26 August 2016 Tripoli, Libya
الشباب الليبي
تضمنت زيارتي الأخيرة لمدينة طرابلس لقاءاً مع نشطاءٍ من الشباب. وقد كانوا واضحين بما يرغبون فيه. صوتٌ مسموعٌ فيما يتعلق بمستقبلهم.
لم يكن هنالك أي اختلاف بينهم وبين الشباب الأخر حول العالم. هم يريدون عالم أفضل، وأمن، وفرص عمل وسبل معينة للمساهمة في القرارات التي تؤثر على حياتهم. لو قمت بسؤال أي مجموعة من الشباب في الشرق الأوسط مثلا أو أوروبا، سيقومون بإجابتك بنفس الرغبات.
الاختلاف في الحالة الليبية هو أن نسبة الشباب في ليبيا مرتفعة جداً حيث أن أكتر من 50% من السكان هم تحت الـ 30 سنة. أيضا معدل البطالة يعتبر مرتفع للغاية ما يقارب 49%.
الشباب دائماً ما يقوم بدوره، فهم من بدأ بالثورة آخذين على عاتقهم مجازفة كبيرة في وجه قوة ساحقة. الشبّان اليافعون حالياً في جبهات القتال يحاربون الإرهاب والتطرف في سرت وبنغازي ودرنة، سقط منهم العديد من القتلى والمصابين.
يستحق الشباب مستقبل أفضل. وهم في مقدورهم إعطاء مساهمة قوية. طاقتهم وحماسهم ومشاريعهم يمكن أن تُلهم أمة. مثلهم كمثل أي من شباب العالم لديهم نظرة ومبادئ عالية ومن حقهم بأن يؤمنوا بتحصيل مستقبل أفضل. لا يوجد شيء يعيب الأمل، ولكنهم بحاجة إلى الأدوات التي من خلالها يستطيعون أن يشقو طريقهم.
منظمات المجتمع المدني تعتبر طريقة جيدة لإيصال أصواتهم. مجموعة من الشباب اليافع تستطيع ان تعمل معاً في وضع أجندة محددة وقائمة من الطلبات تُعرض على القادة السياسيين. الطريقة المثلى لتحقيق التغيير هي التأثير على الحكومة، والمجالس البلدية ورواد الأعمال.
التواصل يجب أن يكون متبادل، على الشباب تقوية ثقتهم في أنفسهم لكي يقدموا مشاريعهم، وعلى القادة أن يجلسوا لسماع الشباب. هذه المشاريع في قيد التنفيذ ونحن جاهزون لتقديم المساعدة إما بالتدريب أو الاستشارة.
هذا العمل يجب ان يبدأ من المدرسة، التعليم الجيد شرط أساسي لمجتمع صحي ومزدهر. على المدارس تعليم الصغار كيفية تسخير حيويتهم وخيالهم واستخدام معرفتهم بشكل خلاّق.
يجب ربط التعليم بفرص العمل المستقبلية، في الوقت الحالي العديد من الشباب جزء من مجموعات مسلحة أو عصابات تمتهن أنشطة إجرامية كالخطف، تحفيزهم على تغيير نشاطهم إلى عمل أخر ووضع أسلحتهم جانباً لكي يتعلمو حرفة جديدة هوا أمر ضروري وجزء أساسي من أي استراتيجية أمنية على المدى الطويل. إعادة دمج المقاتلين الشباب في المجتمع سيكون تحدياً كبيراً ويجب التعامل مع هذه القضية من الأن.
يُعتبر المجلس الثقافي البريطاني نشطاً في هذه المجالات في ليبيا. فبرنامج صوت الشباب العربي علّم الشباب من الجنسين في انحاء ليبيا كيفية مناقشة مواضيع صعبة وحساسة، وكيفية سماع الرأي الأخر المعارض واحترامه. ويدير المجلس حالياً برنامج اختبارات اللغة الإنجليزية ويناقش مع وزارة التربية والتعليم خططاً لإصلاح التعليم على المدى البعيد.
المملكة المتحدة أيضاً قدمت 17 مقعداً إلى ليبيا في برنامج المنح الدراسية (تشيفننج) لهذا العام. هؤلاء الطلبة سيقومون بدراساتهم العليا في المملكة المتحدة في العديد من المجالات منها السياسات العامة، والإدارة الصحية، والاتصالات المتنقلة، وإدارة التراث الثقافي. لقد التقيت بعضاً من هؤلاء الطلبة هذا الأسبوع وقد فوجئت بمدى إيجابيتهم ورغبتهم في العلم والعودة للمساهمة بشكل إيجابي نحو ليبيا. وأنا أتطلع لمقابلتهم مرة أخرى حين يعودون.
إحدى المبادرات الملهمة حقاً أطلقت في السنة الماضية عن طريق شركة تطوير والتي قامت بإرسال 23 طالباً من قسم العلوم والتكنولوجيا من مدينة بنغازي إلى جامعة كامبريدج لدراسة الإدارة العلمية. الأن عاد هؤلاء الطلبة إلى ليبيا لتسخير قدراتهم الجديدة لمصلحة بلادهم. وقد قامت قناة بي بي سي بعمل فيلم بعنوان: الشاب الليبي الذكي والذي تابعت فيه القناة أهم احداث تجربتهم هذه.
هنالك مقولة ساخرة تقول ” الكبار في العمر وحيلهم دائماً ما يغلب الشباب وحماستهم”. أنا غير متفق مع هذه المقولة. شباب ليبيا هم قادتها المستقبليين، يجب عليهم أن يعلوا بصوتهم ويلعبوا دورهم الكامل في إعادة بناء بلادهم.