29 October 2014
عرمرم: التحدي والجدل
ستكون الحياة مملة إذا كنا جميعا متفقين مع بعضنا البعض، ولحسن الحظ فإن الاختلافات في الرأي أمر طبيعي ولا مفر منه. بل هو أيضا شيء صحي، فسواء كان الخلاف يدور حول البرنامج الذي نريد مشاهدته على التلفاز أو المطعم الذي نرغب بتناول الطعام فيه، فإن هذا سيولد نقاش مفتوح و بدوره سيؤدي إلى اختيار أفضل.
ينطبق هذا أيضا على القضايا السياسية، فعلى سبيل المثال إن تبادل وجهات النظر حول الخيارات في قطاع الطاقة يعني أن الناس يمكنهم تقييم جميع الخيارات وتبادل المعلومات حول الإيجابيات والسلبيات. هذا يجب أن يعني أيضا أنه عندما يتم اتخاذ قرار سياسي سيكون مستند على معرفة أسلم والتي ستضمن قبول أكبر من الجمهور.
قد يجادل البعض أن تحدى السلطة وتحفيز الجدل أمر خطير ولكن قمع الرأي سيكون أكثر خطورة وسيولد العداوة والبغضاء.
النقاش لا يعني تشجيع المباريات الصاخبة و المزعجة كما سيكون من الخطأ تشجيع الناس و جعلهم يعتقدون بأن الصراخ عاليا سيمكنهم من الحصول على ما يرودونه. تحليل القضايا بهدوء وعقلانية هو أفضل وسيلة لدعم تطوير السياسات الجديدة.
بلا شك كان هذا هدف جلالة المللك عبد الله الثاني عندما وصف “المواطنة الفاعلة” كالمجتمعات المحلية التي تنخرط في حوارات بناءة حول القضايا التي تواجه المجتمع وحل الخلافات لصالح المجتمع ككل.
هذا أيضا هدف سلسلة جديدة من البرامج المبتكرة على محطة تلفاز تبث عبر الإنترنت اسمها عرمرم [www.aramram.com]. هذه البرامج هي من تأليف و إنتاج و تقديم أردنيين
و التي تعالج بعض من أكبر التحديات الاقتصادية التي تواجه الأردن اليوم.
الهدف من وجود فريق الإنتاج هو لتوفير معلومات عن القضايا التي تمس حياتهم اليومية، فهم يريدون حشد الرأي الشعبي وتشجيع النقاش بين أفراد المجتمع. أثناء القيام بذلك فإنهم يأملون بتغيير عقلية أولئك الذين يعتقدون أن صوتهم ليس له أهمية بالإضافة الى التحريض على قدر من الجدل حول بعض الخيارات التي تواجه الأردن.
يُفتتح كل برنامج بعرض موجز يقدمه الخبير الاقتصادي يوسف منصور ويليه فيلم قصير يوضح بعض الجوانب الرئيسية لهذه المشكلة. يترأس بعد ذلك الدكتور منصور مناظرة بين اثنين من الخبراء في هذا المجال تليها تعليقات قصيرة من جمهور من جميع أنحاء البلاد. القصة لا تنتهي هنا لأن موقع عرمرم يقوم بتوفير منصة للتعليقات من قبل أي شخص يرغب في التعبير عن رأيه.
غطى الموضوع الأول من نوعه مشكلة البطالة [http://www.aramram.com/node/7274 ]، فقد سلط الضوء على إحصاءات عن البطالة بين الشباب وحقيقة أن الأردن
حصل على المرتبة الثالثة بأدنى نسبة مشاركة نسائية في سوق العمل عالميا. كما ربط البرنامج مشكلة البطالة مع شكاوى الشركات بشأن عدم وجود مهارات مناسبة لدى الخريجين الجدد حيث قال الخبراء أن التعليم وعقلية الطلاب يجب أن تكون أكثر مرونة لتلبية مطالب أرباب العمل. كما أن وجود وسائل نقل أفضل ستساعد أيضا في تعزيز العمالة.
تضمن البرنامج الثاني موضوع الطاقة [http://www.aramram.com/node/7295 ] حيث أنه تساءل لماذا كان هناك أزمة عندما كان لدى الأردن كميات وفيرة من الصخر الزيتي وإمكانيات هائلة للطاقة المتجددة. لم يخجل المعلقين من تحديد وتيرة التغييرات الوزارية والقضايا البيروقراطية كأسباب جذرية للمشكلة. كما تم اقتراح عدة خطوات لتسريع تنفيذ استراتيجية مترابطة للطاقة.
هناك المزيد من البرامج يتم العمل عليها الآن تغطي مواضيع النقل والمياه والدولة الريعية.
الجانب الأكثر تشجيعا لهذه المبادرة ليس الكفاءة المهنية للبرامج (والتي هي أصلا عالية) ولا نوعية النقاش (الصادقة والمثيرة للجدل) ولكن رد فعل المشاهدين. فقد شوهدت البرامج على نطاق واسع بمشاركة أكثر من 15,000 شخص في نقاش قوي على الانترنت (https://www.facebook.com/MalnaSeries/ ).
نحن سعداء بدعم عرمرم في إنتاج هذه البرامج كجزء من برنامج الشراكة العربية ولكن العامل الحيوي هو أن النقاش السياسي الذي ولدته هذه البرامج يملكه و يقوده أردنيين بشكل تام وكامل.