استغرق وصول خبر انتصار أسطول البحرية الملكية البريطانية في معركة ترافالغر عام 1805 أسبوعين ليصل الى لندن. حيث أتم إرسال سفينة من مكان المعركة قبالة سواحل البرتغال إلى أقرب ميناء إنجليزي و من ثم اضطر أحد الضباط أن يستقل عربة إلى لندن ليبلغهم بالخبر. حتى عندها كانت الأخبار غير واضحة و اضطرت العائلات التي تبحث عن تفاصيل حول عدد البحارة الذين قتلوا إلى الانتظار عدة أسابيع أخرى.
أما في زمننا الحالي، تكون الفرق الإخبارية موجودة في قلب الحدث و يتم نقل صور المعارك على شاشات التلفزيون في نفس الوقت الحقيقي لحدوثها. فعلى سبيل المثال فإن الأفلام المصورة من قبل الناس العاديين للقنابل التي تلقى على المواطنيين من قبل النظام السوري يتم تحميلها على الإنترنت في غضون دقائق كما يتم تسريب الأخبار عبر مواقع التواصل الإجتماعي على الرغم من دقتها. و الشخص الذي يحصل على هذه المعلومات أولا غالبا ما يمكن أن يملي اللهجة والمضمون حسب الطريقة التي ينظر بها الى هذه التطورات.
ماذا يعني هذا بالنسبة للحكومات وكيف ينبغي للسفارات التكيف مع عصر الدبلوماسية عبر مواقع التواصل الإجتماعي (خصوصا تويتر)؟ الحقيقة المرة هي أن جميع المنظمات عليها أن تتكيف مع هذا التطور من أجل البقاء. فإذا كنا نعتقد أن الأساليب القديمة لا تزال صالحة مثل إصدار بيان صحفي أو استدعاء الصحفيين المحليين لمؤتمر صحفي فهذا يعني أننا لا نقوم باستخدام الوسائل الحديثة بالطريقة الصحيحة و التي وضعتها التكنولوجيا تحت تصرفنا .
بالنسبة للشخص الدبلوماسي فإن التويتر و الفيسبوك و الإنستغرام أصبحت أدوات ووسائل أساسية. فإن أحد المزايا هي أن الاتصالات الآن يمكنها أن تكون في الإتجاهين و باستخدام مواقع التواصل الاجتماعي يمكنك أخذ و نشر المعلومات على حد سواء.
يمكنك أخذ المعلومات عن طريق الدخول الى نقاشات محلية حول القضايا ذات الاهمية حيث يمكن لمواقع التواصل الإجتماعي أن تجعلك أقرب إلى الصوت الحقيقي للناس. كما يمكنك نشر المعلومات من خلال بث آراء حكومتك حول أحدث القضايا وأحدث المنتجات أو أكثر الوجهات السياحية جاذبية .
أخذ و نشر المعلومات كان السبب وراء جلسة السؤال و الجواب التي أجريتها على تويتر في بداية هذا الاسبوع. كان هدفنا الرد على أسئلة حول قضايا مختلفة: سياسية واقتصادية و تجارية و التي يكون لبريطانيا دور فعال فيها بالتعاون مع الأردن. لقد استطعنا الإجابة عن أكثر من 50 سؤال خلال ساعة و التي شملت قضايا مثل القدس و سوريا بالإضافة الى مواضيع أخف مثل السياحة في الأردن. ساعدتنا الجلسة على فهم المسائل التي تهم الأردنيين و إظهار مدى دعمنا للأردن. كما استطعنا أيضا إظهار كيف نقوم بتطوير الروابط التقليدية لخلق مجالات جديدة للتعاون و التي ستكون في مصلحة كلا البلدين.
بطبيعة الحال هناك مخاطر في معالجة هذه المسائل و الأسئلة على مواقع التواصل الإجتماعي، فالقواعد الأساسية للدبلوماسية يجب أن تنطبق هنا أيضا حيث أن خروج كلمة أو تعليق ليس في مكانه يمكن أن يسبب المشاكل. كما أنه من السهل أن ينظر إليك بأنك ببغاء للخطاب الرسمي لحكومتك و الذي من شأنه أن يفشل في جذب إهتمام الجمهور المتطور و السريع.
أفضل طريقة لإدارة هذه المخاطر هي أن تكون صادق و استخدام معرفتك و مصالحك الشخصية ولكن مع الحفاظ على خصوصيتك. التغريدات والصور عن الزيارات التي أقوم بها الى مناطق مختلفة من الأردن أو الاستمتاع بالمنسف تساعد على زيادة المشاركة و التفاعل. كما أن إضافة نوع من الفكاهة يكون مفيدا أيضا، فأنا لم أستطع مقاومة إعادة تغريد تغريدة باللغة الانجليزية كان عنوانها “الأردن يلهم إنجلترا إلى النصر” على الرغم من أن “جوردن” في هذا الجملة هو اسم لاعب كريكيت بريطاني و ليس المقصود به “الأردن”.
.
التفاعل مهم أيضا و استخدام التغريدات لطرح الأسئلة و الإجابة على التعليقات يمكن أن يولد نقاش صحي، ولكن عليك أن تعرف أين تضع الخطوط الحمراء. فعلى سبيل المثال أنا لا أستطيع أن أناقش مواضيع تتعلق بالتأشيرات أو قضايا قنصلية عبر تويتر. هذه قضايا شخصية و مناقشتها بشكل علني ليس مناسبا.
أغرد أو لا أغرد؟ الجواب على هذا بديهي في زمن السرعة هذا. فعلى عكس ما كان قبل 200 سنة عندما استغرق خبر انتصار عسكري مهم أسبوعين للوصول إلى صناع القرار، فمن المتوقع منا الآن التفاعل مع كل ما يتردد على شبكة الانترنت. ولكن إذا لم نشارك و لم نقم بإدارة المخاطر سوف نفقد صلتنا مع ما يجري حولنا.