إلى مبنى حديث الطراز في الخرطوم بحري. وقد وطنوا عملية الخلط الأساسية من كينيا وذلك لضمان تحقيق الجودة إلى أقصى حد ويتضح ذلك من خلال إستثمارهم في إستجلاب أحدث الآليات التي إستورد بعضها من المملكة المتحدة وقد أسهموا بذلك في توفير فرص العمل للمئات من الموظفين الأمر يرفدهم بفرص التدريب والتطور الوظيفي. كما أن الشركة تُحظى بمدراء –وملاك- في منتهى الكفاءة والكرم.
تستورد الشركة السلعة (الشاي) ومن ثمة تُعالجه (تخلطه) وبعد ذلك يُباع في السوق المحلي. إن مسألة توفير العملة الصعبة تُعد من القضايا الكبرى خاصة وأن فرص إيجاد بنوك أجنبية تتولى عملية القيام بالعمليات المالية للشركات السودانية تزداد صعوبة يوماً بعد يوم، ومع ذلك مازالت العديد من الشركات تكافح في ظل هذه الظروف الإقتصادية الأمر الذي يدفع العديد من الموظفين الذين تدربهم الشركة للهجرة بحثاً عن وضع أفضل في بلدان أخرى.
ويبدو لي أنه من الإستحالة بمكان أن يتعايش بلد ما مع هذا الخليط المؤلف من نقص العملات الأجنبية والعزلة من النظام المصرفي العالمي وهجرة الأدمغة المتمثلة في أفضل الكوادر والعمالة الماهرة. إن الموطن البسيط هو الذي يتلقى النصيب الأكبر من المعاناة وهذا الأمر لن يتغير إلا بتغير البيئة السياسية في السودان. ومن هنا تنبع أهمية الحوار الوطني. فالحوار الوطني الناجح والشامل للجميع والذي يُعالج كافة القضايا التي طرحها الرئيس البشير عند إطلاقه لمبادرة الحوار لن تغير السودان فحسب، بل وسيُسهم في تحرير إقتصاده ويُعيد علاقاته مع المجتمع الدولي.
وهذا هو السبب الذي يدفع المملكة المتحدة للإستمرار في دعم الحوار الوطني الشامل والجامع وهو ما يحدونا لتشجيع كل من لديه أي دور ليلعبه للمشاركة وسنستمر في التحدث علناً ( كما فعلنا مؤخراً) ضد أية أفعال من شأنها أن تحرف الحوار عن مساره.
ونتمنى أن يتمكن السودانيون جميعهم من التطلع إلى مستقبل زاهر ويستمر في الإستمتاع بتاول أقداح الشاي.
لم نسمع رايك في اعلان باريس وتداعياته في الداخل من إعتقال لنائب رئيس حزب الامة القومي الدكتورة مريم الصادق المهدي والتضييق على الحريات ومحاولة إغراق الحوار في ما يسمى بالحوار المجتمعي واثر ذلك على مسار الحوارالشامل المنشود