Site icon Foreign, Commonwealth & Development Office Blogs

رمضان: وقت للتفكير

لقد تغيرت وتيرة وإيقاع الحياة في عمان في شهر رمضان.فالعديد من الأشخاص غير المسلمين يفضلون أخذ إجازاتهم في هذه الفترةولكن بما أن المسلمين يصومون لتحقيق قدر أكبر من الوعي الذاتي، على الآخرين اسغلال هذا الشهر للتفكير.

النقاش في الدين أمر محفوف بالمخاطرو يجب على الشخص الدبلوماسي أن يتعامل مع هذا الموضوع بحذر شديد.الدين هو مصدر عظيم للخير حيث يقوم بتوجيه الناس خلال حياتهم اليومية و يلهمهم التعاطف مع الناس وتفهم الآخرين.كما أن بعض أجمل المباني في العالم مثل الكاتدرائيات والمساجد والكنيس اليهودي والمعابد هي شهادة على قوة الإيمان.

ولكن عندما ننظر حولنا في هذا العالم من المحزن أن نرى كيف يتم تشويه الدين من أجل إلهام الكراهية والعنف.

هذا التشويه ليس بالأمر الجديد فالتاريخ مليء بجثث أشخاص قتلوا باسم الدين.فقد أطلقت الحروب الصليبية في القرن الثاني عشر على أنها “الحرب العادلة” على الرغم من أنها أدت إلى معاناة رهيبة. وفي القرن السادس عشر عانت انكلترا، الكاثوليك والبروتستانت على حد سواء من القتل المروع بسبب إيمانهم.كما أن حرب الثلاثين عاما في أوروبا في القرن السابع عشرتسببت في موت ما يقارب عشر ملايين شخص.

حرق الكاثوليك والبروتستانت في انكلترا في القرن السادس عشر

لا يزال التمييز والاضطهاد على أسس دينية مستمر في العصر الحديث، و يعدنقل السكان بين الهند وباكستان على أثر الاستقلال عام 1947 مثالا على ذلك. كماأظهرت الحروب في البلقان عام 1990كيف يمكن دمج الانقسامات العرقية والدينية لأغراض سياسية.

لقد رأينا هذا العام تعرض الدين للإساءة بطرق مختلفة، على سبيل المثال تبرير خطف الفتيات المسيحيات من قبل جماعة بوكو حرام في نيجيريا،واضطهاد المتطرفين المسلمين في سوريا والعراق للأشخاص الذين لا يقبلون معتقداتهم حيث بلغوا الذروة عند إعلانهم الخلافة الإسلامية الأسبوع الماضي.أما في القدس التي هي بوتقة الأديان الثلاثة الكبرى، فإن الوضع الراهن في المسجد الأقصى في خطر كبير.

يتمييز المتطرفين دينيا بسم التعصب.فهم مستعدون لارتكاب الفظائع بما في ذلك إرسال أتباعهم للقيام بعمليات انتحارية وغالبا ما يقتلون الناس الذين ينتمون إلى نفس ديانتهم كما حدث في تفجيرات فنادق عمان عام 2005. ولكن هل تعد دوافعهم هذه دينية بحتة أم أنهم يستخدمونها كغطاء للبحث عن الأرض والمال والسلطة؟

ما ينقصهم هو التسامح:القدرة على احترام وتقبل آراء الآخرين.يعتقد هؤلاء المتطرفين بأنهم يحتكرون الحقيقة التي يستخدمونها لتبرير الجرائم التي يرتكبونها ضد ضحاياهم الأبرياء.فمفاهيم الأخوة والتفاهم والرحمة والمغفرة ليست جزء من مفرداتهم.

كانت هذه المفاهيم جزءا من رسالة عمان التي أطلقها جلالة الملك عبد الله في تشرين الثاني عام 2004 والتي أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 2010. تؤكد هذه الرسالة على القيم الأساسية للإسلام:التسامح والرحمة والاحترام المتبادل والقبول وحرية الدين. فهي تعترف بالتنوع الغني للممارسات داخل الإسلام ولكنها أيضا تعترف بالقيم المشتركة مع الأديان الأخرى.

مسجد الملك الشهيد الملك عبد الله بن الحسين يجاور كنيسة السيدة العذراء مريم و القديس مار جرجس في منطقة العبدلي في عمان

ينبغي أن نحتفل بهذه القيم المشتركة مثلالرغبة في العدالة والإنصاف والكرامة الشخصية التي توحد جميع الأديان.علينا أن نصر على حرية الدين كحق من حقوق الإنسان الأساسية ومكافحة التعصب الديني بقوةكما ينبغي أن نشجع الحوار بين الأديان كوسيلة لتعزيز التفاهم المتبادل.

التسامح هو أساس الحرية الدينية والتفاهم التي يتمتع به الأردن كجزء من استقراره المتأصل. يجدرالإشارة هنا إلى أحد آيات القرآن الكريم في شهر رمضان المبارك و هي: “لا إكراه في الدين.”

Exit mobile version