تشرفت بتلقي الدعوة في الاسبوع المنصرم للتحدث لمجموعة مميزة من السفراء والأكاديميين والصحفيين وأعضاء المجتمع المدني في السودان وذلك بمركز دراسات المستقبل. ولقد تحدثت عما أتحدث عنه دائماً ألا وهو العلاقات البريطانية السودانية، وهو ما تقوم به السفارة هنا، وكذلك عما نحاول تحقيقه.
يُقال أنك لو أردت إيصال رسالتك فما عليك إلا أن تكررها حتى تُصاب بالممل من سماعها ومع ذلك فإنني لم أصب بالملل من سماع الرسالة المتعلقة بالمملكة المتحدة والسودان بل أعتقد أنها مُثيرة للإعجاب. وقد يرجع السبب في ذلك إلى أنني لم أقم بإيصالها بصورة كافية بعد، ولهذا عليّ أن أمضي قُدماً لأنني متأكد من أن هناك العديد ممن لم يسمعوا هذه الرسالة.
حتى تلك النخبة المتميزة التي خاطبتها، والتي ضمت عدداً من سفراء السودان السابقين لدى المملكة المتحدة قالوا أنهم عرفوا شيئاً جديداً عن دور السفارة في السودان. ولكن مع ذلك كان من الواضح انني لم أستطع إقناع الجميع بما قلت.
لقد أكدت على أن المملكة المتحدة تُريد أن تعمل مع السودان على تحقيق الرؤية السودانية لهذه البلاد ولقد اقتبست من إتفاق التعاون بين السودان وجنوب السودان الذي وقعه الرئيسان عمر وكير في أديس أبابا في شهر سبتمبر الماضي والذي يُشير إلى سودان “مستقر وآمن ويعيش في سلام مع (جنوب السودان) وجيرانه” وكذلك أشرت إلى الوصف الوارد في الدستور والذي يُشير إلى “وطن يحتضن الجميع حيث تكون الأديان والثقافات مصدر قوة وانسجام وإلهام”.
يبدو أن هذا يُمثل رؤية واضحة للاتجاه الذي ينبغي للسودان السير نحوه وهو الاتجاه الذي يمكن للمملكة المتحدة أن تعمل في شراكة مع السودان للمساعدة في الوصول إليه. ولقد قدمت وصفاً لبعض الأشياء التي نقوم بها للمساعدة في تحقيق هذا الغرض، فنحن نعمل على دعم عمليات السلام وحل الصراعات المحلية وتقديم برامج بناء القدرات للعديد من المؤسسات في السودان وكذلك نعمل على تطوير القطاع الخاص والمساعدة في الإعداد لانتخابات 2015 وكذلك مساعدة المؤسسات والمجموعات التي تعمل على ترقية حقوق الإنسان بالإضافة إلى تقديم المساعدات الإنسانية والتنموية.
بالنسبة للذين يفضلون لغة الأرقام فإنني قمت برصد بعض الأمثلة:
– ساعدنا في العام الماضي 777،000 شخص في الحصول على الأمن الغذائي وقدمنا مساعدات في مجال سُبل كسب العيش كما ساعدنا حوالي 2.7 شخص في الحصول على الدعم في المجال الصحي والغذائي.
وفي الفترة ما بين عام 2011 إلى مارس 2013 فقد قمنا بالأتي:
– ساعدنا حوالي 855،000 فتاة وإمرأة في الوصول الى العدالة و467،000 شخص في الحصول على مياه الشُرب.
– كما ساعدنا 52،000 شخص وشركة في الحصول على الخدمات المالية.
– وساعدنا 113،000 شخص للحصول على مرافق صرف صحي دائمة وكذلك ساعدنا 327،000 شخص في ممارسة الخيارات التي يُريدونها لحياتهم ومساءلة صُناع القرار.
يعتقد العديد من السودانيين أن المركز البريطاني قد غادر السودان وذلك بعد إغلاق مكتباته ومع ذلك لايزال المركز يقدم أرقاماً مثيرة للإعجاب وقد كانت حصيلة العام الماضي كالاتي:
- عمل نحو 50،000 شخص وجهاً لوجه مع المركز البريطاني من خلال مشاريعه وبرامجه.
- حضر نحو 22،000 المعارض والحفلات والاحتفالات التي أقامها المركز.
- وصل المركز الى نحو 40،000 شخص من خلال التقنية الرقمية.
- نحو 40،000 شخص جلسوا للامتحانات البريطانية.
- قام مركز التدريس بالمركز البريطاني بتدريس 3،000 طالب منهم 1000 طالب من منسوبي الجيش والشرطة.
- قام المركز بتدريب 1000 من معلمي اللغة الانجليزية بالمدارس الحكومية والذين قاموا بدورهم بتدريس 200،000 طالب، وإذا تمكنا من تمديد البرنامج الى كل الولايات السبعة عشر فأنه سيخدم خمسة ملايين من الطلاب في كل عام.
ويبدو لي أن رؤية الواقع سيكون أكثر إثارة للإعجاب من الكلمات والأرقام.
قبل الكلمة التي ألقيتها في مركز دراسات المستقبل كنت قد أمضيت بضعة أيام في دارفور وقد كنت برفقة رئيس بعثة الأمم المتحدة في السودان الدكتور شمباس وبعض الزملاء من الدبلوماسيين حيث زرنا مخيماً للنازحين في قرية شنقلي طوباية. الناس هناك لهم مطالب واضحة فهم يُريدون السلام في المقام الأول. الشيء الثاني هو التنمية خاصة المدارس والمستشفيات. وبما أننا ثاني أكبر المانحين وننشط في محاولة الدفع نحو تطبيق عملية الدوحة للسلام فإننا نشارك بقوة في المساعدة على تحقيق هذه المطالب الأساسية والمعقولة تماماً والتي يُطالب بها الناس في دارفور.
وفي الخرطوم دخلت بطبيعة الحال في نقاش مع مركز دراسات المستقبل فيما يتعلق بالمواجهة الحالية بين السودان وجنوب السودان وقد أوضحنا بجلاء لا لبس فيه أننا لا ندعم النزاع المسلح الذي يهدُف إلى تحقيق أهداف سياسية ونأمل ألا تدعم أي من الدولتين الجماعات المتمردة في البلد الآخر.
إن عملية إغلاق أنبوب النفط يُعد خطوة قاسية وأعلم أن العديد من السودانيين غير راضين عنها، ومن مخاطرها أنها تؤدي إلى تعليق مصفوفة أديس أبابا بأكملها وكل ما تحقق في مجال إقامة علاقات بناءة بين السودان وجنوب السودان وأعتقد أنه ليس هناك أحد يريد حدوث ذلك. قبل البلدان الآن مُقترح الرئيس أمبيكي للتحقق من صحة المزاعم وهذا هو ا لطريق الصحيح الذي ينبغي السير عليه وليس الأفعال الفردية التي يتخذها أي طرف من الطرفين. ونحن نأمل، من خلال مساعدته، أن يجد السودان وجنوب السودان مخرجاً لاستئناف السير نحو علاقات سلام وازدهار وهذا بالطبع في مصلحة الطرفين.