في كل عام، منذ إنتهاء الحرب العالمية الأولى في عام 1918 في الساعة الحادية عشرة في اليوم الحادي عشر من الشهر الحادي عشر، نقف، في أقرب يوم أحد لهذه المناسبة، لنحتفل ونُحي ذكرى كل أولئك الذين قضوا نحبهم نتيجة للصراع وما نتج عنه من تداعيات. السودان، للأسف، ليس غريباً على الصراعات وما يتمخض عنها من تكلفة بشرية.
لهذا فقد قمنا في يوم الأحد العاشر من نوفمبر بإحياء هذه الذكرى في مقابر الكومونويلث بالخرطوم. لقد تكرمت حكومة السودان بتوفير الموقع الذي جُمعت فيه رفات الجنود الذين قضوا نحبهم في الحرب من مختلف المواقع، وهو يُمثل المكان الأخير الذي يرقد فيه نحو الف من ضحايا الحرب من عدة دول، حيث سقط بعضهم في السودان وأثيوبيا وإريتريا خلال الحربين العالميتين الأولى والثانية وغيرهما من الحملات. وتضم مدنيين وعسكريين، مسيحيين ومسلمين وهندوس وآخرين من مُعتقدات أخرى وبالإضافة إلى من لا دين لهم.
كان الحفل بسيطاً ، و بدت المقبرة بشكل جميل، بل كانت حديقة أحسن الحفاظ عليها بقلب الخرطوم ويقوم على رعايتها موظفون سودانيون ملتزمون. تحت أشعة شمس الصباح المتألقة البهية، عزفت الموسيقى في المحطة الأخيرة لهؤلاء الجنود وقد كانت بواسطة فرقة موسيقية عسكرية في الوقت الذي قمنا فيه نحن بوضع أكاليل الزهور التي ترمز إلى تذكُرنا لهم. بيد أن تجوالنا حول حجارة المقابر فيما بعد فقد هادئاً. كان معظم أولئك الذين لقوا حتفهم شباباً لا يكادون يصلون إلى العشرين من أعمارهم.
لم يكن الإحتفال فقط من أجل أولئك الذين سقطوا في الحربين العالميتين، بل كان مناسبة لنتذكر كل الذين لقوا حتفهم وهم يُحاولون إنهاء الصراعات وجلب السلام، وهذا يشمل عمال الإغاثة والعمل الإنساني والدبلوماسيون والجنود وضباط الشرطة وجنود حفظ السلام من كل الجنسيات والعقائد.
نذكر في السودان على وجه الخصوص ضحايا الحرب العالمية الثانية السبعمئة وستة وخمسون ضابط بالجيش والشرطة. لقد شاركت قوة دفاع السودان في الحملات على أثيوبيا وإريتريا ومصر وليبيا وذلك خدمة لبلادهم وجزء من المجهود الحربي للحلفاء. على الرغم من حذف أسمائهم من النُصب التذكارية بناء على طلب الحكومة السودانية، إلا أننا لن ننساهم ونتمنى أن تُحي ذكراهم في يوم من الأيام في نُصُب تذكارية وطنية.
كان الإحتفال أيضاً في ذكرى أولئك الذين لقوا حتفهم في خدمة السلام في دارفور حيث فقدت قوات اليونامد 173 فرداً من أفرادها تأسيسها بالإضافة إلى 12 فرداً من قوات اليونسفا في أبيي.
إنه لأمر جيد وصحيح وسليم أن نتذكر من رحلوا عن دنيانا، ولكن الصراعات لا تزال مستمرة. ولهذا فإن تذكُرنا لهم يُصبح حافزاً لنا لنُلزم أنفسنا بالمساعدة على إنهاء الصراع والعنف والموت في السودان ومناطق أخرى حول العالم. ولسفارة المملكة المتحدة، والمجتمع الدولي، دور تلعبه في هذا الأمر، إذ أن جل أعمالنا تُركز على محاولة تيسير ودعم العملية التي يقودها السودانيون لخلق بيئة سياسية متعددة ومتسامحة تسمح بحل الخلافات السياسية بالطرق غير العنيفة.
لقد كانت إحتفالية العاشر من نوفمبر تذكيراً بأهمية مواصلة هذا العمل.