إحتفلنا في الثاني عشر من يونيو بذكرى ميلاد صاحبة الجلالة الملكة في حفل كبير. كما هو معتاد في مثل هذه المناسبات، فقد قمت بإلقاء كلمة ركزت فيها على علاقة المملكة المتحدة مع السودان و الأدوار التي نقوم بها هنا. هذه مقتطفات من الكلمة التي ألقيتها:
“الروابط التاريخية بين المملكة المتحدة والسودان روابط عميقة و ممتدة عبر التاريخ. العديد من المؤسسات من السودان مثل الجامعات والأجهزة القانونية والإدارات لا تزال تعكس ما ورثته من المملكة المتحدة. الروابط الشخصية والتعليمية بين بلدينا ما تزال متينة حيث أن الكثير من السودانيين قد تدربوا أو عملوا في المملكة المتحدة و يحمل العديد منهم الجواز البريطاني.
الكثير من السودانيين متعطشين للغاية لتعلم اللغة الإنجليزية أو تحسين مهاراتهم فيها و نحن نبذل قصارى جهدنا لتلبية ذلك. قام المجلس الثقافي البريطاني في العام الماضي بتدريب 1000 من معلميّ اللغة الإنجليزية في المدارس الحكومية في الخرطوم و الذين قاموا بدورهم بتدريس 200.000 تلميذ. يمكن نقل هذه البرنامج إلى بقية الولايات السبعة عشر بحيث يغطي 5 ملايين تلميذ سنوياً.
في ذات الوقت، فإن أوضاع العديد من الناس العاديين يائسة. إنهم ضحايا النزاعات الذين دُمرت سبل عيشهم. نحن – وسنبقى كذلك – أحد أكبر المانحين في مجال العمل الإنساني في السودان و ليس من خصائصنا كبريطانيين أن نتخلى عن أصدقائنا عندما يحتاجون إلى مساعدتنا.
جميعنا يعرف التحديات الجسام التي تواجه السودان. من الواضح أن بناء علاقات سلمية ومثمرة مع جنوب السودان يصب في مصلحة كلا البلدين، كما أقر بذلك الرئيسان البشير وسلفاكير، ولكن الأمر أيضاً مُعقد و لابد من بعض النكسات. نحن في وقت حرج لا سيما في الوقت الراهن وإننا إذ نهنئ كلا البلدين على ما تم تحقيقه حتى الآن، فإننا نشجعهم على الإستمرار في ذلك الإتجاه.
لا ينبغي لأي بلد أن يدعم حركات التمرد في البلد الآخر و حيثما وجدت مظالم أو شكاوى ينبغي التعامل معها عبر الآليات التي أُنشئت تحديداً لهذا الغرض بموجب إتفاقات أديس أبابا.
لقد أسهمت المملكة المتحدة، جنباً إلى جنب مع أطراف أخرى، في جميع مراحل العملية السلمية وستواصل القيام بذلك بتذكير كلا الجانبين أنها وقعا إتفاقات أديس أبابا لأنه لا يوجد طريق آخر للسلام والإزدهار لهما على حد سواء، و أيضاً بالمساعدة على بناء الثقة وإيجاد حلول عملية للمشاكل عند حدوثها.
على نحومماثل، فنحن على إستعداد للمساعدة في إيجاد حلول للنزاعات الداخلية في السودان الذي ظلّ في حالة حرب مع نفسه منذ نشأته تقريباً. يصف الدستور السودان كـ ” وطن واحد جامع تكون فيه الأديان والثقافات مصدر قوة وتوافق وإلهام.”و نحن نريد دعم السودان لتحقيق تلك الرؤية.
ولكي يحدث ذلك يحتاج الناس إلى أن يُسمح لهم بالفضاء الملائم لبلورة وتطوير أفكارهم، للتحدث و التجمع بحرية ولطرح تصوراتهم و رؤاهم الإقليمية والدينية والعرقية. بإختصار أن يتمتعوا بالحقوق السياسية والمدنية التي إلتزم السودان بإحترامها في تعهداته الدولية و في دستوره معاً.
هذه حقوق لا يمكن صيانتها أو حرمان الناس منها على المدى الطويل عن طريق العنف. المملكة المتحدة تدين النزاعات المسلحة كوسيلة لتحقيق غايات سياسية من أي جهة أتت. إننا ندعم العديد من السودانيين الذين يريدون حلاً سلمياً للنزاعات و يدعون إلى حوار وطني لمعالجة المسائل التي تواجه السودان لأنه لا توجد أي وسيلة أخرى لضمان مستقبل ناجح ومزدهر للسودان وشعبه. بينما تأخذ هذه العملية مجراها، فإننا ندعو إلى منح حق الوصول الكامل غير المقيد لأولئك الذين يحتاجون إلى الإغاثة.
في هذا الغضون، فإن المملكة المتحدة تساعد على وضع اللبنات الأساسية للتنمية المستدامة في السودان. نحن منخرطون بالفعل في تقديم برامج تعليمية لدعم تطوير القوات المسلحة والشرطة كما ساعدنا في الأشهر الستة الأخيرة على ضمان حصول السودان على دعم كبير لتحسين نوعية التعليم. نعمل كذلك مع المجلس الثقافي البريطاني على برنامج رئيس لتقديم الدعم لأصحاب المشاريع الرائدة من الشباب برعاية مجموعة من مؤسسات القطاع الخاص كما نعكف أيضاً على الترتيبات النهائية والمتعلقة بالإستثمارات في مجال المياه والصرف الصحي في شرق السودان و دارفور.
إننا نريد القيام بأكثر من ذلك وسنفعل إذا سمحت البيئة التي نعمل فيها بذلك. خلال العام القادم، سنقوم بوضع مقترحاتنا لإستكمال المعونة الإنسانية الأساسية غير المستدامة ببرامج بناء قدرة المجتمعات المحلية على التكيف بمعنى نقل الناس من الإعتماد على المعونات الغذائية إلى تحقيق أمنهم الغذائي.
يشمل هذا برنامج لدعم تجذير الديمقراطية في السودان بما في ذلك المساهمة في التحضير لإجراء انتخابات ناجحة في عام 2015. كذلك سنضع خططنا للمساعدة في تعزيز دور القطاع الخاص في السودان و بناء الإزدهار الذي لا غنى عنه إذا أريد للسودان أن يقضي على الفقر و أن يغادر محطة الإعتماد على المعونات.
السودان يواجه تحديات ضخمة لكنه يملك الوسائل اللازمة للتعامل معها إذا توفرت الإرادة. من جانبنا سنواصل العمل مع ومن أجل السودانيين طالما توفرت القناعة لدينا ولديهم أننا يمكن أن نساعد السودان لكي يمضي في الإتجاه الصحيح.