أمضيت الأسبوع الماضي بضعة أيام في الدوحة لحضورمؤتمر مانحي دارفور. لقد أتاح المؤتمر فرصة للمجتمع الدولي للإلتقاء مع حكومة السودان والسلطة الإقليمية لدارفور (DRA) للنظر في كيفية التعامل مع المراحل المقبلة من التنمية في دارفور. كان هناك الكثير من الأشياء المشتركة و الأهم من ذلك أن المؤتمر قام بإعتماد إستراتيجية تنمية دارفور التي تم وضعها بواسطة السلطة الإقليمية لدارفور بدعم من الأمم المتحدة، البنك الدولي، ومجموعة من شركاء التنمية. الأمر المهم كذلك أن أهالي دارفور أنفسهم هم الذين حددوا الأولويات التي إهتدت بها الإستراتيجية. إنها إستراتيجية طموحة تستحق الدعم. كان هناك إدراك عام لعدد من التطورات الإيجابية فيما يتعلق بدارفور. نحن وأطراف أخرى رحبنا على وجه الخصوص بالتقدم الذي أُحرز مؤخراً في تنفيذ الإتفاقات المبرمة بين السودان وجنوب السودان حيث يقوم كلا الجانبان بسحب قواتهما من الحدود والمنطقة منزوعة السلاح بينما يجري نشر بعثة للرصد والتحقق. بدأ النفط يتدفق و قام الرئيس البشير عقب مؤتمر الدوحة بزيارة جوبا مما يشير إلى تحسن كبير في العلاقات. التقدم جيد وإذا ما استمر سيجلب منافع لكلا البلدين كما أن له أثر إيجابي على الأحداث في دارفور. بصورة أعم، كان هناك عدد من البيانات (لا سيما خطاب الرئيس البشير في الجلسة الافتتاحية للبرلمان و المؤتمر الصحفي للنائب الأول للرئيس طه في في نهاية مارس ومرة أخرى في مؤتمر مانحي دارفور) مما يوحي بوجود نية متجددة للدخول في حوار سياسي مفتوح وشامل. هذا الأمر تم تعزيزه بالإفراج عن بعض السجناء السياسيين ولقد رحبنا بذلك. هذا أمر مشجع للسودان، وعلى وجه التحديد في هذا السياق، لدارفور. ونحن و أطراف أخرى رحبنا أيضاً ببعض التطورات التي تتصل بدارفور: نشر موجهات الحكومة الجديدة بخصوص حرية الحركة والتنقل للجهات المانحة والمنظمات غير الحكومية في مناطق النزاع، تحويل 180 مليون دولار من أموال التأسيس من الحكومة إلى السلطة الإقليمية لدارفور. عشية مؤتمر الدوحة، إنضم فصيل مهم من إحدى الجماعات المسلحة وهي حركة العدل والمساواة إلى وثيقة الدوحة للسلام في دارفور. هذه أخبار جيدة جداً. وإزاء هذه الخلفية فإن معظم المانحين قد جددوا التزامهم بتوفير الدعم لدارفور. في بيان المملكة المتحدة أوضحنا أننا ساهمنا بحوالي 25 مليون جنيه استرليني سنوياً لدارفور على مدى السنوات القليلة الماضية و أننا، مع مراعاة الوضع الأمني و حرية الحركة والتنقل المسموح بها، سنواصل القيام بذلك. بعض المساعدات التي نقدمها موجهة لمساعدة الناس على إعادة بناء سبل معيشتهم حيث أننا نطمح إلى أن نساعد في تحقيق الأمن الغذائي لـ 250ل ألف شخص في دارفور بحلول عام 2015. كذلك فإننا ندرك أن هناك حوجة لتحويل تركيزنا إلى العمل التنموي المستدام ونحن بالفعل منخرطون بشكل كبير في هذا الشأن لا سيما في المساعدة على تطوير البنية التحتية للمياه في المناطق الحضرية (ليس فقط في دارفور) ونواصل توسيع نطاق عملنا في هذا المجال. لكن المداخلات في المؤتمر عكست أيضاً بعض المخاوف الكبيرة حول الوضع الراهن في دارفور حيث إنتكس التقدم النسبي الذي تم تحقيقه في 2012. لقد وقعت مواجهات قبلية خطيرة في شمال دارفور للسيطرة على موارد الذهب وكانت هناك اشتباكات كبيرة بين المتمردين وقوات الحكومة مؤخراً في جنوب دارفور. مساهمات الحكومة المحولة إلى السلطة الإقليمية لدارفور، على الرغم من ترحيبنا بها، فقد تأخرت كثيراً ونتيجة لذلك فإن السلطة الإقليمية لدارفور لا تعمل بكامل إمكانياتها. العديد من البنود الهامة في وثيقة الدوحة للسلام في دارفور لم يتم تفعيلها مثل تلك المتعلقة بالعدالة والمصالحة. كذلك فإن إنعدام حرية الحركة والتنقل للجهات الفاعلة في التنمية و للبعثة المشتركة للأمم المتحدة و الإتحاد الإفريقي في دارفور (UNAMID) ظلت مدعاة للقلق منذ زمن طويل. الموجهات الجديدة مبشرة ولكن لم يتم إختبارها على الأرض بعد. معظم المانحين قالوا أنهم يريدون أن يروا تقدماً واضحاً في هذه المسائل قبل إعلان التعهدات المالية. هذه رسالة جيدة من الدوحة: نحن داعمون وقدمنا مساهمات سياسية ومالية مقدرة في الماضي ومن حيث المبدأ فإننا على استعداد للقيام بذلك مرة أخرى. لكن النجاح في دارفور يعتمد على قيام علاقة تعاون وثقة حقيقية بين الحكومة والسلطات المحلية والجهات المانحة كما أنها تتطلب التزاماً أكيداً من الجميع بالحل السياسي و ليس العسكري وأيضاً بالتنمية طويلة الأجل في دارفور.