ما علاقة نجمة مشهورة بمخيم للاجئين في الأردن؟ بالواقع هناك علاقة كبيرة. فقد قامت الممثلة البريطانية الشهيرة ميشيل دوكري التي تلعب دور “السيدة ماري” في المسلسل الدرامي البريطاني الشهير ” داونتن آبي ” بزيارة لمخيم الزعتري الشهر الماضي. تلعب ميشيل دور الأرستقراطية المنعزلة و المزرية في المسلسل و لكن في الواقع هي إنسانة حساسة للغاية و حريصة على مساعدة و تخفيف معاناة اللاجئين.
الآن ستكون ميشيل وجه عيد الميلاد لمنظمة أوكسفام و ستنقل واقع الأزمة السورية لبلادها و للملايين من الناس الذين يستعدون لعيد الميلاد في بريطانيا. فإنها ستسلط الضوء على أهمية توفير المأوى والغذاء والدواء للعائلات التي فرت من أعمال العنف. كما أن كل جنيه يتبرع به الشعب البريطاني سيتم مضاعفته لأن وزارة التنمية الدولية البريطانية ستقدم جنيه من الحكومة مقابل كل جنيه يتبرع به العامة.
يركز جزء من حملة أوكسفام اهتمامه على الأطفال. فقد أظهرت الأرقام و الإحصاءات الواقعية أن 11,500 سوري تحت سن 17 قتلوا أثناء هذا الصراع و أصبح مليون شخص تحت هذا السن من الاجئين و مليون آخرين موجودين داخل سوريا و غير قادرين على الذهاب إلى المدرسة. هذه الأرقام من المستحيل فهمها.
الواقع هو أن جيل كامل من الشباب السوريين ينمون و هم يشهدون أعمال العنف المروعة و يشهدون قتل أقاربهم أو تشويههم. فقد أجبروا على الفرار إلى بلد آخر وغالبا ما ينفصلون عن والديهم ليعيش في خيمة و في أغلب الأحيان تفوتهم المدرسة. لهذا السبب، فإن المملكة المتحدة تطلق “مبادرة الجيل الضائع” بقيمة 30 مليون جنيه استرليني لتوفير الحماية والرعاية والإرشاد لهؤلاء الأطفال.
هناك أرقام و إحصاءات واقعية أخرى لا يمكن إستيعابها: قتل أكثر من 100,000 شخص، أكثر من 9 ملايين بحاجة للمساعدة داخل سوريا و أكثر من 2 مليون لاجئ في البلدان المجاورة. لا يمكن نقل الواقع معنا الى بلادنا إلا من خلال زيارة والتحدث مع هؤلاء اللاجئين .
لقد قمنا الشهر الماضي باسطحاب وزير بريطاني جديد، هيو روبرتسون، لزيارة مخيم الزعتري. فقد التقينا السوريين الذين وصفوا لنا كيف شقوا طريقهم إلى الأردن بعد أن تعرضت منازلهم للقصف. لقد التقينا بسامر القادم من درعا و هو يجلس في خيمة مع زوجته وبناته الذين وصفوا كيف دمر الجيش السوري مزرعتهم و قتل الماشية التي كانوا يعتمدون عليها في عيشهم.
هناك حقيقة أخرى قاسية و هي أن خيمتهم ستكون باردة جدا خلال فصل الشتاء وخصوصا عندما تصل درجة الحرارة إلى الصفر إذ تقوم الأمم المتحدة بتوفير البطانيات والشراشف لهؤلاء اللاجئين. ينبغي على العائلات في الغرب الذين يتجمعون حول مواقد النار أو يستعدون لعشاء عيد الميلاد التفكير بالمصاعب التي تمر بها هذه العائلات مثل عائلة سامر.
لقد زار الوزير روبرتسون المدن الأردنية التي تستضيف ما يقارب من 500,000 سوري. و مرة أخرى، فإن الواقع وراء هذا العدد قاس: فمدن مثل المفرق تضاعف عدد السكان فيها و لم تعد البلدية قادرة على إبقاء الشوارع نظيفة. كما أصبح التلاميذ الأردنيين يذهبون الى المدارس فقط نصف اليوم لافساح المجال للطلبة السوريين للذهاب الى المدارس في فترة ما بعد الظهر. كما ينطبق هذا على المستشفيات حيث أصبحت الأم الأردنية تذهب إلى عمان لتلد لأن كل الغرف مأخوذة من قبل السوريين.
تعترف المملكة المتحدة بالعبء الذي يتحمله المواطنين الأردنيين و الناس في البلدان الأخرى المجاورة مثل لبنان وكان في الطليعة من حيث الاستجابة الإنسانية لهذه الأزمة. لقد قدمنا نصف مليار جنيه استرليني لهذه الأزمة و هو أكبر مبلغ إجمالي التزمت به المملكة المتحدة من أي وقت مضى لأزمة إنسانية واحدة. فقد تم تخصيص أكثر من 100 مليون جنيه استرليني للاردن بما في ذلك مساعدة البلديات مثل المفرق.
سوف يشهد الأسبوع القادم ذكرى الألف يوم للأزمة في سوريا وهذه الأيام الألف كثيرة جدا. فمن أجل كل الضحايا الأبرياء الذين استهدفوا من قبل النظام و الذين قتلوا أو أجبروا على الفرار، لقد حان الوقت لوضع حد لإراقة الدماء و إيجاد حل سلمي للأزمة .
هذا هو الواقع الذي ستقدمه ميشيل دوكري لدعم حملة أوكسفام. فهذا أبعد ما يكون عن أي دراما خيالية حول النبل الذي يكافح من أجل البقاء على قيد الحياة في بريطانيا القرن العشرين. فهو عبارة عن برنامج واقعي يسلط الضوء على معاناة الناس العاديين. فليس لدينا أي خيار سوى مساعدتهم.