27 January 2014
زيارة وزير شؤون أفريقيا بالخارجية البريطانية للسودان
جاء السيد مارك سيمنز الأسبوع الماضي لزيارة السودان، وهو وزير شؤون أفريقيا بوزارة الخارجية البريطانية. لقد أمضي يومين هنا في إجتماعات مع وزراء في الحكومة وكبار المسؤولين وممثلي عدد من الأحزاب السياسية والمجتمع المدني ورجال الأعمال. كما إستقطع بعض الوقت للذهاب في رحلة قصيرة لمشاهدة غروب الشمس على النيل.
هدفت الزيارة لتحقيق هدفين، الأول يتعلق بدور السودان في المنطقة والآخر يتعلق بالسودان نفسه. فيما يتعلق بالإجندة الإقليمية، كان هناك نقاشاً مستفيضاً عن جنوب السودان، وقد كان ذلك فرصة للمملكة المتحدة والسودان لمناقشة الأزمة هناك، إذ ليس هناك بلداً يعرف جنوب السودان أكثر من السودان، كما أن للمملكة المتحدة نفسها علاقة تأريخية طويلة مع السودان/جنوب السودان وقد لعبت دوراً كبيراً في العملية التي أدت إلى إستقلال جنوب السودان. كلانا ينتهج النهج نفسه، وإن كان ذلك بطرق مختلفة، فيما يتعلق بالأزمة الراهنة ألا وهو دعم مبادرة الإيقاد (والتي يدعمها السودان من الداخل والمملكة المتحدة من الخارج) من خلال تشجيع الجانبين على الإتفاق على وقف إطلاق الناروالإنفتاح نحو التفاوض. وكما قال الرئيس البشير في جوبا، فإن الطريق الوحيد لحل هذه الأزمة يأتي من خلال الحوار وليس القتال.
لقد سلم السيد سيمنز وأقر الموقف المسؤول الذي إتخذه السودان في نهجه في التعامل مع جنوب السودان، وإعترف بما يشعر به السودانيون بطبيعة الحال من قلق متعاظم جراء التأثير السياسي المحتمل للأحداث الجارية هناك على السودان نفسه.
كما ناقش عدداً من القضايا الإقليمية الأخرى (الصومال وجمهورية أفريقيا الوسطى) والتي للسودان فيها خبرة ويلعب فيها دوراً.
بطبيعة الحال أمضى السيد سيمنز معظم وقته في السودان يتحدث عن السودان. فقد ناقش مع السودانيين الذي التقى بهم القضيتان الكبيرتان التان تشغلان تفكير معظم أفراد الشعب السوداني في هذا الوقت وهما قضية الإصلاح السياسي والتحديات الإقتصادية. هناك إجماع واسع على ضرورة الحوار الوطني لمعالجة بعض القضايا السياسية والدستورية الضاغطة. كما يبدو أن هناك توافقاً على ضرورة أن يكون الحوار موسعاً وشاملاً ليضم مجموعات من مختلف الوان الطيف السياسي وغيرها بما في ذلك المجموعات المتمردة شريطة الموافقة على وقف القتال. لقد إستمع السيد سيمنز إلى العديد من الأطراف التي لها مقترحات خاصة في هذا الشأن. ولكن حتى الآن لم يحدث تقدم يذكر في هذا الصدد. ومع إقتراب الإنتخابات، لاتزال القضايا الرئيسية باقية وتتمثل في ضرورة خلق البيئة السياسية التي تُحترم فيها حقوق الإنسان وتتوفر فيها حرية التعبير والتنظيم والتجمع والنشر من غير خوف من العقاب، وأن تشعر فيها كل الأحزاب السياسية بالقدرة على التنافس من موقع المساواة في إنتخابات حرة ونزيهة. لقد قُدم تنويراً للسيد سيمنز عن النزعات المثيرة للقلق في بعض هذه القضايا وقد أثار ذلك قلقنا مؤكدين على صدمتنا من الإستجابة التي واجهت بها السلطات المتظاهرين في شهر سبتمبر الماضي.
من الصعب جداً أن يزور الإنسان السودان من غير أن يكون مُلماً بالتحديات الإقتصادية التي تواجهها البلاد، فقد كان هناك نقص في الخبز والوقود عندما كان هنا، وقد سمع عن ظروف الحاجة الإقتصادية العصيبة التي يعيش فيها ملايين السودانيين.
وعلى هذه الخلفية، فقد قُدمت له أسئلة كثيرة عن دور المملكة المتحدة فيما يتعلق بإعفاء ديون السودان. وكما أوضح هو، نحن نُشجع السودان من خلال عملية ستُفضي إلى إعفاء ديونه. هذه العملية هي مبادرة الدول الفقيرة المثقلة بالديون أو ما يُعرف بالهيبك. ولكي تُصبح كل الدول مؤهلة، عليها أن تتخذ إجراءآت ملموسة لمعالجة الفقر، خاصة فيما يتعلق بتخصيص مبالغ مالية حكومية للخدمات التي يستفيد منها الشعب مثل الصحة والتعليم. وهذا بالطبع ليس ضرورياً فقط لإعفاء الديوان، ولكنه الشيء الصحيح الذي ينبغي فعله. وضع السودان بعض اللبنات الأساسية ولكن لايزال المشوار طويلاً. وكما قال السيد سيمنز ” الكرة الآن في ملعب السودان”.
يُعد الصراع واحداً من أسباب الفقر، وقد أثار السيد سيمنز مخاوفنا المتعلقة بتزايد الصراعات ونزوح السكان المحليين في دارفور والوضع في النيل الأزرق وجنوب كردفان. لازلنا نؤمن بأن عملية الدوحة تمثل أفضل السبل للمُضي قُدُماً في قضية دارفور شريطة أن تفي كافة الأطراف بتعهداتها وأن تقوم الحركات المتمردة، غير الموقعة حتى الآن، بالتوقيع على وثيقة الدوحة. وفيما يتعلق بجنوب كردفان والنيل الأزرق فقد أكدت الحكومة على رغبتها في بدء المفاوضات مع الحركة الشعبية لتحرير السودان قطاع الشمال. وفي غضون ذلك لايزال القتال والقصف مستمراً ولاتزال إمكانية وصول المساعدات الإنسانية، والتي ضغط السيد من أجلها، مقيدة.
واحدة من نقاط القوة في السودان هي شعبه، وقد سنحت الفرصة للسيد سيمنز ليلتقي بعضاً من المتانفسين في برنامج ” مشروعي” والذي إبتدرته ودعمته المملكة المتحدة بالإشتراك مع القطاع الخاص في السودان. لقد إلتقى بشباب يفيضون إبداعاً وحماسة ويحرصون على تطوير أفكارهم في مجال الأعمال التجارية. وسيكون الختام منقولاً على قناة النيل الأزرق في الثلاثين من يناير، فلا تدعو فرصة مشاهدته تفوتكم