16 April 2014
هدر مرحلة الشباب
يوحي ازدهار الشباب بأنه يقدم للشخص كل شيء: الصحة الجيدة و الطاقة الدائمة و العطش للمعرفة.
مع ذلك فإن شباب اليوم يواجهون تحديات هائلة و أكثر من 75 مليون من الشباب في العالم عاطلين عن العمل. والحقيقة هي أن العالم أصبح مكانا شديد المنافسة حيث أن الدراسة للحصول على تعليم جيد و إيجاد فرص عمل و إنشاء أسرة جميعها أصبحت أشد صعوبة من قبل.
غالبا ما يقول كبار السن: ” إن كنت أعلم وقتها ما أعلمه الآن … ” ولكن هل هذا يعني أننا كنا سنفعل الأشياء بشكل مختلف؟ الوقوع في الخطأ والتعلم منه هو جزء من النضوج، فالفشل ليس عارا بل هو جزء من منحنى التعلم الطويل في الحياة و يمكنه أن يكون تجربة إيجابية من شأنها تحسين فرص النجاح في المرة القادمة.
يشكل الشباب النسبة الأكبر من سكان أي بلد في العالم و هذا واضح خصوصا في منطقة الشرق الأوسط. مهمة الحكومات هي مساعدة الشباب على تحقيق إمكاناتهم لمصلحتهم الخاصة و إطلاق العنان لمواهبهم من أجل المصلحة العامة للبلد.
أفضل وسيلة لتلبية احتياجات الشباب هي منحهم حق التعبير فهم بحاجة للمشاركة في اتخاذ القرارات التي تؤثر عليهم. كما يتعين على الحكومات والبلديات والجامعات و المدارس الانخراط مع هؤلاء الشباب و مساعدتهم في السيطرة على مستقبلهم. و عليه يجب أن تدمج سياسات الشباب في جميع السياسات الحكومية.
هذه كانت الرسالة التي سمعناها من أحمد الهنداوي، أول مبعوث لأمين عام الأمم المتحدة للشباب وهو شاب أردني كان يتحدث في منتدى طلال أبو غزالة للمعرفة في عمان الأسبوع الماضي.
أساس رسالته هي الحاجة للعمل مع الشباب وليس لهم حيث تحدث عن التحدي بطريقة قاسية و قال أن النمو السكاني يعني خلق 600 مليون فرصة عمل جديدة في السنوات ال 15 المقبلة.
لن يتم إنشاء هذه الوظائف من قبل الحكومات بل عليها أن تأتي من خلال القطاع الخاص. فدور الحكومات هو مساعدة الشباب على تطوير المهارات التي تحتاجها الشركات وإرشادهم نحو القطاعات التي لديها أفضل فرص عمل من خلال إرشاد وظيفي محدد وواقعي. قد لا يعني هذا الحصول على شهادة مرموقة و مهنة ذات صدى رنان و قد يكون من الأفضل استهداف تدريب مهني في منطقة تفتقر للمهارات.
كما حذر الهنداوي من أن الحصول على شهادة جامعية ليست ضمانا للعثور على وظيفة، بل في الواقع هناك معدلات أعلى للبطالة بين حملة درجة التعليم العالي في العديد من البلدان.
كيف يمكن للشباب المشاركة في السياسات التي لها علاقة بهم؟ يجب على السلطات دعوتهم و إشراكهم في النقاش و إظهار بأن وجهات نظرهم قيمة. لدعم هذه العملية في الأردن، فقد قمنا بتمويل مشروع مع معهد الثريا للدراسات من أجل تدريب الشباب على الانخراط مع البلديات.
يناقش برلمان الشباب في المملكة المتحدة القضايا التي تساهم في سياسة الحكومة. فإن أكثر من ربع مليون من الشباب قاموا بالتصويت على القضايا التي سيتم مناقشتها من قبل 307 عضو و الذين تتراوح أعمارهم ما بين 11-18. فهم يجتمعون في غرفة مجلس العموم في وستمنستر ليتم سماعهم من قبل صناع القرار وليتذوقوا معنى كيفية التعامل مع القضية في المستقبل.
الكاتب الايرلندي جورج برنارد شو هو صاحب مقولة “يهدر اليافعين مرحلة الشباب”. فقد أصبح لاحقا أحد مؤسسي مدرسة لندن للاقتصاد، لذلك كان لا بد منه أن يكون واعيا لأهمية رعاية فضول الشباب و تسخير طاقاتهم و الاستثمار في أملهم بمستقبل أفضل.
اليافعون لا يهدرون مرحلة الشباب، بل هي نقطة انطلاق ضرورية على طريق النضج.