خلال الشهر الماضي، اجتمع قادة العالم في نيويورك. اشتمل جدول الأعمال على عدة قضايا: كوريا الشمالية و بورما و العبودية العصرية. و اشتمل كذلك على اجتماع عالي المستوى حول ليبيا.
أنطونيو غوتيرس، الأمين العام للأمم المتحدة، افتتح الاجتماع بالتأكيد على أهميته التاريخية. حيث توجد الآن فرصة تاريخية لحل الأزمة في ليبيا عبر إنعاش عملية سياسية تشمل الجميع و بأنه لا يوجد حل عسكري للأزمة في ليبيا.
بعدها قام مبعوثه الخاص إلى ليبيا، غسان سلامة، بطرح خطة عمل ، مؤكداً على أنها خطة ليبية قائمة على نقاشات مطولة مع الأطراف الليبية ذات الصلة. الهدف هو أن يكون للشعب الليبي صوت في تحديد مستقبل بلاده تمهيداً لانتخاباتٍ عادلة. دعى كافةَ الليبيين إلى الاتحاد في روحٍ من التسوية و حـثـَّـهم على المشاركة البناءة في هذا العمل.
الكلمات التي ألقاها قادة العالم خلال الاجتماع ، بما فيهم رئيسة وزراء بريطانيا ماي ، الرئيس الفرنسي ماكرون و الرئيس المصري السيسي و رئيس الوزراء الإيطالي جينتيلوني دعمت بقوة خطة العمل هذه. يجب استغلال هذه الفرصة السانحة لضخ زخم جديد و لتحقيق السلام و الأمن للشعب الليبي.
السيدة ماي دعت جميع الشركاء المحليين و الإقليميين و الدوليين إلى الاتحاد خلف جهود الأمم المتحدة. و حثت المجتمع الدولي على الاتحاد عبر دعم عملية واحدة تقودها الأمم المتحدة. كما أعلنت عن 40 مليون جنيه استرليني إضافية لدعم مؤسسات ليبيا في مجالات التحول السياسي و الحكم الرشيد و الإصلاح الإقتصادي. و أعلنت عن 5 مليون جنيه أسترليني لتوفير الاحتياجات الأساسية في مجال العناية الصحية و لمساعدة المهاجرين المعوزين.
لم تُضِع الأممُ المتحدة أي وقت في تحويل هذه الخطة إلى واقع. حيث إلتقى ممثلوا مجلس النواب و المجلس الأعلى للدولة في تونس خلال الأسبوع الماضي للبدء في مناقشة عدد محدد من تعديلات الاتفاق السياسي الليبي. تم إحراز تقدم جيد و من المتوقع أن يعود الفريقان لإتمام عملهما في الأسبوع القادم.
لماذا يعتبر هذا الجهد الجديد في غاية الأهمية؟
بعد مرور ست سنوات على الثورة، مازالت أمال و طموحات الشعب الليبي بعيدة المنال. الوضع الأمني لازال هشاً، كما دل على ذلك الاشتباكات الأخيرة في طرابلس و القتال في صبراتة. الحياة اليومية للمواطنين يعترضها تأخير بسبب الوقوف في طوابير أمام المصارف و انقطاع الكهرباء لمدد طويلة و تكدس القمامة في الشوارع و تدني الخدمات العامة. الشعب الليبي يستحق الأفضل.
الاقتصاد بشكل خاص يعاني من وهن. ارتفع معدل انتاج النفط و لكنه يتوقف باستمرار بسبب الجماعات التي تقوم بإيقاف الانتاج لأسباب غير منطقية و مطالب غير واقعية. تدني الانتاج و تدني أسعار النفط عالمياً يعني انخفاض عائدات النفط.
نفقات الحكومة تفوق بكثير معدل الدخل، و هو ما يعني بأن احتياطي ليبيا يتم استنزافه. جميعنا نعرف من حياتنا الخاصة بأنه عندما نصرف أكثر مما نكسب، سوف نواجه الإفلاس. و هذا ما يحدث حالياً في ليبيا.
العملية التي تقودها الأمم المتحدة تمثل أفضل فرصة لأن تـُـخرِجَ ليبيا نفسها من هذه المختنق. الحدث الذي جرى في نيويورك أعاد تأسيس وحدة هدف المجتمع الدولي خلف الأمم المتحدة.
النجاح يعتمد على الليبيين. فهو يعتمد على القيادات السياسية و رغبتها في التسوية. يعتمد كذلك على سماع و احترام صوت الشعب.
وحدة الهدف تعني أن مصالح كل الشعب الليبي يجب الاستماع إليها، بغض النظر عن مناطقهم ، سواء في الشرق أو الغرب أو الجنوب، و بغض النظر عن خلفياتهم القبلية و عن ماضيهم.
وحدة الهدف تعني المصالحة بين كل الليبيين و التركيز على مصالح البلاد ككل بدل المصالح الضيقة و الخاصة.
وحدة الهدف تعني الالتزام بالديمقراطية و حل الخلافات سلمياً عبر التسوية و الحوار.
نحن جاهزون للعب درونا في الدعم. لكن في النهاية، الأمر يعود لليبيين في اتخاذ القرارات الصعبة.