بقلم بيتر ميليت وروبرت جنكينز
جميعنا كآباء و أمهات نريد الأفضل لأطفالنا.و من أجل الوصول للإمكانيات الكاملة تحتاج الفتيات إلى بيئة منزلية مليئة بالحب و الأمان بالإضافة الى التعليم الجيد والدعم الذي يشجع مواهبهن كي يتمتعن بحياة سعيدة و مرضية.
يمنع الزواج المبكر حدوث ذلك، فالفتيات اللواتي يتزوجن بسن مبكر يتركن المدرسة و يفقدن الحق في إتخاذ قراراتهن بأنفسهن وتفوتهن مهارات حيوية لإثراء حياتهن.أما الزواج القسري يعرض الفتيات الصغيرات للإيذاء الجسدي و النفسي والعاطفي و الجنسي.
على الصعيد العالمي، واحدة من كل ثلاثة فتيات تتزوج قبل سن 18 عام.ترغم بعضهن على الزواج في سن الثامنة و لكن حتى في سن الخامسة عشر لا تزال الفتيات يعتبرن أطفال.في هذا العمر يشكل الحمل خطر على حياتهن وحياة أطفالهن.
أسباب زواج الأطفال والزواج القسري غالبا ما تكون اقتصادية واجتماعية،وقد جرت العادة بأن ينظر إليها على أنها وسيلة للخروج من الفقر ومسار نحو مستقبل أكثر أمان.ولكن في حين أن بعض الأهالي يعتقدون بأن الزواج المبكرهو أفضل حماية لطفلهم، غالبا ما يكون لهذا الزواج تأثير معاكس. فهو يزيد من خطر التعرض للإساءة من قبل أزواجهن واحتمالية الطلاق و تفكك الأسرة وغالبا ما ينتهي الأمر بحبس الفتيات داخل دائرة الفقر.
أجرت منظمة اليونيسيف دراسة حديثة في الأردن حيث تبين أن 13٪ من الزيجات المسجلة هي لفتيات دون سن 18 و اللواتي يصل عددهن الى أكثر من 9,600 فتاة صغيرة معظمهن متزوجات من رجال يكبرنهن كثيرا بالسن. و عندما يتعلق الأمر بالفتيات اللاجئات من سورية في الأردن فإن 25٪ من الزيجات تكون لفتيات دون سن 18 عاما وغالبا أصغر من ذلك بكثير. كما قد يكون هذا الرقم أعلى بالنسبة للزيجات التي لم يتم تسجيلها.
ما الذي يمكن عمله؟ تشجيع الفتيات وأولياء أمورهن على التفكير مرتين قبل الزواج المبكر هو أمر مهم للغاية. كما أن التعليم يمكن أن يلعب دورا رئيسيا، فإبقاء الفتيات في المدارس،حتى لو لعام دراسي إضافي واحد،سيعطيهم ثقة أكبر في التعامل مع العالم. كماسيساعد ذلك أيضا في قدرتهن بالحصول على راتب أفضل بنسبة 15- 20٪.
تركز اليونيسف على تمكين الفتيات في السيطرة على حياتهن من خلال توفير فرص للالتحاق بالتعليم الرسمي وغير الرسمي خصوصا التدريب المهني والمهارات الحياتية. كما أن الأمم المتحدةتشجع مناقشة هذه القضايا بين المجتمعات و قادة و رجال الدين لإثبات أن منع الزواج المبكر سيكون أفضل للمجتمع ككل. المنظمات غير الحكومية تعمل أيضا في هذا المجال و إحدى الأمثلة على ذلك هي محاولتهم مساعدة النساء للوصول إلى العدالة بشكل أفضل.
لا بد من العمل على نطاق عالمي لهذا السبب استضافت الحكومة البريطانية مع منظمة اليونيسيف قمة حقوق الفتيات في لندن أمس من أجل حشد الجهود الدولية لإنهاء الزواج المبكر والقسري بين الأطفال.فقد تبادلت الحكومات والمنظمات الدولية و منظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص وجهات النظر حول كيفية معالجة هذه القضايا. لم تكن هذه القمة مجرد منبر للكلام، فقدوافق المؤتمر على التزامات جديدة لإنهاء الزواج المبكر والقسري.
كما ركزت القمة أيضا على موضوع ختان الإناث الذي يعد أشد أنواع و أشكال العنف ضد النساء والفتيات.فهو انتهاك لحقوق الإنسان ويمكن أن يكون له تأثير أبدي على الصحة الجسدية والنفسية للناجيات منه.لقد أثرهذا الموضوع على أكثر من 125 مليون امرأة في البلدان التي يسود فيها هذا التقليد وأكثر من 30 مليون فتاة سيكن بخطر في السنوات العشرة المقبلة.
الزواج المبكر وختان الإناث تتعارض مع القيم العالمية لإنسانيتنا المشتركة وحقوق الإنسان للفتيات في جميع أنحاء العالم.كما أن الهجرة تعني أن الفتيات في أوروبا وأمريكا الشمالية هن أيضا عرضة لخطر هذه الممارسات إذ أنأكثر من 20,000 فتاة في المملكة المتحدة معرضة لخطر ختان الإناث.
ركزت قمة حقوق الفتيات الاهتمام على القضايا الصعبة والحساسة.فنحن بحاجة الآن إلى مناقشات على المستوى العالمي والوطني وكذلك داخل المجتمعات لتنفيذ إجراءات ملموسة.دعونا نأمل أن يجلب هذا مستقبل أفضل لأطفالنا.