في الأسبوع الماضي احتفل العالم الإسلامي بقدوم السنة الهجرية الجديدة، الأن نحن في سنة 1438.
قد لا يقارن الاحتفال بالسنة الهجرية الجديدة بالعيد في المكانة، وقد لا تمتلك الأهمية الاجتماعية التي تحوزها السنة الميلادية الجديدة في العديد من البلدان، حيث تتنافس العديد من المدن في الإسراف على الألعاب النارية.
تعتبر بداية السنة الجديدة في العديد من الثقافات وقتاً للتفكير وتأمل الأحداث التي حصلت في الاثني عشر شهراً الماضية وأيضاً كنظرة إلى المستقبل. السنة الجديدة تولّد الإحساس بالأمل وهي توقيت مناسب لبداية جديدة وفتح مسارات مثمرة جديدة في حياتنا.
في المملكة المتحدة تعتبر السنة الجديدة وقتاً لاتخاذ قرارات شخصية ننفذها في تلك السنة، مثل الإقلاع عن التدخين أو خسارة الوزن أو توفير مبلغ من المال. قد لا يلتزم العديد بهذه القرارات لمدة طويلة نظراً لضغوط روتين الحياة اليومية والتي تجعل هذه التغييرات صعبة. مواجهة اخطاءنا الماضية أمر صعب ولكن التغيير إلى الأفضل قد يكون أصعب.
تواجه ليبيا تحديات كبيرة مع دخولها للسنة الجديدة، حلولها تستلزم قرارات حازمة، ولكنها توفر أيضاً فرصاً للعمل معاً من أجل سنة ومستقبل أفضل.
أولاً، الاقتصاد: ينبغي لليبيا بأن تكون بلداً غنياً، ولكن اقتصاد البلد يواجه انهياراً اقتصادياً مع زيادة استخدام احتياطي نقد البنك المركزي بالإضافة إلى التعقيدات البيروقراطية التي تواجه مصروفات الحكومة. إحدى بوارق الأمل هوا انتهاء الحصار المدمر على الموانئ النفطية ورفع المؤسسة الوطنية للنفط حالة القوى القاهرة. زيادة صادرات النفط تحت اشراف حكومة الوفاق الوطني تعتبر خطوة إيجابية.
ثانياً، الوضع الأمني: القتال ضد داعش والجماعات المتطرفة الأخرى أرهق كاهل البلد بثمنٍ عالي من تضحيات الشباب. ولكن نمو المليشيات يشكل خطر حقيقي على الاستقرار. قيادة عسكرية موحدة تحت السيطرة السياسية المدنية شيء أساسي كأي نظام حكم ديمقراطي حول العالم.
ثالثاً، السياسة: بعد تأخيرات عدة، قام مجلس النواب أخيراً بالتصويت على حكومة الوفاق الوطني. حق المجلس في رفض قائمة الحكومة يجب أن يُحترم. ولكن ليبيا في حاجة إلى حكومة توافق وطنية وذلك لِلُملمة البلد وتطوير معيشة سكانها. الاستمرار في هذا المأزق لن يعطي الشعب الليبي الحق الذي يستحقه في كرامة العيش.
حل هذه القضايا في يد الشعب الليبي، وليس على الخارج التدخل أو اصدار أي تعليمات. دورنا هوا الاستجابة لطلبات المساعدة وتقديم نصائح صادقة ودعم ليبيا كشريك مساوي.
لذا استلهاما لروح السنة الجديدة، اقترح ثلاثة قرارات والتي اعتقد انها تستحق النظر.
- نبذ العنف: الخلافات السياسية يجب أن تحل عن طريق النقاشات الجادة، وليس عن طريق العنف. بخلاف التعامل مع الإرهاب والتطرف كل الخلافات يجب أن تحل بشكل سلمي. يجب أن تكون سيادة القانون جزء أساسي في هذا الطرح. القانون الليبي والمعايير الدولية يجب أن تحترم من قبل الليبيين والمجتمع الدولي.
- المصالحة الوطنية: تاريخ ليبيا يحوي الكثير من الخلافات المحلية والقبلية، ولكن على الليبيين أن يضعوا بعين الاعتبار المصلحة العليا لبلدهم. عندما يجلس الليبيون معاً غالباً ما يجدون روابط واهتمامات مشتركة. من خلال عملهم معاً يستطيع الليبيون توزيع ثروات بلدهم والاستفادة منها عن طريق مدارس ومستشفيات وخدمات أفضل.
- إدراك الشراكة التي بيننا: غالباً ما نسمع بأن المجتمع الدولي لا يقوم بدوره الكافي في مساعدة ليبيا، ولكن في نفس الوقت يتم أخبارنا بأن لا نتدخل. لا يمكن لدولة ما حل مشاكلها بدون التعاون مع الدول المجاورة والصديقة. على المجتمع الدولي احترام رغبات الشعب الليبي، ولكن التعاون بين ليبيا والعديد من الدول التي تمد يد العون سيؤدي بدون شك إلى المساعدة في بناء السلام والازدهار في البلد.
يجب ألّا تكون السنة الجديدة مجرد رقم جديد يحدد الأيام حيث يواجه الناس نفس الخلافات والارتباك. بل يجدر بنا جميعاً القيام بفعل الأشياء بطريقة مختلفة. بهذه الطريقة يمكننا أن نقول بأن 1438 ستكون سنة جيدة.