وسائل الإعلام او التواصل الاجتماعية هي ظاهرة عالمية. هناك 1.8 مليار مستخدم على الفيسبوك من جميع أنحاء العالم. 317 مليون مستخدم على موقع تويتر. لدى يوتيوب أكبر عدد من المشاهدين مقارنة بمعظم محطات التلفزيون.
فقد أصبحت أيضاً آداة سياسية قوية. قادة العالم يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي لبث آرائهم. بعد الهجوم الإرهابي الذي وقع الاسبوع الماضي في لندن، استخدمت رئيسة الوزراء، تيريزا ماي، موقع الفيسبوك لنشر بيان التعازي للضحايا. حظيت رسالة بالفيديو على تويتر، التي قام بنشرها عُمدة لندن، صادق خان، على 32.5 ألف اعجاب.
وسائل الإعلام الاجتماعية هي أيضا آداة أساسية للدبلوماسيين. “تويبلوماسي” هو جزء مهم من مجموعة أدواتنا. تظهر الأخبار على تويتر قبل القنوات الإخبارية. هذا يساعدنا على الاستماع والفهم. هي أيضاً وسيلة حيوية لنقل رسائلنا عن البلدان التي نمثلها. فقد أصبحت جزءاً من “القوة الناعمة”: الطريقة التي نسعى بها الى مصالحنا، وتعزيز قيمنا وبناء مشاركاتنا.
إذا أردنا أن ننشر من مفهوم “بريطانيا العالمية” للتشارك مع العالم، علينا أن نفعل ذلك من خلال القنوات التي يتم اتباعها على نطاق واسع. وهذا يعني وسائل التواصل الاجتماعي – وكذلك المطبوعة والتلفزيون والراديو. هذا يمثل جزءاً من نهجنا في ليبيا. يبلغ عدد المتتبعين على حساب السفارة 197,000 UK in Libya ألف متابع على تويتر، وهو أكبر عدد متابعين من أي سفارة بريطانية أخرى في العالم. الفيسبوك على وجه الخصوص يستخدم على نطاق واسع في ليبيا.
لكن تبقى وسائل الإعلام الاجتماعية سيف ذو حدين. فمن ناحية، يمكن أن تعطي صوتاً لفئة المهمشين. ولكن من ناحية أخرى، كثيرا ما تستخدم للتحريض على الكراهية والعداء والرعب.
قبل ست سنوات، أُعتبرت وسائل التواصل الاجتماعي محركاً رئيسيا لما يُعرف بالربيع العربي. نقل صحفيون من مختلف أنحاء العالم أنّ المتظاهرين في تونس والقاهرة وبنغازي كانوا يقومون بتنسيق حملاتهم عبر نشر الصور ومقاطع الفيديو والرسائل. وكان السبب في ذلك هو انعدام الثقة في وسائل الإعلام الرسمية. فقد أدت سنوات من الرقابة والصحافة المتدنية الجودة إلى إبعاد الناس عن متابعتها.
في فبراير 2011، كانت قنوات الأخبار الرسمية للقذافي تبث الأغاني الوطنية، في حين أن القصة الحقيقية للاحتجاجات والقمع الوحشي من قبل قوات القذافي كانت تنقلها مقاطع الفيديو التي تم تحميلها على يوتيوب. صور صادمة كشفت عن القمع والتهديد المباشر للمدنيين، ليس ضد الليبيين فقط، ولكن أيضا للعالم الخارجي.
ولذلك وجد ثوار 17 فبراير قضيةً مشتركة من خلال وسائل الإعلام الاجتماعية. خلق ذلك تحالفات فضفاضة من القوات المناوئة للنظام وساعدت على حثهم على العمل. شجاعة الناس في بنغازي في مواجهة قوات النظام على ساعدت في إلهام وحشد الناس في أجزاء أخرى من البلاد. من المؤسف أن نرى الوسائل التي أتاحت فرصة غير مسبوقة للناس العامة للتعبير عن آرائهم، قد أصبحت اليوم وسيلة لإبداء آراء متطرفة لإثارة الغضب. في حين أن الكثير من المحتوى على وسائل الاعلام الاجتماعية لا يزال إيجابياً، هناك الكثير من العداء والأخبار الوهمية وخطاب الكراهية والتهديدات. ما وحّد وجمع الناس خلال الثورة، نراه يُستخدم اليوم لخلق الانقسام.
وهذا يجعل من استخدام وسائل الاعلام الاجتماعية تحدياً صعباً، على سبيل المثال، قد يدين مستخدمو الوسائط الاجتماعية إحدى التغريدات أو منشوراً حول اجتماع ما ؛ يبدو أن الناس يعتقدون أن الاجتماع مع سياسي أو زعيم ما، يعني بأننا ندعمه. لكن لقاء الأشخاص هو جزء من المهمة الدبلوماسية العادية المُتمثلة في التواصل مع أي شخص – بشرط أن لا يكون إرهابياً – في محاولة لفهم البلد.
ويبدو بأنّ الرد على التعليقات المسيئة ومحاولة الدخول في نقاش بنـّـاء، يؤدي إلى نتائج عكسية. علينا أن نقبل بأن بعض الناس لن تقبل أبداً رغبتنا في المساعدة وسوف يشتمون رائحة مؤامرة وراء كل خُطوة.
أنشر تغريدة أو لا أنشرها؟ هذا ليس فعلاً السؤال الآساسي. كدبلوماسيين، يجب أن نكون متواجدين على وسائل الاعلام الاجتماعية. وعلينا أن نقبل بأن المسيئين سيواصلون الحروب، سواء من طرابلس أو في أي مكان آخر. أفضل أسلوب للتعامل معهم هو تـجاهلـهم.