يوم المرأة العالمي – التغيير المُلهم

ستحتفل العديد من الشعوب حول العالم بيوم المرأة العالمي في الثامن من مارس من كل عام. يأتي إحتفال هذا العام تحت شعار “التغيير المُلهم”. لقد إلتقيت بنساء من مختلف أنحاء السودان ممن حققن بالفعل هذا الشعار، فقد حققن تغييراً في إدارة الأعمال التجارية وفي مجال التعليم وفي أوساط المجتمع المدني أو في مجتمعاتهن المحلية.

هناك العديد من الأمثلة الباهرة للدور الذي يمكن أن تلعبه المرأة في المجتمع السوداني والحياة العامة. فجامعة الأحفاد للبنات تعد من الرواد في مجال تعليم المرأة في السودان وهي المهد الذي ترعرعت فيه العديد من الخريجات الرائدات. تمنح نظام المحاصصة المرأة نسبة 25% على الأقل من التمثيل في البرلمان وقد تناهت إلى مسامعنا أصوات تنادي بمضاعفة هذه الحصة. تلعب المرأة دوراً بارزاً في دارفور وبالتالي فمن الأهمية بمكان أن يُشركن في عملية صناعة السلام فهن اللائي يعانين من تأثير الحرب الذي يلمسنه في أبنائهن ودمار دورهن. هناك أيضاً العديد من النساء في السودان ممن يُدرن مشاريع تجارية ناجحة قد فتحن الطريق لأخريات ليدلين بدلوهن ويُسهمن إسهاماً إيجابياً في إقتصاد البلاد. ونتمنى أن تُلهم سماح القاضي، الفائزة بمسابقة مشروعي، العديد من الفتيات حتي يبحثن عن فرص لإرتياد مشاريع ريادة الأعمال في السودان.

بيد أن التحديات الكبيرة التي لاتزال تواجه المرأة في شتى أنحاء العالم، ولا سيما السودان،  قد ألقت بظلالها على هذه النجاحات. وقد القت حملة “ون بليون رايزنغ” التي أُقيمت في الرابع عشر من فبراير الضوء على واحدة من هذه التحديات داعية لوضع حد للعنف ضد المرأة. بيد أن الأسبوع التالي لهذا الحدث قد شهد محاكمة الفتاة الأثيوبية التي أدانتها المحكمة بإرتكاب الفاحشة من غير أن تنظر في دعواها المتعلقة بتعرضها لإغتصاب جماعي. وكذلك تأتي التقارير من دارفور تترى تتحدث عن إنتشار العنف الجنسي ضد المرأة والطفل، ولهذا يجب بذل المزيد من الجهود لمعالجة هذا الأمر.

ستستضيف المملكة المتحدة قمة في لندن من الحادي عشر إلى الثالث عشر من يونيو 2014 تهدف إلى وضع حد للعنف الجنسي في مناطق النزاعات، وستكون أكبر قمة من نوعها تُعقد لتدارس هذا الأمر وستعمل للتوصل إلى إتفاق يهدف إلى أن تتخذ الدول خطوات عملية تُفضي إلى القضاء التام على ثقافة الإفلات من العقاب في قضايا الإغتصاب التي تحدث في المناطق المتأثرة بالحرب. وستُقدم الدعوة للمئة وسبع وثلاثون دولة التي وافقت حتى الآن على إعلان الإلتزام بوضع حد للعنف الجنسي في مناطق النزاعات والذي أطلقه وزير الخارجية في الجمعية العامة للأمم المتحدة العام الماضي.

وستقدم القمة إتفاقيات عملية وطموحة بهدف جمع البلدان المتأثرة والمانحين والأمم المتحدة وغيرها من المنظمات ذات العلاقات المتعددة والمجتمع المدني وذلك بناءً على الإلتزامات السياسية والزخم العالمي الماثل اليوم لإنهاء العنف الجنسي في مناطق الصراعات.

لم يوقع السودان حتى الآن على هذا الإعلان ولكنه موقع على إتفاقية البُحيرات العُظمى. كما أن مكافحة العنف هو واحد من العناصر الأساسية في خطة عمل حكومة السودان المتعلقة بمكافحة العنف ضد

المرأة، بيد أن التحدي الأكبر يكمن في وضع هذا الالتزام موضع التنفيذ.

وبطبيعة الحال السودان ليس البلد الوحيد الذي يتعامل مع مثل هذه القضايا. ففي المملكة المتحدة هناك ما يُقدر بنحو 66 الف إمرأة وفتاة وقعن ضحايا لختان الإناث. الطالبة فاهمة محمد ذات السبعة عشر عاماً تقود حملة للمساعدة في القضاء على هذه الممارسة الهمجية. جاءت فاهمة إلى المملكة المتحدة من الصومال وعمرها لم يتجاوز السبع سنوات. إنها تُريد أن تبذل الحكومة المزيد من الجهد لمعالجة هذه القضية وقد ظلت تعمل بنشاط على حث الوزراء للقيام بدور في هذا الصدد. وختان الإناث بطبيعة الحال ليس قانونياً في المملكة المتحدة.

ولقد كان لتدخلها الشخصي وتعاونها مع القائمين الأخرين بأمر الحملة القدح المُعلى في لفت إنتباه العامة لهذا الموضوع. وقد قالت قبل فترة وجيزة: “إننا لن نصمت، لن نسكت مطلقاً. لقد أمضينا وقتاً طويلاً حتى أصبح الناس يتحدثون عنه. ولا يهمنا كم من الوقت سيمضي حتى نجعل الناس ينصتون إلينا”.

إن الوصول إلى النجاح يأتي عن طريق توفر الفرص، وقد وجدت فاهمة الفرصة لإحداث تغيير حقيقي ويمثل مصدر إلهام لنا جميعاً.