25 October 2012
دارفور
لقد قمت الاسبوع الماضي بزيارة مدينة الفاشر مع زملائي سفراء الاتحاد الاوروبي . كانت تلك زيارتي الثانية لدارفور منذ وصولي السودان قبل ثلاثة أشهر تقريباً حيث زرت نيالا قبل أسابيع قليلة .في ذات الفترة زار موظفون من السفارة البريطانية كل عواصم الولايات الخمس.
لماذا تسليط الضوء على دارفور؟
جزئياً لأن دارفور ما زالت تشكل حيزاً كبيراً من صورة السودان في المملكة المتحدة. لقد تحسنت الاوضاع بشكل كبير منذ الأحداث الفظيعة التي وقعت خلال الفترة 2003- 2005 ولكن ما زالت دارفور تعاني الفقر و النزوح والنزاع. إنها تحتاج وتستحق إهتمام حكومات السودان و المجتمع الدولي للمساعدة في تضميد الجراح وإعادة بناء المجتمعات وإرساء قواعد الحكم الفاعل و كذلك لإطلاق إمكانيات الإقليم الاقتصادية الكبيرة.
إذن ماذا نفعل في دافور ؟
أولاً وقبل كل شئ، فإننا نقدم مساعدات مباشرة للشرائح الأكثر إحتياجاً: توفير مقومات الحياة الاساسية من غذاء وماء ورعاية صحية لملايين الاشخاص في المعسكرات وغيرها من الاماكن.
ولكننا نريد أيضاً أن نساهم في خلق بيئة يشعر فيها الناس بأنهم آمنون بالدرجة التي تمكنهم من إختيار مكان اقامتهم أو عملهم سواء بالرجوع إلى قراهم أو الإقامة في المناطق الحضرية وهذا ما يطمح إليه أيضاً نواب الولاة في نيالا والفاشر كما أخبروني. لقد زرت قرى عديدة بالقرب من نيالا حيث نقوم، على سبيل المثال، بضمان وجود إمدادات مياه نظيفة موثوق بها و متاحة للناس وماشيتهم . ننظر كذلك إلى السبل التي تسهل تنمية القطاع الخاص لمساعدة الناس على إيجاد سبل لكسب عيشهم. لقد أجريت بعض الحوارات المثيرة للإهتمام مع الحكومة وممثلي رجال الأعمال في نيالا ونقوم الآن بتطوير بعض الافكار معهم.
يبدو جلياً أن الأوضاع في دارفور لن تعود إلى طبيعتها ما لم يتم ضمان الأمن الضروري لمن يعيشون هناك. بشكل أكثر وضوحاً، فنحن نقدم الدعم السياسي والمالي لأكبر بعثة أممية أفريقية في العالم UNAMIDلقد زرت مقر رئاسة اليوناميد في كل من نيالا والفاشر حيث وفروا لي الحماية أثناء زياراتي. إنهم يعملون في بيئة صعبة (نُصب كمين لأحدى الدوريات قُتل فيه أحد الجنود في اليوم الذي كنت فيه بالفاشر) محاولين ضمان حماية عامة الناس في دارفور.
كذلك فنحن نعمل على المستوى المجتمعي. فالغرض من مشاريع المياه التي ذكرت ليس فقط إمداد أهل القرى بالماء، على الرغم من الأهمية القصوى لذلك، ولكن مساعدة المجتمعات المحلية على تعلم كيفية إدارة الموارد بصورة عادلة لضمان إستفادة الجميع منها و كذلك لتقليل التوتر الذي ينشأ نتيجة للمتطلبات المتباينة ،على سبيل المثال، لمجتمعات الرحل والمجتمعات المقيمة.
وفي نهاية الامر، لن يحقق اي من هذه الامور الاثر الدائم دون تسوية سياسية شاملة. والمُخطط الحالي لهذا هو وثيقة الدوحة للسلام في دارفور التي وقعتها الحكومة وممثلو حركة التحرير والعدالة في يوليو عام 2011. ونحن أعضاء في لجنة متابعة التنفيذ لوثيقة الدوحة ودورها هو تقديم الدعم والاشراف على تنفيذ الاتفاقية
نحن نرحب بالأنباء التي وردت عن توقيع إعلان جديد بين حكومة السودان وفصيل من حركة العدل والمساواة يؤكدان فيه إلتزامهما بعملية السلام والوقف الفوري للعدائيات. وأنا أحث حركات التمرد الاخرى بدعم الاتفاق و عدم مقاومة تنفيذه كما اتمنى ان يكون للإتفاقيات التي تم توقيعها في أديس ابابا بين السودان وجنوب السودان أثر على السلام والاستقرار في دارفور.
و بالطبع إن مسؤلية تنفيذ الاتفاق تقع على عاتق الموقعين عليه و التنفيذ حالياً لا يجري وفق الجدول الزمني مما يعني أن أهل دارفور لم يتمكنوا بعد من رؤية تطورات ملموسة في حياتهم. ويرجع هذا جزئياً لشح الموارد المالية. ولكن بإمكان الموقعين إحداث تغييرات عديدة دون التزامات مالية كبيرة سواءً كان ذلك في مجال العدالة والمصالحة، أو حقوق الإنسان والحريات الأساسية. من جانبنا سنستمر في دعمنا لوثيقة الدوحة، ويحدونا الأمل في نجاح مؤتمر الدوحة للمانحين ولكننا، أي المملكة المتحدة، لا نستطيع تحقيق التغييرات الكبيرة اللازمة للوصول لسلام دائم.
منذ أن وصلت الي السودان، قال لي الكثيرون – مسؤولو الحكومة والعاملون بالأمم المتحدة والسفارات الاخرى والمنظمات الدولية – بأن المجتمع الدولي قد نسي دارفور. أرجو أن أكون قد بينت بشكل قطعي أن الامر يختلف بالنسبة بالمملكة المتحدة.
و كل عام و أنتم بخير.
humanitarian THANK YOU Biritsh
NATION