ذهبت الأسبوع الماضي إلى افتتاح مخيم الازرق الجديد للاجئين السوريين في الأردن. لم يكن هناك أي احتفال فالمخيم الجديد هو للأسف ضروري لتأمين المأوى لمئات اللاجئين الذين يفرون يوميا من الحرب الأهلية الوحشية في بلادهم.
سوف يقوم مخيم الأزرق بإيواء 51,000 شخص في البداية و يمكن أن يزيد العدد إلى 130,000 شخص. موقع المخيم ليس بالجميل فهو في منطقة صحراوية مفتوحة معرضة لرياح مغبرة وحرارة الصيف القاسية. الإقامة البسيطة للاجئين هي بلا شك أفضل بكثير من استهدافهم من قبل القنابل و القذائف كما سيستطيع اللاجئين بلا شك أيضا التكيف مع هذه الإقامة و السكن و جعلها وطنهم المؤقت.
الأردن الآن هو موطن لحوالي 600,000 لاجئ مسجل و أكثر من مليون سوري، فهناك سوري واحد لكل 6 أردنيين. فعلى مدى السنوات الثلاث الماضية تم الترحيب بهؤلاء السوريين بشكل حار من قبل الأردنيين الذين أبدوا أروع أنواع الضيافة والكرم من حيث تقديم المأوى والغذاء وكذلك التعليم المجاني والرعاية الصحية.
يقيم العديد من اللاجئين في مخيم الزعتري و وجود 100,000 شخص في هذا المخيم يجعله ثاني أكبر مخيم للاجئين في العالم. عندما قمت بأول زيارة لهذا المخيم في تموز 2012 كان عبارة عن منطقة مفتوحة صخرية و فارغة مع عدد قليل من الخيام الموجودة في مهب الريح. أما الآن فهوعبارة عن مجتمع مكتظ و حيوي حيث جمع السوريين أنفسهم في مجتمعات قروية و قاموا بفتح المحلات التجارية والمطاعم و بذلوا قصارى جهدهم لجعل أسرهم مرتاحيين. أما المخيم الرئيسي الآخر في الأردن تم بناءه من قبل دولة الإمارات العربية المتحدة و يقوم بإدارته الهلال الأحمر و يقطنه حوالي 5,000 لاجئ سوري.
الغالبية العظمى من اللاجئين في الأردن لا يعيشون في المخيمات حيث أن حوالي 80٪ من السوريين يعيشون في البلدات و القرى الأردنية و يقومون بإسئجار البيوت وفي كثير من الحالات يحاولون العثور على فرص عمل.
لا شك أن الأماكن التي اختاروا العيش فيها هي من بين أفقر الأماكن في الأردن. كما أن انتقالهم للأردن أدى الى رفع الإيجارات و فرض عبئا هائلا على الخدمات المقدمة من البلديات والدولة. و على الرغم من هذا العبء فإن الأردنيين قاموا بالترحيب بهم كالأخوة .
لقد تغير موقف اللاجئين نفسهم مع مرور الوقت حيث أنهم كانوا غاضبين جدا أول وصولهم من الطريقة التي استخدم نظام الأسد المروحيات والدبابات و الآليات المدفعية لتدمير منازلهم و كانوا يريدون اتخاذ إجراءات سريعة لمساعدتهم على العودة. العداء تجاه الأسد بأنه هو سبب محنتهم لا يزال قائما و لكنهم يتقبلون باستمرار حقيقة أن الأمر سيستغرق وقتا قبل أن يتمكنوا من العودة إلى ديارهم.
عليك فقط أن تتحدث مع اللاجئين لفهم أهوال ما شاهدوه فقد شهدالعديد منهم و أولادهم شهدوا فظائع لا توصف وقسوة مروعة. كما أخبرني رجل أنه رأى شقيقته و أطفالها الخمسة يذبحون على أيدي لصوص النظام الملقبين بالشبيحة. و وصفت سيدة آخرى كيف ومتى قتل زوجها و كيف مشت لشهور من حمص للوصول بسلامة الى الأردن و كيف اختبأت في مبان مهجورة و حالة الرعب التي عاشتها كل يوم خوفا على حياة أطفالها.
لقد أضاع الكثير من الأطفال ما لا يقل عن سنتين من التعليم. أما الآن ي يمكن للأطفال اللاجئين الذهاب إلى المدارس في مخيم الزعتري و في البلدات الأردنية. ولكن سوريا معرضة لخسارة جيل كامل من الأطفال و هذه قضية ليس فقط قضية خسارة التعليم و لكنها أيضا قضية الإصابة بصدمات نفسية من جراء الحرب و التلوث في سن مبكرة عن طريق العنف و النتزاع من براءة الطفولة الطبيعية داخل أسرة محبة. هذه هي أكبر مأساة لهذا لصراع و لهذا السبب أطلقت وزيرة التنمية البريطانية جاستين غرينينغ مبادرة ضخمة “لا جيل ضائع ” للمساعدة في توفير التعليم للأطفال السوريين. علينا أيضا مساعدة المدارس الأردنية العديدة التي استوعبت الأطفال السوريين.
هيمنت قضية تدفق اللاجئين السوريين على عمل السفارة البريطانية في عمان في السنوات الثلاث الماضية. فقد كرست المملكة المتحدة بليون دولار للإستجابة الإنسانية للأزمة السورية وهذا يمثل أكبر استجابة بريطانية لأي أزمة على الإطلاق. كما وصلت قيمة تبرعاتنا للأردن إلى 250 مليون دولار في حين أن الكثير من هذه المساعدات ذهبت لمساعدة الأمم المتحدة والمنظمات الدولية غير الحكومية في دعم السوريين و المبالغ المتزايدة ستكون لدعم المجتمعات المحلية الأردنية التي تستضيف اللاجئين بما في ذلك 20 مليون دولار لدعم البلديات التي يعيش فيها معظم اللاجئين .
الى أين سنذهب الآن و الى متى سيستملر كل هذا؟ من المستحيل معرفة الجواب ولكن الحقيقة الرئيسية هي أن الأردن جنبا إلى جنب مع الدول المجاورة الأخرى مثل لبنان وتركيا، أبقوا حدودهم مفتوحة لإعطاء الملاذ للاجئين. من واجب المجتمع الدولي دعم كرم هذه الدول و المملكة المتحدة ستستمر بالقيام بذلك و كذلك يجب على الجهات المانحة الأخرى.