ماذا يعني خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بالنسبة لليبيا؟ العديد من الليبيين قام بسؤالي عن هذا الموضوع أثناء زيارتي إلى طرابلس. هل قيام الشعب البريطاني بالتصويت للخروج من الاتحاد الأوروبي يعني أن المملكة المتحدة سيقل اهتمامها بليبيا؟
بالتأكيد لا. المملكة المتحدة لازالت ملتزمة بواجبها اتجاه ليبيا كما كانت من قبل عن طريق دعم تنفيذ الاتفاق السياسي الليبي الموقع في الصخيرات، والعمل مع المجلس الرئاسي لتنسيق مساعدة ملموسة لوزراء حكومة الوفاق الوطني.
علاقة المملكة المتحدة بليبيا تسبق عضويتها في الاتحاد الأوروبي، وذلك بالعودة إلى أيام الحرب العالمية الثانية واستقلال ليبيا في الخمسينيات. في 2011، تحالفنا مع شركائنا في الناتو حافظاً على حياة المدنيين خلال الثورة. الأن، هدفنا بشكل عام لايزال: السلام، والأمن، والاستقرار والازدهار في ليبيا.
هذه العلاقة المستمرة مع ليبيا تعكس الدور الذي تلعبه المملكة المتحدة في المحافل الدولية. حيث قالت رئيسة وزرائنا الجديدة تيريزا ماي بأن بريطانيا سوف تشكل دوراً إيجابيا في العالم.
حتى مع مغادرتنا للاتحاد الأوروبي، سوف يستمر دورنا في صنع القرار. عضويتنا الدائمة في مجلس الأمن تجعلنا نلعب دوراً مهماً في صياغة ومناقشة وإقرار قرارات المجلس المتعلقة بليبيا والقضايا الكبرى الأخرى في العالم.
ستستمر عضويتنا في حلف الناتو والكومنولث بتوفير شبكة عالمية من الأصدقاء والشبكات السياسية. المملكة المتحدة ضمن العديد من الدول الكبرى تنفق لوحدها 2% من اجمالي ناتجها المحلي على الدفاع و0.7% منه على المساعدات الخارجية.
لايزال اقتصادنا قوي، الخامس على مستوى العالم. أبواب المملكة المتحدة لاتزال مفتوحة لرواد الأعمال بسبب النسبة المنخفضة للبطالة و التضخم، والتي تعتبر اقل نسبة خلال 11 سنة السابقة. عضويتنا في مجموعة الدول الصناعية السبع ومجموعة العشرين تعطينا صوتاً مسموعاً في القضايا الدولية الاقتصادية.
قيمنا لم تتغير، التزامنا بتحقيق السلام والأمن حول العالم، ودعم نظام عالمي مبنى على القانون الدولي وترويج حقوق الأنسان. محاربة الإرهاب سيضل في قمة أولوياتنا، ليس فقط في المملكة المتحدة، بل أيضا في المناطق التي وجود داعش بها يهدد استقرارها .
لعب دور حيوي في المحافل الدولية ليس متعلقاً فقط بالدبلوماسية او القوة العسكرية. استخدام القوة الناعمة حيوي في ظل جيلنا الرقمي. هذا يعنى أنه علينا أن نعترف بأن العمل على ممارسة السلطة مع الأخرين هو أكثر فعالية من محاولة ممارسة السلطة على الآخرين. هذا يعنى استخدام قوى الأقناع وأن نكون مثالاً يحتذى به في استخدام طرق بناءة بدلاً من طرق مدمرة.
لدى المملكة المتحدة قدرات كبيرة من ناحية القوة الناعمة. خدمة البي بي سي العالمية هي من أكتر قنوات البث العالمية انتشاراً وتصل إلى 246 مليون شخص حول عالم وبثمانية وعشرين لغة مختلفة. المجلس الثقافي البريطاني يعمل في أكثر من 100 دولة، ويروج للمعرفة ودراسة اللغة الإنجليزية، بالإضافة إلى تشجيع التبادل الثقافي، والعلمي، والتقني، والتعليمي.
تحتضن بريطانيا 18 جامعة من أصل أفضل 100 جامعة حول العالم منهم 4 من أفضل عشرة. مؤسسات التعليم العالي في المملكة المتحدة دائماً ترحب بالطلبة من مختلف أنحاء العالم.
الرياضة أيضاً تعتبر أحد أنواع القوة الناعمة. الدوري الإنجليزي الممتاز يعتبر أكبر دوري من حيث المشاهدة حول العالم، حيث يُبَث إلى 212 منطقة ويصل إلى 643 مليون منزل بمعدل مشاهدة يصل إلى 4.7 مليار شخص. أندية مثل مانشستر يونايتد وأرسنال وليفربول تعتبر علامات تجارية عالمية.
في كل هذه الجوانب، ستستمر المملكة المتحدة في لعب دور حيوي. وقد ركز وزير الخارجية الجديد بوريس جونسون على هذا في أول خطاب له في مجلس الأمن حيث أعلن أن المملكة المتحدة عازمة على لعب دور قيادي في مواجهة التحديات العالمية.
صادف هذا الخطاب تصويت الأمم المتحدة على قرار يمنح تفويض قانوني لنزع وتدمير الأسلحة الكيماوية المتبقية في ليبيا. قال وزير الخارجية ” معا أبدينا التزامنا المشترك لشعب وسلطات ليبيا “.
وهذا يعتبر أفضل دليل لاستمرار التزامات المملكة المتحدة الى ليبيا.