في هذا الشهر, يسعدني استضافة مدونة يكتبها ريتشارد أوكارول, معلم الغة الإنجليزية في “المجلس الثقافي البريطاني” في الأردن. وهو يتحدث اللغة العربية بطلاقة ولديه اهتمامات في مساعدة الطلاب على التواصل بشكل فعال في سياقات العمل المشترك بين الثقافات.
‘لدينا قول مأثور في اللغة العربية , مضمونه أن “لا أحد يولد متعلما”، كما قال زيد. “يعني هذا أن علينا أن نتعلم من خلال التجربة والممارسة. وأعتقد أنه ينبغي أن يكون هذا شعار “مركز تدريس المجلس البريطاني”.”
زيد هو أحد الطلبة في دورة اللغة الإنجليزية للمبتدئين في المجلس الثقافي البريطاني. حيث يتعلم الأشخاص الذين لا يعرفون الحروف الإنجليزية, و على مدى 16 درسا ، كتابة جمل بسيطة, واجراء محادثات أساسية باللغة الإنجليزية.
“اليوم الأول كان مفاجأة كبيرة. إذ كنت أتوقع أن نتعلم الكثير من التدقيق النحوي وتكرار الكثير من الكلمات, فهكذا كانت دروس اللغة الإنجليزية في المدرسة. وفوجئت عندما وجدت أن المعلم يتوقع منا إجراء محادثات بسيطة باللغة الإنجليزية”, كما يقول أحد الطلبة; فكثيرون منهم يجدون هذا المفاجأة السارة بالنهج الذي يتبعه “المجلس البريطاني” في التواصل.
تاريخيا، ركز تدريس اللغة على قواعد اللغة والترجمة. حيث يُطلب الى المتعلمين/الطلبة ترجمة الجمل من لغتهم الأم إلى اللغة الإنجليزية أو العكس، و حفظ قوائم من مفردات. كما يُسألون في تحليل الجمل وتحديد الشكل النحوي للكلمات. بمعنى أن الطلبة كانوا يتعلمون اللغة بدلاً من كيفية استخدامها بشكل فعال. وهذا النهج لتدريس اللغة لا يزال شائعا في المدارس والمراكز حول العالم.
إلا أن هذا النهج في التدريس غالباً ما يترك متعلمي اللغة الإنجليزية غير مهيئين تماما للتعامل الحقيقي; من مثل الحجز في فندق، طرح الأسئلة المناسبة في اجتماع لرجال الأعمال، أو وصف ثقافتهم باللغة الإنجليزية. أنها تشبه مثلاً أن يُطلب من شخص ما قراءة كتاب عن ركوب الدراجات- وثم التوقع منه أن يكون قادر على ركوب الدراجة !
ولكن نختلف نحن في النهج الذي نتبعه. دوراتنا في المجلس الثقافي البريطاني تخلق جواً غير رسمي يمكّن المتعلمين من ممارسة اللغة و التواصل باللغة الإنجليزية والحصول على تدريس, مع تصحيح الأخطاء من قبل مدرسي لغة مختصّين. هدفنا دائماً هو مساعدة المتعلمين/الطلبة على التواصل باللغة الإنجليزية بفعالية أكثر و بثقة أكبر. في المستويات المبتدئة، قد يعني هذا مساعدتهم على تقديم أنفسهم، أو ترتيب الطعام في مطعم، أو إرسال رسائل البريد الإلكتروني إلى صديق خلال العطلة. و في المستويات المتقدمة، يقوم المتعلمين بالتوسع والمشاركة في تبرير وجهة نظر ما في مقال أكاديمي، أو إجراء مفاوضات في الأعمال التجارية مع شخص ما من ثقافة أخرى.
في بداية الأمر، يشعر بعض الطلبة أنهم لا يتعلمون اللغة الإنجليزية، بل يغرقون في اللغة. وكثيراً ما تكون تجربة جديدة بالنسبة لهم لتعلم اللغة الإنجليزية عن طريق ممارسة اللغة نفسها. لكن بمجرد أن يدركوا أننا هنا لمساعدتهم على التواصل باللغة الإنجليزية، وليس فقط لاختبار تلك المعرفة أو الفهم النحوي، يشعر طلبتنا براحة أكبر, ويصبحون أكثر نشاطا. وكثيرا ما يقول لنا المتعلمون أنهم لاحظوا أن مهاراتهم اللغوية نمت بسرعة كبيرة, وأنهم أصبحوا الآن من مستخدمي اللغة الإنجليزية، بدلاً من أن يكونوا طلبة التدقيق النحوي في صفوفنا. كما وغالباً ما يقولون أن تعلم اللغة الإنجليزية أصبح ممتعاً وفيه عنصر المشاركة.
غالباً ما يكسب المتعلمون لدينا ثقة جديدة في ممارسة التواصل في أجوائنا الداعمة, كما عبّر زيد عن ذلك بقوله: “لقد تعلمت أن الممارسة تؤدي الى الكمال. الآن يمكنني كتابة جمل وإجراء محادثات بسيطة. كما أنني فقدت شعور الخوف من استخدام اللغة الإنجليزية, حتى أنني أمارسها كل يوم وأتعلم أكثر فأكثر.”
كمدرس في “المجلس الثقافي البريطاني” في الأردن، فإن مشاهدة تطور المتعلمين/الطلبة تكون دائماً امتيازاً كبيراً, لا سيما من هم في المستويات المبتدئة ، حيث أن كل درس يمكن أن يفتح آفاقاً تواصلية جديدة لهم. أنه لأمر رائع أن نسمع من المتعلمين في المستويات المتقدمة أنهم استطاعوا استخدام مهارة اللغة التي تعلموها, و ممارستها في بيئة عملهم.
و هي أيضا تجربة ثقافية غنية بالنسبة لي. أعتقد أنني أتعلم قدر ما أعلم, من خلال المناقشات المتنوعة والمثيرة للاهتمام مع المتعلمين/الطلبة.
يستضيفها: بيتر ميليت