منذ وصول المجلس الرئاسي إلى طرابلس، حظيت بفرصة زيارة المدينة خمسة مرات، آخرها كان خلال شهر رمضان.
انطباعي الأول كان الترحيب الذي تلقيته والوّد من الناس. منذ وصولي مطار معيتيقة إلى الموظفين في المكاتب، كان هناك ترحيب حار واهتمام كبير بالدور التي ممكن أن تقوم به بريطانيا لدعم حكومة الوفاق الوطني.
تمكنت أيضاً من مشاهدة الظروف المعيشية الصعبة التي يعيشها الشعب الليبي. رأيتُ الطوابير خارج البنوك: أناس ينتظرون على أمل أن يتمكنوا من سحب أموالهم. رأيت المباني التي لم يتم بناؤها أو إصلاحها منذ قيام الثورة. ورأيت القمامة في الشوارع والمنتشرة في الواجهة البحرية وساحة الشهداء والشوارع الأخرى.
الشعب الليبي يستحق أفضل من هذا. الثورة كانت حركة واسعة النطاق، حشدت الشعب ضد ديكتاتور مكروه. واجه المقاتلون الشباب قوات القذافي والمسلحة بشكل جيد بشجاعة لا تُصدق. هُم خاطروا بحياتهم من أجل تحقيق الصالح العام لجميع الليبيين.
أعقاب أي تغيُّر كبير في السلطة تثير دائما توقعاتٍ عالية. الثورات في كافة أنحاء العالم عادةً ما أزالت نظام حكم سيئ واستبدلته بشخص يعد بحياةٍ أفضل، ومعظم هذه الحالات أدت الى خيبة أمل. من المؤكد أن أي حالة تغيير ستُعاني من عدة انتكاسات.
التغيير يتطلب الوقت والإلتزام والتفاني والشجاعة والصمود. وانه من غير المُرجح أن يكون هذا الوقت مريحاً او ممتعا وعلى الأغلب ستصاحبه العديد من التضحيات. ولكن يستحيل عليك أن تتقدم بدون أن تتغير. وفي نهاية المطاف هذا التغيير سيكون ذو قيمة.
عندما ألتقي مع الليبيين، أستطيع أن أرى الحماس والرغبة في التغيير. وأستطيع أن أرى امكانياتهم لجعل بلدهم مكاناً أفضل، فهم يمثلون الالتزام والتفاني والشجاعة المطلوبة في التغيير.
مثال على ذلك هو العديد من الشباب الذين تمت مقابلتهم لبرنامج المنح الدراسية (تشيفننج) التي تقدمه الحكومة البريطانية للسنة الدراسية القادمة. كانت نوعية المرشحين عالية جداً وكان الاختيار بينهم صعباً. وأنا أتطلع قُدماً لمقابلتهم قبل ذهابهم الى بريطانيا.
هذه الإمكانيات البشرية يمكن أن تتطابق مع الثروة الاقتصادية للبلد. ليبيا تملك أكبر احتياطيات نفطية في افريقيا ويعتبر عدد سكانها صغير نسبياً: يجب أن تكون نسبة الثروة للفرد الواحد من أعلى المعدلات في العالم. هذه الثروة ملك لجميع الليبيين وهذه الإيرادات يجب أن تستخدم لجلب المنافع لجميع أنحاء البلاد.
هذا يعني تنفيذ البرامج والمشاريع والتي البلد في أمسّ الحاجة إليها، لتحسين الظروف المعيشية لليبيين في الشرق والجنوب والغرب. أحد الأمور التي ستحدث تأثيراً فورياً هي: الحرص على تشغيل الكهرباء ليلاً ونهارا، وإعادة بناء المدارس والمستشفيات المتضررة وإزالة القمامة من الشوارع.
نحن حريصون على المساعدة في تحقيق هذه المصالح في ليبيا. فكما اتخذنا إجراءات لحماية المدنيين الليبيين في عام 2011؛ نريد الآن مساعدة هؤلاء الناس لتحقيق التغيير. نحن نريد نفس المصالح التي يطمح إليها الليبيون: السلام والأمن والرخاء.
أنا أؤمن بقوة بأن حكومة الوفاق الوطني لديها القدرة والإرادة لتحقيق هذا الهدف. العديد من الليبيين قد يختلفون مع الاتفاق الذي جاء بهذه الحكومة ويتحدون صحته. ولكنه كان نتيجة حوار بين الليبيين، دعمه مجلس الأمن بالأمم المتحدة.
نأمل من مجلس النواب أن يتمكن من التصويت على منح الثقة للحكومة رسمياً. لكن في الوقت نفسه، احتياجات الشعب الليبي مُلحة جداً ولا تحتمل الإنتظار. السياسة حتماً تُوّلد الخلافات، لكن في نهاية الأمر، لابُد من انتهاج نهج واقعي وعملي.
أتطلع قُدُماً لزيارة طرابلس مجدداً. وأريد أيضاً مقابلة العديد من الليبيين في أرجاء مختلفة من البلاد: الشرق والجنوب والمناطق الأخرى في الغرب.