كانت العناوين في الآونة الأخيرة مليئة بالصراع والجدل حول التطرف والتعصب، ومع ذلك هناك مفارقة في النقاش. فمن جهة هناك “كلنا تشارلي” و “كلنا معاذ” ولكن من جهة أخرى هناك تصور عن صراع بين “الغرب” والإسلام.
اللغة التي تشدد على استخدام كلمات “الجهاد” أو “الصليبين” تشير إلى أن هناك معركة دينية. ولكن هذا يحول النقاش بعيدا عن حقيقة أننا نواجه أجندة مشتركة بدءا بتهديد مشترك من الإرهاب.
يشكل داعش تهديدا عالميا لجميع الشعوب المحبة للسلام، فهو لا يفرق بين الأديان والثقافات أو البلدان. الأفعال التي يرتكبونها مثل قطع الرؤوس والصلب وذبح الأطفال واستعباد النساء جميعها أفعال وحشية وهمجية.
على الرغم من محاولات داعش بإدعاء الشرعية الدينية لتبرير هذه الأعمال الوحشية إلا أن ردة فعل علماء الدين المحترمين والناس العاديين تظهر بوضوح أنهم يرفضون أي إيحاء بأن داعش يمثلهم أو يمثل ديانتهم. أفضل طريقة لدحض إدعاءات داعش هي من داخل العالم الإسلامي.
نحن أيضا نعاني من مشكلة منتشرة وهي مشكلة “المقاتلين الأجانب” الذين هم من الأشخاص الضعفاء الذين يغويهم تنظيم داعش للانضمام لملتهم. يسافر العديد من الشباب من المملكة المتحدة وأوروبا الى سوريا والعراق والذين يشكلون عند عودتهم خطرا كبيرا على أمننا.
يواجه الأردن نفس المشكلة حيث أن دوافع هؤلاء المقاتلين نادرا ما تكون أيديولوجية. هم أناس يشعرون بأنهم مهمشون وهم ساخطون وغاضبون. كما أنهم توَاقون للشعور بالهوية من خلال الانتماء الى منظمة تظهر أنها تتبنى قيم جذابة ولكن بشكل ظاهري فقط. فهم ينجرون إلى عش الأفاعي الذي يتطلب ولاءا ثابتا ويفرض عقوبات قاسية على المعارضين والمنشقين.
يتوجب على كل بلد معالجة هذه المشكلة الشائعة بطريقتها الخاصة. فقد منعنا في المملكة المتحدة الدعاة الذين يحرضون على الكراهية أو الإرهاب في المدارس والجامعات واتخذنا إجراءات صارمة ضد استغلال الجمعيات الخيرية. تُمكًن القوانين الجديدة السلطات من مصادرة جوازات السفر لمنع الذين ينوون أن يصبحوا مقاتلين من السفر من المملكة المتحدة ومحاكمة الأعمال الإرهابية التي ترتكب في أي مكان في العالم.
لدينا أيضا واجب مشترك للعمل معا لدعم ضحايا النزاعات. فقد وصلت الأزمة الإنسانية الناجمة عن أربع سنوات من الصراع في سوريا أبعاد كارثية حيث تقدر الأمم المتحدة أن أكثر من 12 مليون شخص بحاجة ماسة للمساعدة داخل سوريا. كما اضطر حوالي 7.6 مليون سوري للفرار من منازلهم وهناك الآن أكثر من 3.3 مليون لاجئ في البلدان المجاورة.
على المجتمع الدولي مساعدة السوريين وعلينا أيضا مساعدة الدول التي استقبلتهم بكرم. المملكة المتحدة هي أحد المانحين الرئيسيين للمنظمات التي تحاول تخفيف هذه المعاناة. لقد ساهمنا بأكثر من مليار دولار لهذه الجهود حتى الآن وهي أكبر استجابة لأي أزمة إنسانية على الإطلاق.
يوفر هذا التمويل الغذاء والمياه العذبة والرعاية الصحية والمأوى والخدمات الأساسية للمحتاجين في جميع أنحاء سورية والمنطقة. كما أنه يقدم المساعدة أيضا للمجتمعات في الأردن التي تأثرت خدماتها وبنيتها التحتية مثل تزويد البلديات والتعليم بدعم مادي إضافي.
الرعب الذي نشاهده بشكل يومي على شاشاتنا يشكل أجندة مشتركة لكل من يُقدَر السلام والعدل والحرية وسيادة القانون. إن أثر أعمال داعش على مجتمعنا واستقرارنا وأمننا وازدهارنا المشترك يعني أن علينا العمل معا لمواجهته.
لدينا حاجة مشتركة الى التسامح والسعي وراء الكرامة وعلينا أن نقف معا ضد التعصب الأعمى والتشدد. وقبل كل شيء علينا تجنب عقلية “نحن وهُم” وهذا يعني أن علينا تحديد قيمنا المشتركة والوقوف بوجه الذين يقللون من شأنها. يمكننا جميعا العمل معا من أجل الصالح العام.