Peter Tibber

Ambassador to Colombia

7 September 2012

ترحاب ممطر و لكن دافئ من الخرطوم

وصلنا (أنا و زوجتي إيف) إلى هنا قبل أسبوعين تقريباً. عندما فتحت أبواب الطائرة إنفتحت معها كذلك أبواب السماء و إنهمرت الأمطار التي بللتنا بينما كنا نقطع المسافة القصيرة من أسفل سلم الطائرة إلى السيارة التي كانت في إنتظارنا. لم يكن الطقس الذي نتوقعه ولكن تم تعويض ذلك بالترحيب الحار الذي إستقبلنا به ممثل وزارة الخارجية.

لقد أمطرت كذلك في زواجنا منذ ما يقارب الـ 30 عاماً حيث أخبرنا جميع ضيوفنا آنذاك أن حفل الزفاف في يوم ممطر ينبئ بزواج سعيد وهذا ما حدث. ربما يكون تزامن وصولنا إلى السودان مع هطول الأمطار مؤشراً على أننا سنقضي فترة عمل سعيدة هنا و آمل ذلك بالتأكيد. الأمطار جيدة للسودان بالرغم من أنها و للأسف قد جلبت معها الموت والتشريد.
لقد حضرنا في الأيام الأخيرة من شهر رمضان و كم هو لطيف أن نصل إلى هنا بينما يأخذ الناس وقتهم للتفكير في ما هو أبعد من الآني ويعيدون شحذ طاقاتهم الروحية. لقد أتاح لى ذلك الفرصة للبدء في مقابلة الناس بشكل غير رسمي في إفطارين و بعض الزيارات خلال العيد. لقد ألقت حادثة تحطم الطائرة التي أودت بحياة الوزير غازي الصادق عبد الرحيم و غيره من كبار المسؤولين بظلالها على فرحة العيد. إنني أبعث بتعازيّ القلبية إلى أسر المتوفين كما أود أن أنوه أن وزير شؤون أفريقيا بالخارجية البريطانية، هنري بيلينغهام، قد أعرب رسمياً لوزير الخارجية، علي كرتي، عن تعازي المملكة المتحدة.
لقد سمعت عن دفء وكرم الضيافة السودانية التقليدية قبل أن أحضر إلى هنا و لقد تعرفت بالفعل على ذلك بشكل مباشر حيث تلقينا أول دعوة عشاء حتى قبل أن نصل إلى هنا. لقد كانت الزيارات التي قمت بها خلال العيد مليئة بالدفء و الترحاب.

ذلك الدفء إنعكاس للثقافة السودانية ولكنني أعتقد وآمل كذلك أنه نتاج للعلاقات القائمة بيننا و التي تعود إلى الماضي البعيد حيث نتقاسم التاريخ المشترك. لقد عاش الكثير من السودانيين أو درسوا في المملكة المتحدة. أحد إنطباعاتي الأولى المبكرة هو قوة الروابط التعليمية حيث أن هناك تعطش لتعلم اللغة الإنجليزية.

نحن هنا لنعمل مع السودان على مجابهة التحديات التي يواجهها: تحديات النزاعات، التنمية في إطارها الواسع، والفقر أو كما أوجزها سلفي من قبل في نقطتين: بناء السلام والحد من الفقر. نحن نريد أن نمكن لحياة أفضل في السودان وهذا غاية في حد ذاته ولكن ليس فقط من باب الإيثار. إنها بصراحة تخدم مصالحنا بقدر ما تخدم مصالح السودان. نحن ننفق أكثر من 150 مليون جنيه إسترليني سنوياً في السودان. أن وجود مستوي أعلى من السلام أكثر يعني حوجة أقل لقوات حفظ سلام ووجود درجة أقل من الفقر يعني حوجة أقل للمساعدة التنموية.
لا جدال أن المسؤولية الأساسية للتعامل مع قضايا أي بلد، هنا أو في أي مكان آخر، تقع على عاتق حكومة وشعب البلد المعني. لكننا نعتقد أنه يمكننا أن نقدم مساهمتنا، و الأهم من ذلك، أن هناك العديد من السودانيين يتفقون معنا في ذلك. بعض هذه المساعدة قد يتخذ شكلاً عملياً مثل جلب الإغاثة الإنسانية أو تحسين سبل الوصول للمياه النظيفة للذين يحتاجونها كما أن بعضها يركز على العمل مع المؤسسات الحكومية و منظمات المجتمع المدني.

لقد ظللنا نفعل هذا لبعض الوقت. لقد إستثمرنا بكثافة في المساعدة على إنهاء النزاع و ذلك بشكل ملحوظ خلال عملية إتفاق السلام الشامل الذي أدى إلى ولادة دولة جنوب السودان و هنا ينبغي أن نرجع الفضل الأساسي للسودان نفسه. لم تكتمل العملية بعد وسوف نستمر في القيام بدور داعم عند إستئناف المفاوضات قريباً في أديس أبابا.
أتمنى أن نكون قادرين على تقديم هذه المساهمة من خلال دوري هنا والأنشطة التي تقوم بها هذه السفارة. طموحي أن أعمل مع حكومة وشعب السودان للمساعدة في جعل السودان مكان أفضل للجميع. وإذا نجحت بنهاية فترة عملي هنا في إحراز تقدم ولو كان صغيراً في هذا الإتجاه وفي بناء العلاقات بين بلدينا سيكون رشاش المطر الذي أصابني أوان وصولي هنا يستحق ذلك

حول Peter Tibber

Dr Tibber joined the FCO in 1984 after completing a doctorate in medieval history at Oxford University. He has been posted to France, Turkey, Mexico, Germany and Pakistan. He was…

Dr Tibber joined the FCO in 1984 after completing a doctorate in medieval history at Oxford University. He has been posted to France, Turkey, Mexico, Germany and Pakistan. He was a member of the Senior Management Team of UKTI. He was ambassador to Sudan August 2011 to August 2015.

تابع Peter