Site icon Foreign, Commonwealth & Development Office Blogs

2013

بدا عام 2012 مضطرباً إلى حد كبير في السودان حتى اللحظة الأخيرة و هذا العام 2013 يُنذر بأنه لن يكون أقل إضطراباً. لذا، مثل العديد من الناس، فقد إنتزعت عطلة قصيرة بين العامين حيث جاء إبني لزيارتنا وقضينا بعض الوقت في زيارة القديم والجديد و ما بينهما في السودان.

 

القديم كان البقايا الأثرية لمملكة كوش في مروي وكريمة. لقد قضينا ليلة ساحرة و نمنا و نحن نلتحف النجوم قرب أهرامات مروي و أنفقنا يوماً رائعاً في إستكشاف المقابر الجميلة المزينة بالنقوش في مدافن الكرو. هذه البقايا الغامضة لعصر سحيق مع ثقافة وجغرافيا سياسية مختلفة كلياً للسودان الحديث تشكل مزيجاً رائعاً يذكرنا بالمكونات المتنوعة للسودان المعاصر.

 

لكنها لم تكن غامضة تماماً بالنسبة لنا لأننا و لحسن الحظ أمضينا بعض الوقت مع عدد من علماء الآثار البريطانيين الذين كانوا في طريقهم للقيام بحفرياتهم الموسمية. أنا معجب كثيراً بهؤلاء الخبراء الذين يتوفرون على معرفة واسعة و خبرة متطاولة وهم يقضون عدة أسابيع في ظروف موحشة لدراسة التفاصيل الدقيقة للحجارة المتحدرة وغيرها من المخلفات الأثرية من أجل إدراك الماهية التي كانت عليها في السابق. لم يكن لدي صبر لكنّي مفتون بما حققوه من نتائج. ما يثير الإعجاب أيضاً هو مدى تنوع جنسيات و تخصصات هذه الفرق ومدى الإحترام المتبادل وروح المؤازرة والشراكة بينهم و بين نظرائهم من السودانيين. مثال عظيم للمملكة المتحدة والسودان وهما يعملان معاً.

 

الجديد كان زيارة لسد مروي الذي  تم إفتتاحه في 2010 بسعة 10 توربينات توفر ما يقارب الـ 1.2غيغاواط  من الكهرباء وهي ما تمثل حوالي 60% من الطاقة القصوى للسد. إنه إنجاز هندسي مثير للإعجاب. جسم السد نفسه هائل ويعمل بشكل ذاتي تقريباً حيث يستجيب تلقائياً للتغيرات في الطلب. لقد كنت محظوظاً بزيارة السد بينما كان المهندسون يستغلون فترة إنخفاض الطلب للقيام بالصيانة المعتادة فقمت بإسناد رأسي إلى إحدى التوربينات الضخمة التي أصابتني بالدوار رغم أنها لم تكن تعمل! المدير العام الذي إصطحبني في جولة لتفقد السد كان محقاً في شعوره بالزهو البالغ من مساهمة السد في تحسين حياة الملايين من السودانيين و يمكنك أن ترى ذلك بكل بساطة إذا تجولت في أنحاء المنطقة. ولكن بالطبع هناك إيضاً تكلفة حيث فقد عشرات الآلاف منازلهم وأراضيهم [] و تعيّن تعويضهم و إعادة توطينهم. مراعاة هذا التوازن تمثل إحدى تحديات التنمية العصرية وفي المملكة المتحدة كان علينا أيضاً أن نتعلم أهمية إشراك المجتمع المحلي في التخطيط لمشاريع البنى التحتية الكبيرة.

 

 

بين هذا وذاك، فقد رأيت منافع السد عن كثب خلال نزهة عابرة  في قرية صغيرة على بعد بضعة كيلومترات شمال مروي. في معية بعض السكان المحليين المضيافين تجولنا عبر بساتين المانجو وتحت أشجار النخيل بمحاذاة قنوات الري التقليدية التي تشق الأرض وهي ممتلئة بمياه النيل. نظام الري المستخدم قديم قِدم الأهرامات خلا أن الماء الآن يُضخ من النهر بواسطة مضخات تغذيها كهرباء السد بدلاً من حمله في دِلاء كما كان في السابق. عن طريق ضخ المياه إلي مساحات أوسع من الأرض فإن الأراضي المروية في القرية تتمدد  مما يخلق وسائل لكسب العيش للسكان الذين يتنامي عددهم. الوصول إلى مصادر المياه يمثل أولوية للمملكة المتحدة في السودان حيث نقوم بدعم برامج تمد 800 ألف شخص في دارفور وشرق السودان بالمياه.

 

في وسط كل هذا حاولت أن أبقى متابعاً للأحداث. كانت هناك أخبار جيدة حقاً من أديس أبابا حيث التزم الرئيسان البشير وسلفاكير بتنفيذ الاتفاقيات المتعلقة بأمن الحدود والإدارة الإنتقالية لأبيي و التي تم توقيعها في السابق. الإتفاقيات جيدة في حد ذاتها وستجلب الإطمئنان إلى كلا البلدين فيما يتعلق بالأمن وتوفير إدارة أفضل لسكان أبيي. الأمر الذي لايقل أهمية عن ذلك هو أنها ستساعد في بناء الثقة بين السودان وجنوب السودان والتي بدورها ينبغي أن تُيسر تنفيذ الإتفاقيات الأخرى التي تم التوصل إليها في أديس أبابا في سبتمبر الماضي لا سيما في النفط و التجارة العابرة للحدود. الآن ينبغي تنفيذ هاتين الإتفاقيتين.

 

الأخبار السيئة تمثلت في القرار الذي قضى بإغلاق عدد من المنظمات غير الحكومية في السودان و التي دعمنا بعضها في السابق ونود أن نواصل العمل معها. لقد كانوا جزءاً من نسيج من المؤسسات بما في ذلك و قبل كل شيء الحكومة السودانية نفسها و هيئات إقليمية، حكومات أخرى ومنظمات غير حكومية من السودان و أماكن أخرى جميعهم يحاولون وبطرق مختلفة أن يجعلوا من السودان مكاناً أفضل لجميع السودانيين. هذا بالتأكيد هدف مشترك لنا جميعاً وستستمر السفارة البريطانية في السّعي لتحقيقه و بشفافية تامة في هذا العام.

Exit mobile version