This blog post was published under the 2015 to 2024 Conservative government

Avatar photo

Peter Millett

Ambassador to Libya, Tripoli

8 November 2017 Tripoli, Libya

الفساد ، الجريمة و اللامبالاة

الفساد هو الوباء الذي سقطت ضحيةً له دولٌ تحاول النهوضَ من الفقر. سياسيون و مسؤولون حول العالم يضعون أيديهم في خزائن المال العام لسرقة ثروات بلدانهم. تصرفاتهم تعود بالنفع فقط على نخبة ضيقة و متـنفذة عبر السماح لهم بالحصول على الأموال و المزايا و تقديمِ مصالحِ أصدقائهم و أسرهم و زملائهم في الجريمة.

لقد حرموا بأفعالهم هذه ،غالبية أبناء شعبهم من فرصة المشاركة في ثروات بلادهم و النهوض من الفقر. يمثلُ الفقرُ حاجزاً في طريق تحسين قطاعات التعليم و الصحة و النظافة العامة، كما يغلق الطريق أمام الاستثمارالذي من شأنه توفير فرص عمل و يمنع كذلك تطوير المؤسسات التي يمكن لصوت الشعب أن يزدهـر من خلالها.

تم تصنيف ليبيا في المرتبة 170 من أصل 175 دولة في التقرير الصادر عن منظمة الشفافية الدولية لعام 2016.  يـُـظـهِـرُ التقريرُ بأنّ الفساد هو ظاهرة ممنجهة في الكثيــر من الدول و لا يقـتــصر فقط على ليبيا.

لوضع الإحصائيات في سياقها، نصّ التقرير على التالي: “الدول التي احتلت المراتب الدنيا في تقريرنا ينتـشر فيها انعدام الثقة و سوء الآداء في القطاعات العمومية كالشرطة و القضاء. و حتى في الحالات التي توجد فيها قوانين على الورق، عملياً ، غالباً ما يتم الألتفاف حولها أو تجاهلها. في تلك البلدان، عادةً ما يواجه الأشخاص مواقف تتطلب تقديم رشوة أو تُعرِّضهم للإبتزاز أو تضطرهم للاعتماد على خدمات أساسية رديئة بسبب سوء التمويل، و كذلك مواجهة لامبالاة المسؤولين عند محاولة الاحتكام إلى السلطات المختصة.”

ما مدى انطباق هذا الكلام على ليبيا؟ من الصعب قياس ذلك. لكن التقرير الصادر عن ديوان المحاسبة في عام 2016 نصّ على أنّ هذه الظاهرة منتشرة على نطاق واسع في كل أنحاء البلاد.

قام ديوان المحاسبة بتحديد الانتهاكات في العمليات المصرفية و التجاوزات في إصدار رسائل الاعتماد و سوء استخدام بطاقات الإئتمان و الصكوك المصدقة و التحويلات من الحسابات الحكومية إلى حسابات خاصة. كل هذه العوامل تحـدُّ من النمو. تقرير البنك الدولي حول سهولة مزاولة الأنشطة الاقتصادية وضعَ ليبيا في المرتبة 185 من أصل 190 دولة.

الجريمة تمثل كذلك مشكلةً كبيرة. أحد أشهر ألجرائم هو تهريب الوقود المدعوم. فالليبيون يتمتعون بأرخص وقود في العالم بفضل دعم حكومي بلغت قيمته حتى الآن في هذا العام فقط  4.3 مليار د.ل.  لكن معظم هذا الوقود يتم تهريبه خارج البلاد عبر مراكب و شاحنات ليتم بيعه في أماكن أخرى من أجل الربح. هذا يعني بأن جزء كبير من ميزانية ليبيا الخاصة بالدعم يتم صرفها لفائدة الجريمة المنظمة.

تشكلُ اللامبالاة كذلك جزءاً من الصورة القاتمة للوضع الاقتصادي. في الأشهر الأخيرة عانى الليبيون من انقطاعات في إمدادات الكهرباء و الماء. في مجال الطاقة، فإن القدرة على توليد الكهرباء تقل كثيراً عن معدل الطلب عليها. لهذا السبب، فإن الشبكة لا يمكنها مجاراة الارتفاع في الطلب عندما يصبح الطقس حاراً في منتصف الصيف أو بارداً في الشتاء.

يوجد الوضع ذاته فيما يخص إمدادات المياه: فليـبيا ليس لديها أنهارٌ دائمة و تعتمد على النهر الصناعي العظيم و محطات التحلية. معظم الشبكة تعاني من التسرب و الاهتراء. و هنا كذلك فإن معدل الطلب يفوق العرض.

الكثير من المياه و الكهرباء يتم إضاعتها بسبب سوء الاستعمال. كما هو الحال في بلدانٍ أخرى، فإنّ المستهلكين يمكن حثهم على الترشيد في الاستعمال: يكون ذلك بإطفاء أجهزة التكييف عندما يكونون خارج المنزل،  أو ضبط درجة الحرارة على درجات معقولة و ليست مرتفعة و كذلك عدم رش المياه على الرصيف خارج المنزل.

حل هذه المشاكل يكمن في الحكم الرشيد و الشفافية و حكم القانون: عبر بناء حكومة قوية و مؤسسات يمكنها مواجهة هذه المشاكل و توفير الخدمات الجيدة التي يستحقها الناس، و كذلك من خلال تقارير المحاسبة و التحقيقات الصحفية المستقلة و النقاشات المفتوحة التي تكشف ممارسات الفساد و الأفراد المتورطين فيها ، و نظام انتخابي يسمح بمقاضاة المتهمين بالفساد ، و في حالة ثبوت الاتهامات ، يتم فصلهم من الوظيفة.

بإمكان ليبيا العودة إلى وضعها كدولة مستقرة و غنية يتم فيها تقديم التعليم و الرعاية الصحية و الأمن للجميع. لكنّ الاقتصاد يمـرّ بأزمة. مواجهة الفساد و الجريمة و اللامبالاة يجب أن يكون في صميم رؤية و برنامج أي حكومة مستقبلية.

7 التعليقات “الفساد ، الجريمة و اللامبالاة

  1. الفساد مرتبط دائما بالنخب السياسية والتي وصلت أو تحاول الوصول للحكم لإستغلال ثروات البلاد لمصلحتهم ومصلحة من أوصلوهم ومصلحة من يدعمون استمرارهم في السلطة والهذف الأول جمع أكبر قيمة مالية تصل للمليارات وذلك لبناء امبراطورية له ليستمر في الحكم وجمع المال والهذف الثاني محاربة كل من يحاول ازاحته أو أن يقف في طريق أحلامه والتي نهايتها ثوريت الحكم لأبنائه أو أحد أفراد امبراطوريته ولافرق بين مدني أو عسكري لأن هذفهم واحد وكله باسم الوطنية واتهام خصومه بأبشع التهم والأوصاف وتصل أحيانا للتصفية الجسدية سواء لشخص أو قبيلة أو قومية أو عرق … برأيي الفساد يقضى عليه بحاكم دكتاتوري واحد حتى وإن شبع يكون هو فقط فوق القانون أما غيره فلا .. أما النخب السياسية فهي لاتشبع ولن تشبع أبدا وسيكون هناك العديد فوق القانون وستكثر الجريمة بشكل فاضح وعلني ونحن نرى هذا في العديد من الدول التي يحكمها النخب السياسية ..

  2. تلك العوامل التي اذت إلى انهيار الدولة المتخلفة في الماضي والحاضر واندثارها . ما الحل بنظرك للخروج من الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في مثل هذه البلدان التي أصبحت هاجس ومصدر قلق مزمن لباقي دول العالم الآخر وحتى لا ينتقل ويتفشى بها وباء الفساد العام وتصبح كارثة عالمية . أم من وجهة نظري الشخصية إحلال النظام يأتي بأمر واحد أن تلك الدول العظمى تتبنى مثل هذه الدول وان تصبح دول الكبرى المعروفةباقتصادها القوي مسؤولة عن الأوضاع الاقتصادية والسياسية والأمنية مثلا بأن تصبح ليبيا بريطانيا الصغرى أو المتوسطية أو فرنسا الصغرى أو إيطاليا أو ألمانيا أو أمريكا أو حتى يتم تقسيمها بين هده الدول العظمى لخلق نظام عالمي نموذجي , لعل هذه الظروف هي من سوف تجعل من هذه الدولة دولة عالمية .

  3. الفساد و الجريمة و اللامبالاة سببها الليبيون أنفسهم …الليبيون هم سبب البلاء ولو توفرت الإرادة بإمكانهم أن يصلحوا من حالهم وحال البلاد.

    بريطانيا ساعدت ليبيا في تحقيق إستقلالها…علمت الليبين فنون الإدارة…وأنشئت لهم جيشاً وشرطة ودواوين لولاها ولولا من تعلموا في بريطانيا لفعل بنا القذافي ما فعله أنور خوجة في ألبانيا….ترحم على بريطانيا يا سيد “محمد” التي جعلت من ليبيا دولة لها سيادة … وساعدت الليبيين على التخاص من نظام القذافي … الذي سكت عليه الليبيين لعشرات السنين. 42 عاما ملائها الشقاء والجهل والتفرج بلامبالاة على أخواننا من الليبيين يعلقون على أعواد المشانق….وأخرين من جيراننا تهدم بيوتهم.

    يتكرر المشهد اليوم…أخواننا يخطفون ويقتلون بدم بارد… وثرواتنا تنهب أمام أعيننا..وكله بتوطاء من الحارس الأمين لقيمنا الفاسدة…القبلية…أحياها القذافي وسخرها لأستدامة نظامه…وأحتظنها الليبيين ضناً منهم أنها ستضمن لهم حقوقهم.

    بريطانيا التي تشتمها اليوم هي نفسها من يدرس في جامعاتها طلبتنا…ومن يعالج في مستشفياتها مرضانا وجرحانا…وهي نفسها من يخصص كل سنة عدد لا بأس به من المستشارين المخضرمين للعمل في وزارتنا مجاناً…يعني تكاليفهم مغطة من الحكومة البريطانية…

    السيد ميليت ومن سبقه من سفراء المملكة المتحدة ظلوا ولا زالوا يواجهون نفس السؤال من العديد من الليبين…لماذا تركتمونا بعد الثورة؟ لماذا لا تتدخلوا لإنهاء هذه المهزلة؟

    الأجابة كذلك لم تتغير….الحل بيد الليبين ….لن يتدخل أي طرف …وألا علينا بقبول أن تتدخل أطراف أخرى وقد تكون نتيجة هذه التدخلات مشابه لما يحصل حالياً في سورية….لا أحد يرغب في هذه النتيجة!

    صحيح وللأسف….وبسبب الأنقسام والامبالاة….تجرأت أطراف إقليمية على تأجيج الصراع وتصفية حسابتها على أرضنا…وألا كيف تتجراء دويلة قزمية ظائعة في صحراء الخليخ أن ترسل طائرت لقصف الليبيين….والله مهزالة….في فترة الستينات عندما كان أهل تلك الدويلة لايمكن تمييزهم من بين قطعان الإبل كان لرجال الأعمال الليبيين طائرات خاصة….أما جارتنا الشرقية الملتصقة بجسم ليبيا “زي القرادة” منذ الأزال…والتي لم تتدخل في أمر يهم العرب ألا وأفسدته…هاي هي اليوم ترد لنا جميل فتح جميع أبوب العمل أمام أبنائها وفي بيئة صديقة جداُ ووسط شعب ودود لدرجة السذاجة حتى تمكنوا من التحكم في نواحي عديدة من أقتصادنا… ها هي اليوم تبذل قصارى جهده لتمزيق ليبيا…جعل الله كيدهم في نحورهم جميعاً.

    يا سيد “محمد” أنت وغيرك من الليبين مسؤولين جميعاً عما يحصل وبإمكانكم تغيير الواقع لو توفرت الإرادة وعندها ستجد دول مثل بريطانيا تمد أيديها وتبعث مستشاريها وتشجع شركاتها للعودة إلى ليبيا….أطلع للميدان … لا تخريب ولافوضى….لنخرج جميعاً ونقول كلمتنا وعندها سيتغير الحال…أما الأن فما عليك سوى الأنتظار حتى يتفاهم صفوة الفاسدين على “الكيكة” وبعدها لا يحق لك ولا لي ولا لأحد أخر من الليبيين أن يصرخ ويتذمر بسبب أنقطاع الكهرباء…أو عدم توفر السيولة….أو ندرة الوقود….أو أنعدام الأدوية والخدمات الصحية….

  4. Thanks for the article.
    I honestly think that Libyans have proven time
    and again that they are not able to rule themselves!!
    It is about time that the international community gets involved to stop the fast bleeding of the country ‘s wealth.
    The west, especially Europe has an obligation to stand and interfere directly libya since it is part of the Mediterranean and share common history in the region.
    The implementation of
    social engineering, improvement of education and inforcement of the law are some of solutions to the problem!

    Regards

  5. سيد بيتر ميليت
    أصبت الحقيقة .
    لم يكن يوما الصراع الليبي صراع بين قبائل او غرب و شرق او أعراف و صراع عقائدي او صراع علمانية او لبرالية او إسلام سياسي.

    الصراع كان و سيظل صراع على الغنيمة ما لم تجفف مصادر الغنيمة من خلال ارساء مبداء دولة المواطنة .

    ما اكثر قرارات تفويض الذات لريادة المؤسسات العامة ( الغنيمة) و ما اشح اتخاذ قرارات معالجة و تجفيف منابع الغنيمة ( الكؤسسات العامة)

  6. احيي فيك هذا الشعور الإنساني النبيل والذي يفتقده اغلب سياسي وصناع القرار في ليبيا

  7. أنتم أسباب الفساد والبلاوي في كل بلدان العالم العربي وأفريقيا ، ألغرب يفتح لهؤلاء الفاسدين الحسابات ويشاركهم في سرقة الأموال عن طريق شركاتهم ثم يأتون ويتكلمون عن الفساد !
    اللي يستحيوا ماتوا !-

Comments are closed.

حول Peter Millett

Peter arrived in Tunis on 23 June 2015 to take up his post as Ambassador to Libya. Previously he was British Ambassador to Jordan from February 2011 to June 2015. He was High Commissioner to…

Peter arrived in Tunis on 23 June 2015 to take up his post as
Ambassador to Libya.
Previously he was British Ambassador to Jordan from February 2011 to June 2015.
He was High Commissioner to Cyprus from 2005 – 2010.
He was Director of Security in the Foreign and Commonwealth Office
from 2002-2005, dealing with all aspects of security for British
diplomatic missions overseas.
From 1997-2001 he served as Deputy Head of Mission in Athens.
From 1993-96 Mr Millett was Head of Personnel Policy in the FCO.
From 1989-93 he held the post of First Secretary (Energy) in the UK
Representative Office to the European Union in Brussels, representing
the UK on all energy and nuclear issues.
From 1981-1985 he served as Second Secretary (Political) in Doha.
Peter was born in 1955 in London.  He is married to June Millett and
has three daughters, born in 1984, 1987 and 1991.  
His interests include his family, tennis and travel.