لم أعد أتذكر عدد المرات التي طلب منا “بالتفكير خارج الصندوق”.فقد حوَل خبراء الإدارة الذين يرددون عبارات معينة وكبار المديرين الذين يحاولون أن يتبعوا الأساليب العصرية هذه العبارة إلى عبارة مبتذلة وبلا معنى.
كما أن النهج المتبع يفقد العبارة معناها الحقيقي، فهو يشير الى أن الصندوقوالتفكير المقيد والمفتقر للخيال الذي في داخله لا يزال صالحا.فهو يعطي الانطباع بأنه يمكننا محاولة إيجاد طريقة جديدة للعمل ولكن في الوقت نفسه سنمضي قدما بالطريقة التي نعرفها و اعتدنا عليها.
هذه ليست الطريقة المثلى لتشجيع الابتكار.فالإبداع الحقيقي يعني البحث عن وسيلة جديدة تماما للعمل. فعلى سبيل المثال، سئم المخترع البريطاني جيمس دايسون عندما انسدت مكنسته الكهربائية القديمة من الغبار و تعطل محركها. و بعد هذه الحادثة جاء باختراع جديد تماما وهومكنسة كهربائية لا تحتاج لأكياس و لا يفقد محركها كفائته.
و على نحو مماثل، قام مصمم الحدائق آندرو ريتشي بتصميم دراجة هوائية يمكن طيٌها مما ساعد الركاب في لندن بحمل دراجاتهم معهم على متن القطار أثناء ذهابهم إلى العمل.
تُظهر هذه الأمثلة أن الإبداع ليس غاية في حد ذاته و لكن وسيلة لجعل حياتنا أسهل.تبيع شركة دايسون المكانس الكهربائية بأكثر من70 دولة و لديها أكثر من 4,000موظف، كما باعت شركة دراجات برومبتون أكثر من 100,000 دراجة هوائية. ا
الإبداع في الفن أيضا يجلب المتعة والأرباح،ففي سلسلة هاري بوتر خلقت الكاتبة البريطانية جي كي رولينغ عالما جديدا من الخيال وكانت أكثر سلسلة كتب مبيعا في التاريخ بعد أن باعت أكثر من 450 مليون كتاب.كما أصبحت لعبة كاندي كرش سيغا والتي هي فكرة بسيطة أنتجتها شركة لندن كومباني كينغ اللعبة الأكثر شعبية على الفيسبوك مع انغماس 46 مليون شخص في متعة هذه اللعبة كل شهر.
كانت هذه الأمثلة جزءا من العرض الذي قدَمتُه عن ربط الإبتكار بتجارة الأعمال في مهرجان الفكر الجديد في عمان قبل أسبوعين.فالابتكارات الجديدة مثل الهاتف الذكي لم يكن من الممكن تصورها حتى قبل 10 سنوات؛ فما هي الاختراعات الجديدة التي في طور الإعداد و التي لا نستطيع تصورها اليوم ولكن ستكون شائعة خلال 10 سنوات؟
كان مهرجان الفكر الجديد تجمعا رائعا للأفراد والشركات التي تسعى إلى إلهام الشباب بالتفكير في طريقة جديدة وغير تقليدية. فقد قام 250 متحدث بإطلاع وترفيه و إلهام 14,000 شخص و تشجيعهم نحو روح المبادرة والتطوع.
إن الرابط لتطوير شباب الأردن هو جزء حيوي من هذا المفهوم والإبداع هو أحد أهم المهارات التي يبحث عنها أرباب العمل. فهومرتبط بإمكانات الأردن المستقبلية والقدرة على جذب الاستثماراتوتطوير هذه المهارات يجب أن يكون جزء حيوي من أي استراتيجية لنمو الوظائف.
ليس هناك شيء يمكن أن يمنع الناس من الابداع والمزج بين العاطفة والعزيمة والخبرة سيعطي الناس الثقة بتنفيذ فكرة جيدة وربما تحويلها إلى منتج أو خدمة جديدة.
ناك العديد من الأمثلة الجيدة لهذا النجاح في الأردن. فقدأطلق علاء السلال مكتبة جملونالإلكترونية بعد أن التحق بتدرب في أويسيس 500 و منثم قام بتأمين توسعة مشروعه. كما أنه تم إنشاء الشركة الأردنية لانتاج الأجسام المضادة «مونوجو» من قبل خريجة جامعة كامبريدج بينيلوب شهاب والتي تستخدم بروتينات حليب الإبل في إنتاج خط للعناية بالبشرة و الذي يباع الآن في الولايات المتحدة.
ظهر شباب الأردن الذين توافدوا الى مهرجان الفكر الجديد تعطشهم للتعلم و المعرفة واكتظت الجلسات التدريبية المجانية لمهارات التوظيف بالمشاركين. التركيز على المهارات بدل من المعرفة هو جزء أساسي من تغيير المواقف والسلوك تجاه التعليم والتوظيف.
سلط المهرجان الضوء على أهمية إظهار نهج جديد للشباب تجاه التعليم: كيفية إيجاد واستخدام المعلومات وبالتالي تطوير آرائهم و أفكارهم الخاصة. فالطريقة القديمة بتوزيع الكتب على الطلاب من أجل حفظ المعلومات سيخنق هذا الإبداع الحيوي.
هذا هو الفرق بين الصندوق وما يدور خارجه.لذلك، وكنقطة بداية، علينا التخلص من الصندوق!