Peter Tibber

Ambassador to Colombia

15 November 2012

صاحبة الجلالة و إحياء الذكرى

إحدى إمتيازات الجلوس على كرسي السفير والقيام بمهامه عندما لا يكون موجوداً، هي أنني أقوم أحياناً بتمثيل المملكة المتحدة في بعض المناسبات الرفيعة حقاً. ومثال ذلك الجمعة الماضية حيث وافق متحف القصر الجمهوري على إستضافة المعرض الذي يوثق لزيارة جلالة الملكة للسودان عام 1965. لقد قمنا بتجميع مواد المعرض في بداية العام في إطار إحتفالاتنا باليوبيل الماسي لجلوس جلالة الملكة على العرش. لقد كان المقرر أن يفتتح المعرض عقب مراسم احتفال تغيير الحرس بالقصر و عندما وصلت إلى المدخل ، قبل بداية الإحتفال، أدهشني عدد المتفرجين الذين أصطفوا على الطرق المحيطة بالقصر و كذلك جو العطلة الدافئ والحميم. لقد إبتهجت كذلك أيضاً عندما علمت بأن الحرس المغادر ما زال في زيّه الصيفي الأبيض بينما كان الحرس الجديد يرتدي زيه الشتوي الأزرق وما يسمونه شتاءً هنا في السودان يمكن أن يكون صيفاً دافئاً جداً في ديارنا بالمملكة المتحدة! وجاءت مراسم تغيير الحرس في ذاتها زاهية ملونة و قمة في الدقة والأنضباط.  

                       

 بعد افتتاح المعرض، فقد كنت سعيداً برؤية عامة الناس تتاح لهم فرصة التجوال داخل المعرض حيث حضر الكثيرون يسردون لي ذكرياتهم الشخصية عن زيارة الملكة رغم حداثة سنهم آنذاك. وسعدت كثيراً على وجه الخصوص بمقابلة السيدة سلمى عبود، كريمة الرئيس إبراهيم عبود الذي حكم السودان آنذاك والذي كان قد قام بزيارة رسمية للمملكة المتحدة في عام 1964. ومن المدهش حقاً ان يحتفظ المعرض بالعربة الرولزرويس التي استخدمتها الملكة أثناء زيارتها و التي ما زالت تعمل حتى الآن. إنني أناشد كل الموجودين في الخرطوم أن يسارعوا بزيارة المعرض ما أمكنهم ذلك وسنعمل على إتاحة المعرض لأكبر عدد من الجمهور.

 سعدت كذلك بالجولة التي تفقدت فيها بقية أقسام المتحف بصحبة وكيل القصر الجمهوري، الدكتور جبريل عبد اللطيف أحمد ومدير متحف القصر السيد عبد الناصر سر الختم حسن. إن ما شاهدناه في المعرض يذكرنا بالتاريخ المشترك لبلدينا وهو تاريخ تعرفه قلة قليلة منّا. مما شدّني على وجه الخصوص، اللوحات التي فصًلت تاريخ حركة الإستقلال في السودان. وفكرت ملياً في انه وعلى الرغم من ان ماضي بلدينا كان مضطرباً في الغالب إلاّ أن استقبال السودانيين للملكة وترحيبهم بها كان حاراً جداً وبعد عقد واحد  من الإستقلال وما زلت وبعض زملائي نشعر بذات الترحيب الدافئ من السودانيين إلى يومنا هذا.

  

 يقودني ذلك إلى التأمل في حدث محزن و لكنه مؤثر: إحياء ذكرى شهداء الحرب الذي أقيم في مقبرة الكومونويلث هنا في الخرطوم صباح اليوم الأحد. (وقد أبرز المعرض من ضمن لوحاته وضع جلالة الملكة إكليلاً من الزهور على ذات المقبرة في  عام 1965.) يتم إحياء هذه المناسبة على مستوى العالم في يوم 11 نوفمبر من كل عام لتذكر كل الذين لقوا حتفهم أو تأثروا بسبب النزاع منذ نهاية الحرب العالمية الأولى. ومن المؤثر جداً رؤية ممثلي الدول الذين قاسوا ويلات الحروب ضد بعضهم البعض قبل سنين عددا يجتمعون اليوم معاً لإحياء الذكرى. دول تعمل اليوم جنباً إلى جنب لتعزيز السلام والإستقرار في مناطق أخرى متضررة من النزاع تشمل السودان بعد أن كانوا أعداء يوماً ما. إن ما خرجت به من عطلة نهاية الأسبوع هو أن تحقيق المصالحة يمكن دائماً أن يتأتى بالإرادة السياسية السليمة و روح القيادة.

 كانت تلك فترة مكثت فيها قليلاً تحت الأضواء فالسفير بيتر تيبر قد عاد الآن وسيعاود الكتابة في هذه المدوّنة قريباً.

 

 

 

حول Peter Tibber

Dr Tibber joined the FCO in 1984 after completing a doctorate in medieval history at Oxford University. He has been posted to France, Turkey, Mexico, Germany and Pakistan. He was…

Dr Tibber joined the FCO in 1984 after completing a doctorate in medieval history at Oxford University. He has been posted to France, Turkey, Mexico, Germany and Pakistan. He was a member of the Senior Management Team of UKTI. He was ambassador to Sudan August 2011 to August 2015.

تابع Peter