Avatar photo

Peter Millett

Ambassador to Libya, Tripoli

19 February 2014

المنسف الخاطئ

يفخر الأردنيون بطبقهم الوطني وهم محقين في ذلك ، فهذا الطبق اللذيذ المكون من الأرز ولحم الضأن و الجميد (نوع من أنواع اللبن) هو رمز للتقاليد الأردنية و يشكل جزء أساسي من المناسبات الكبرى. المنسف هو أيضا جزء لا يتجزأ من زيارات الدبلوماسيين لمناطق المملكة. وبالطبع علينا أن نتناوله باليد وليس بالملعقة و الشوكة.

السفير البريطاني بيتر ميليت يتناول المنسف في الكرك مع صاحب مصنع الطباشير
السفير البريطاني بيتر ميليت يتناول المنسف في الكرك مع صاحب مصنع الطباشير

لذلك كنت أتطلع إلى تناول المنسف عندما قمت بزيارة معان قبل أسابيع قليلة بدعوة من أحد النواب المحليين. فمعان هي مدينة مثيرة للاهتمام في جنوب الأردن و لديها أهمية تاريخية كبيرة حيث أن الأمير عبد الله الهاشمي اتخذها مقرا له عندما وصل في عام 1920.

يرتبط ذكر مدينة معان بعدد من القضايا و المشاكل المعينة و مثال على ذلك حادثة قتل 4 طلاب في أعمال عنف في الجامعة العام الماضي. أنا لم أقم بزيارة معان منذ فترة طويلة لذلك كانت هذه الدعوة فرصة جيدة للذهاب والاستماع إلى السكان المحليين.

وصلنا إلى مشارف مدينة معان في وقت الظهيرة حيث كانت سيارة الشرطة المحلية تنتظرنا و طلب منا اللحاق بهم. سرنا عبر الشوارع حتى وصلنا إلى مبنى بدا وكأنه مكان لإقامة حفلات الاستقبال الكبيرة. كان هناك العديد من السيارات خارج المكان والكثير من الشرطة في المنطقة المجاورة و من ثم دخلنا المبنى بشعور من الترقب.

كالعادة كان في استقبالنا صف طويل من الرجال الذين قاموا بمصافحتنا. أنا لم أعرف أي منهم و بدت عليهم معالم الحيرة عندما رأونا. دخلنا غرفة كان فيها أكثر من 200 رجل يرتدون اللباس التقليدي القبلي واقفين حول طاولات تئن من وزن العدد المهول من المناسف الموجود عليها. رحبوا بنا و اصطحبونا الى أقرب طاولة فارغة.

لكن هناك شيء لم يبدو طبيعيا، فعادة عندما أتلقى دعوة لزيارة مكان نجلس و نتحدث قبل الأكل و لكن هؤلاء الناس كانوا قد بدأوا بتناول الطعام و لم يكن هناك أثر للنائب الذي قام بدعوتنا كما بدا على الناس أنهم لا يعرفوننا و لا يعرفون سبب وجودنا. اتضح لنا لاحقا أننا ذهبنا للمكان الخطأ و المنسف كان المنسف الخاطئ!

كان هذا المنسف مقدم من قبل المزارعين المحليين لوزير قادم لزيارتهم من عمان و كان النائب الذي دعانا ينتظرنا في مكان آخر. فعندما أدركنا خطأنا رأينا أننا أمام معضلة جديدة: كيف يمكن أن نخرج و نحفظ ماء وجهنا؟

لحسن الحظ أدرك شخص من الموجودين أننا جئنا للمكان الخطأ و أجريت مكالمات هاتفية و تم مرافقتنا الى خارج الغرفة. كان هناك عدد من الوجوه التي بدت عليها معالم الدهشة ولكني أعتقد أن معظم الرجال كانوا يستمتعون بتناول المنسف و لم يلاحظوا شيئا.

عدنا إلى سياراتنا و تم إرشادنا الى المنزل الصحيح. هناك أجرينا حديث طويل و مثمر مع النائب و أصدقائه و رفاقه. فقد تحدثوا عن الوضع في معان وتصوراتهم عن القضايا المحلية والإقليمية.

السفير البريطاني بيتر ميليت يتسلم درع خلال زيارة لمعان
السفير البريطاني بيتر ميليت يتسلم درع خلال زيارة لمعان

بعد الحديث ذهبنا لتناول الطعام حيث قدموا لنا المندي و هو طبق يمني يشبه المنسف ولكن الأرز مضاف إليه بهارات حارة. هذا الطبق شائع تقديمه في الجنوب و يبدو أنك تستطيع أكله بالشوكة و الملعقة بدلا من اليد.

عند التمعن لاحقا بمجريات أحداث هذه الزيارة أدركت أن الذهاب إلى المنسف الخطأ أوضح أحد أهم نقاط القوة في المجتمع الأردني. عادات و تقاليد الترحيب بالضيوف و حتى الضيوف الغير معروفين يبقى قويا. حقيقة أننا تمكنا من التطفل على منسف أشخاص آخرين و الترحيب بنا بحرارة ودعوتنا على الطعام هو شهادة على حقيقة أن تقاليد الضيافة والكرم لا تزال متأصلة في الثقافة الأردنية. أتمنى أن تستمر هذه العادات طويلا!

حول Peter Millett

Peter arrived in Tunis on 23 June 2015 to take up his post as Ambassador to Libya. Previously he was British Ambassador to Jordan from February 2011 to June 2015. He was High Commissioner to…

Peter arrived in Tunis on 23 June 2015 to take up his post as
Ambassador to Libya.
Previously he was British Ambassador to Jordan from February 2011 to June 2015.
He was High Commissioner to Cyprus from 2005 – 2010.
He was Director of Security in the Foreign and Commonwealth Office
from 2002-2005, dealing with all aspects of security for British
diplomatic missions overseas.
From 1997-2001 he served as Deputy Head of Mission in Athens.
From 1993-96 Mr Millett was Head of Personnel Policy in the FCO.
From 1989-93 he held the post of First Secretary (Energy) in the UK
Representative Office to the European Union in Brussels, representing
the UK on all energy and nuclear issues.
From 1981-1985 he served as Second Secretary (Political) in Doha.
Peter was born in 1955 in London.  He is married to June Millett and
has three daughters, born in 1984, 1987 and 1991.  
His interests include his family, tennis and travel.