قبل أسبوعين نظمنا زيارة إلى ليبيا لوزير خارجيتنا، بوريس جونسون. ذهبنا خلالها إلى طرابلس، مصراتة و بنغازي. جاء ذلك عقب زيارة في شهر مايو، التي أخذتنا إلى طرابلس و طبرق.
تتطلب هذه الزيارات تخطيطاً دقيقاً و الكثير من الترتيبات. بالتنسيق بين الزملاء في لندن و السلطات الليبية، عملنا لضمان أن تكون الزيارة ناجحة.
كيف يمكنك قياس “النجاح”؟ أحد المعايير هو أن تسير الزيارة بشكل سلس و أن يتمكن وزيرنا من مقابلة اللاعبين الرئيسيين و أن يفهم كيف تسير الأمور في ليبيا. عامل أخر هو أن نتمكن من إيصال رسائلنا للجمهور سواءً في ليبيا أو بريطانيا.
لا شك بأن السيد جونسون قد التقى بليبيين كثر ممن سيكون لهم تأثير بصنع قراراتٍ تتعلق بمستقبل بلادهم. أكد لهم دعمنا القوي لجهود مبعوث الأمم المتحدة، غسان سلامة، لجلب السلام و الاستقرار إلى ليبيا. و أعلن كذلك عن 15 مليون جنيه إسترليني في صورة مساعدات إنسانية و تنموية إلى ليبيا.
بعض من الاجتماعات لم تنل تغطية إعلامية و لكنها مع ذلك كانت مهمةً و مجدية.
في طرابلس، التقى بعدد من ممثلات جميعات المرأة و ناقش معهن مشروع من تمويل بريطاني يهدف إلى نشر حقوق المرأة. وقـّـعت السفارة مؤخراً عقداً مع معهد صحافة الحرب والسلام لمشروع اسمه “أنتي رائدة”.
الهدف هو العمل مع منظمات المجتمع المدني التي يمكنها أن تحدث تغيير. النساء يشكلن 50% من المجتمع الليبي و من أجل المستقبل ، يجب النظر إليهن كرصيد آساسي و مخزون زاخر بالمواهب.
هذه ليست عمليةً بسيطة: فالعمل داخل إطار الثقافة الليبية و الأزمات و الصراعات ليس بالأمر الهين. في عهد القذافي لم يكن هناك وجود لمنظمات مجتمع مدني حقيقية و فعالة. فهذه المنظمات تبدأ من الصفر. لهذا، فإنه من المهم أن يقوم من يحاولون إعطاء النساء فرصة للانخراط في الحوار مع السلطات، بأن يزودوهن بالمعرفة و التجارب الناجحة و الثقة لتمكينهن من القيام بدورهن بفاعلية.
ناقش وزير الخارجية هذه القضايا مع مجموعة من النساء في طرابلس و شجعهن في المساعي التي يبذلنها.
في مصراتة، كان التركيز على إزالة الألغام. فالتقى بممثلي المجموعة الدنماركية لإزالة الألغام الذين تم تمويلهم من بريطانيا لغرض إجراء مسح لأماكن تواجد الألغام و إزالة بعض الأخطار التي تشكلها على سلامة المواطنين.
كذلك التقى بمدربين في مجال تدريب الليبيين على مواجهة الألغام و المتفجرات. الهدف هو أن يتمكن مواطنين في أماكن مثل سرت من العودة بسلام إلى بيوتهم. وفّـرت الحكومة البريطانية 3 مليون جنيه إسترليني لتوفير معدات إزالة الألغام لفائدة هذا المشروع. الممثلون قدموا شرحاً للسيد جونسون حول مدى تعقيد و خطورة هذه العملية.
ثم كانت الانطلاقة إلى بنغازي، حيث التقينا هناك بمؤسسة تطوير للأبحاث. هذه الشركة المبتكِـرة لديها تصور لمستقبل ليبيا و هم يقومون بعمل شئ ملموس في سبيل ذلك. حيث أدركوا بأن ليبيا تعتمد على شيئين: الدخل من النفط و الغاز و الذي يشكل 90% من الدخل الحكومي. و القطاع العام الذي يعمل به حوالي 90% من القوى العاملة في البلاد.
النموذج الاقتصادي أمر مفهوم. العالم يتخلى عن علاقة الغرام التي ربطته بمحركات الاحتراق الداخلي ، و سيارات المستقبل سوف يتم تشغيلها بواسطة الكهرباء. تلك الكهرباء سيتم توليدها عبر مصادر الطاقة المتجددة.
لذلك ، فإنّ بلداناً مثل ليبيا التي تعتمد على صادرات النفط تحتاج إلى أن تبحث عن مصادر أخرى للدخل: عبر بناء إقتصاد معرفي باستثمار المواهب المحلية و تطوير الأدمغة الشابة الطموحة لخلق وظائف تعتمد على الابتكار و المشاريع الشبابية و العلم.
مؤسسة تطوير تدعم تنمية منطقة المريسة الحرة الواقعة خارج بنغازي و التي سوف توفر 60,000 فرصة عمل مباشرة و 450,000 فرصة عمل غير مباشرة.هذا المشروع يعتمد بشكل كبير على خبرات من الشركات و المؤسسات البريطانية.
فهل كانت زيارةً ناجحة؟ للإجابة سأستعير جملة من مسلسل تلفزيوني بريطاني: نعم يا سيادة الوزير!