This blog post was published under the 2015 to 2024 Conservative government

Avatar photo

Peter Millett

Ambassador to Libya, Tripoli

3 March 2016 Tripoli, Libya

أمةٌ في أطلالها

في أحد الأسابيع الماضية، قام مراسل من قناة البي بي سي بزيارة مدينة لبدة الكبرى، والتي تقع على الساحل الشرقي من مدينة طرابلس. تحوي مدينة لبدة على بقايا أكبر مدن الإمبراطورية الرومانية وأكثرها جمالاً، بمعالمها الأثرية المذهلة، ومينائها البحري، وأسواقها وأحيائها السكنية.

تضّمن تقرير المراسل، مشهداً لرجلٍ مُسن، يقف وحيداً لحماية هذه الآثار. يواصل هذا الرجل في حمايتها بالرغم من الصراع المستمر، وانعدام الُسياح، وتهديدات داعش، ويحمل بندقية قديمة ليدافع بها عن هذا المعلم الأثري.

Capture
[BBC Newsnight Film – The Hunt for Gaddafi’s Golden Gun ] مصدر الصورة

لماذا يستمر هذا الرجل في حماية هذا الموقع؟ هل لأنه يتحصل على مرتب مقابل هذا العمل؟ على الأرجح لا، فيوجد هناك العديد ممن يتقاضون الرواتب ولكنهم لا يباشرون أعمالهم. لعل السبب هو أن مدينة لبدة الكبرى تعتبرمن أشهر المواقع التاريخية وجُزءٌ من الهوية الليبية التي تجسد عبق ورموز التاريخ الليبي.

إن الآثار، بالتأكيد، تُعد جُزءاً الهوية الوطنية. الإهرامات في مصر والبتراء في الأردن، والأكروبوليس في أثينا: جميعها تروي قصصاً من ماضٍ مجيد. هذا التاريخ يُدرَّس في المدارس ويُنمّي الشعور بالوطنية والطموح للعلى في المستقبل.

في بريطانيا، نصب ستونهنج، وهو عبارة عن أحجار موضوعة بشكل دائري تعود إلى أربعة آلاف سنة، والتي تُبرهن التقدم العلمي لأسلافنا وقدرتهم على نقل أحجارٍ ضخمة لمئات الأميال ونصبها في نمطٍ معقد يكون مطابقاً لحركة دوران الشمس، هذا أيضاً يُمثل مصدر فخر وطني.

stonehenge
[history.com] مصدر الصورة

إن المعالم الأثرية مثل لبدة الكبرى تواجه التهديد حالياً، جراء تواجد داعش في أجزاء متعددة من ليبيا. في الأسبوع الماضي حاول داعش السيطرة على مدينة صبراتة التاريخية، ولكن سكانها الليبيون، توّحدوا لمقاتلتهم وصدهم والدفاع عن المدينة وآثارها ومعالمها.

لقد أظهر تنظيم داعش بأنه لا يملك اعتباراً للتاريخ القديم أو التراث الثقافي. ففي سوريا، بالإضافة إلى تدمير معبد” بعل شمين ” في مدينة تدمر والذي ناهز عمره الألفي عام، فقد قتلوا عالم الآثار البالغ من العمر82  عاماً، والذي كرّس حياته لاستكشاف وفهم هذا المعلم.

وفقا لمنظمة اليونسكو: “التدمير الممنهج للمعالم الأثرية التي تجسد التنوع الثقافي السوري، يكشف عن النوايا الحقيقية وراء هذه الهجمات، وهي حرمان الشعب السوري من معرفتها، وهويتها وتاريخها”.

لعل حارس مدينة لبدة الكبرى، يريد منع مثل هذه الأفعال الهمجية. هناك دافع محتمل آخر، وهو أن لهذه الآثار قيمةٌ اقتصادية أيضاً، فالسُّياح يُحبون التجوّل عبر الأحجار العتيقة والتقاط الصور للمعابد والأعمدة القديمة. يمكن أن تكون الآثار أيضاً مصدر لفرص العمل ومكاناً يتم فيه تجارة الحرف اليدوية المحلية.

آمل حقاً ألاّ يسمح الليبيون لتشدد وإجرام داعش بتدمير التراث الثقافي في ليبيا والذي يعود لآلاف السنين. العديد من المواقع الأثرية المنتشرة في انحاء البلاد، سواء كانت رومانية أو إغريقية، تُمثل مصدر فخرٍ واعتزاز لليبيين الذين التقيت بهم. هُم أيضا قلقون مما قد يفعله تنظيم داعش إذا سنحت لهم الفرصة بالإقتراب منها.

من المتوقع أن يقول العديد أن سلامة البشر أكثر أهمية من الحجارة القديمة: أي أنه يجب أن تكون الأولوية مُوجهة لآلاف الليبيين الذين نزحوا وأُجبروا على العيش في المدارس أو مراكز الإيواء المُؤقتة.

هذا صحيح بالتأكيد، فلا أحد يتوقع من حكومة الوفاق الوطني أن تجعل من حماية الآثار أهم أولوياتها في أول مئة يوم من مباشرة أعمالها. تعزيز الوضع الأمني للناس وتحسين خدمات الكهرباء والنهوض بالاقتصاد جميعها لها الأحقية بأن تكون من الأولويات.

لكن، حماية التراث الليبي باعتباره رمزاً لتاريخ الوطن، يمكن أن يساهم في توحيد البلاد وإحياء شعور الفخر بالهوية الليبية.

لذلك، آمل أن يتم تقدير هذا الحارس الوفيّ في لبدة، وضمان أن ُيكافأ كما يستحق على مجهوداته، وأن تكون لديه المُعدات اللازمة لمواصلة حماية هذا المعلم. فأمةٌ آمنةٌ سليمة خيرٌ من أمةٍ استحالت أطلالاً.

حول Peter Millett

Peter arrived in Tunis on 23 June 2015 to take up his post as Ambassador to Libya. Previously he was British Ambassador to Jordan from February 2011 to June 2015. He was High Commissioner to…

Peter arrived in Tunis on 23 June 2015 to take up his post as
Ambassador to Libya.
Previously he was British Ambassador to Jordan from February 2011 to June 2015.
He was High Commissioner to Cyprus from 2005 – 2010.
He was Director of Security in the Foreign and Commonwealth Office
from 2002-2005, dealing with all aspects of security for British
diplomatic missions overseas.
From 1997-2001 he served as Deputy Head of Mission in Athens.
From 1993-96 Mr Millett was Head of Personnel Policy in the FCO.
From 1989-93 he held the post of First Secretary (Energy) in the UK
Representative Office to the European Union in Brussels, representing
the UK on all energy and nuclear issues.
From 1981-1985 he served as Second Secretary (Political) in Doha.
Peter was born in 1955 in London.  He is married to June Millett and
has three daughters, born in 1984, 1987 and 1991.  
His interests include his family, tennis and travel.