لقد قضيت معظم أيام الأسبوع الأول في وظيفتي الجديدة كسفير بريطانيا لدى ليبيا في مدينة الصخيرات بالمغرب. والتي كانت فرصة جيدة للالتقاء والتعرف على أعضاء الحوار السياسي الليبي.
قبل وصولي إلى تونس ركزت جهودي في محاولة فهم ليبيا. إذا كنت ترغب في فهم بلد ما بشكل معمق، فعليك فهم تاريخ وثقافة وسياسة واقتصاد ومجتمع ذلك البلد. يمكنك أن تقرأ عن خلفية البلد، ولكنك بحاجة ماسة للحديث مع ناسه. من الجلي بأن هذه المهمة أكثر صعوبة في حال عدم تمكنك من زيارة تلك البلد.
قراءة التاريخ أظهرت لي كمية معناة الشعب الليبي في السنوات الأخيرة. سنوات طويلة من الدكتاتورية ملأت الناس بالخوف. غياب حكومة جيدة أدى إلى انهيار الخدمات العامة. ثروات البلاد، والتي من المفترض أن تتقاسمها جميع أنحاء ليبيا لتحسين حياة المواطنين الليبيين العاديين، تم تبديدها.
تاريخ ليبيا الكبير قد شوِّه بصور مروعة بانتهاكات لحقوق الإنسان. ففي سنة 1976 تم الإعدام العلني لمجموعة من الطلاب الذين تجرأوا إلى الدعوة للتغيير. وفي الآونة الأخيرة، تم قتل المتظاهرين في سنة 2011 بدم بارد. تهديدات القذافي لتطهير ليبيا شبر شبر، بيت بيت، وزنقة زنقة كانت القشة الأخيرة.
الآن، وبعد 4 سنوات من الثورة، لم ينل الشعب ما ثار لأجله. ماذا يريد الشعب؟ حين استماعي إلى بعض الليبيين في الصخيرات، فمن الواضح أن الليبيون يريدون نفس الأشياء التي تريدها الشعوب الأخرى سواء في بريطانيا أو في أي مكان آخر في العالم العربي.
انهم يريدون حياة طبيعية: أن يعيشوا بدون خوف؛ أن يعيشوا في مكان يتوفر فيه الأمان؛ في الحصول على عمل وكسب لقمة العيش؛ أن تكون لديهم القدرة لتوفير العيش الكريم لعائلاتهم؛ لتعليم أبنائهم؛ أن يكون هناك نظام صحي فعّال في حال مرضهم؛ وأن يكون لهم صوت في الطريقة التي تحكمهم.
هذه التطلعات هي عادلة ومعقولة. ولكن ما سمعته من ممثلي الصخيرات هو أن الشعب الليبي يعاني حالياَ. وأنهم سأموا القتال وحالة الغموض التي تكتنفهم. انهم يخشون من الإرهابيين والمجرمين مثل داعش. وهم يعرفون بأن بلادهم لديها من الموارد لجعل حياتهم أفضل.
حلول الأزمة في ليبيا هي في يد الليبيين أنفسهم. ما دخل العالم الخارجي ولماذا يهتم؟ الجواب بسيط. المملكة المتحدة لديها علاقات تاريخية مع ليبيا. أدت عملية حلف شمال الأطلسي لحماية المدنيين في سنة 2011 إلى الإطاحة بالقذافي. ونحن الأن نريد أن نرى استعادة الاستقرار لهذا البلد ولوحدته واحترام الحقوق المدنية والحفاظ على حقوق الأنسان لهذا الشعب. ما هو جيد لليبيا يعتبر أمر جيد بالنسبة لنا.
أبرزت الأحداث الإرهابية في تونس الأسبوع الماضي والتي أسفرت عن مقتل 39 شخصا معظمهم من السياح البريطانيين الحاجة للتصدي للإرهاب في المنطقة. ويجب علينا وضع حد لجرائم تهريب البشر في جميع أنحاء البحر الأبيض المتوسط.
الطريقة المثلى للتعامل مع كل هذه القضايا هي دعم الحوار بين الليبيين لإقامة حكومة الوفاق الوطني. تم تصميم هذه الاتفاقية لوضع حد للفوضى والانقسام في البلاد. والتي بدورها ستجلب السلام لليبيين.
لتحقيق ذلك، نحن بحاجة إلى المشاركين في الحوار لتحمل المسؤولية، وإظهار روح القيادة والشجاعة لتقديم التنازلات اللازمة. هدفهم يجب ان يكون بسيط: العودة بالفائدة إلى الشعب الليبي.