Avatar photo

Peter Millett

Ambassador to Libya, Tripoli

6 November 2013

القدس: التعامل بحرص شديد

لقد رأيت مؤخرا في معرض بالقدس مجموعة من المعروضات المشوقة ولكن في نفس الوقت تدفعك الى التفكير. كانت أحد هذه المعروضات عبارة عن علبة كبريت بسيطة وكانت من النوع الذي يفتح غطاءها للأعلى. الفرق الوحيد كان أن رؤوس الكبريت كانت على شكل قبب و مآذن وأبراج الكنائس في القدس. الرسالة كانت واضحة و هي أن هذه المدينة قابلة للاشتعال. إذا لم يتم التعامل معها بحرص و لم يتم احترام الحقوق و الحساسيات للأديان الثلاثة العظيمة الذين يعتبرون أن هذه المدينة هي مدينتهم و حقهم، فهذا سيكون مثل اللعب بالنار .

علبة كبريت ذات رؤوس على  شكل قبب و مآذن وأبراج الكنائس في القدس.
علبة كبريت ذات رؤوس على شكل قبب و مآذن وأبراج الكنائس في القدس.

هناك كتاب صدر حديثا عن المدينة و يفتتح بهذه الأسطر: ” تاريخ القدس هو تاريخ العالم”. فهذا التاريخ ملطخ بالمجازر و الفوضى والقتل. فقد هدم نبوخذ نصر المدينة في القرن السادس قبل الميلاد و دمرها الرومان في سنة 70 الميلادية و نهبها الصليبيين في القرن الحادي عشر. كما كانت وحشية هذه الأحداث حقا مروعة مثل الحصارات الرهيبة التي تليها المذابح التي تشمل تقطيع و صلب و اغتصاب السكان المذعورين .

لماذا هنا و ما هو السر وراء هذه البلدة الصغيرة التي تثير مثل هذا العنف والتعصب؟ على عكس المدن الناجحة فإن هذه المدينة لا يوجد فيها نهر و لا بحر ولا موارد و مع ذلك أصبحت هذه المدينة مهمة جدا للعديد من الثقافات المختلفة. فهي أيقونة حيث أصبح أي مسعى لإنشاء حضارة نبيلة يسمى ‘بالقدس الجديدة’.

الجواب هنا هو الدين. فبالنسبة لليهود والمسيحيين والمسلمين هذه هي المدينة المقدسة و التي يحتشد المصلين في أكثر المواقع المقدسة فيها مثل حائط المبكى وكنيسة القيامة و المسجد الأقصى. في الماضي سعى أتباع الديانات المختلفة وراء الملكية الحصرية للمدينة حيث كان المؤمنين بديانة معينة يمحون أي أثر واضح للديانات الأخرى و يذبحون الأبرياء و يطردون المهزومين ويهدمون الأماكن المقدسة الخاصة بهم.

أما في العصر الحديث تولدت قناعات جديدة إزاء العنف و التي تحث على التعايش وحرية العبادة وسيادة القانون. فاليوم تتواجد و تتعايش الديانات الثلاث جنبا إلى جنب حيث يسافر المؤمنين من بلدان بعيدة للصلاة في الأضرحة والكنائس و المعابد والمساجد التي تملأ المدينة القديمة.

  

قبة الصخرة في القدس.
قبة الصخرة في القدس.

هناك العديد من الثقافات المختلفة التي تترابط وتتداخل في القدس و يحتاج هذا الوضع القائم و الحساس الى الحماية و المحفاظة عليه. فعلى عكس الماضي عندما كانت الأخبار تحتاج الى شهر للوصول إلى بلدان أخرى، فإن ما يحدث في القدس اليوم يتردد صداه في جميع أنحاء العالم. فالافعال التي تمس بالقناعات الراسخة للديانات الأخرى يمكن أن تشعل التوترات الدينية والسياسية و إشعال فتيل ردود الفعل العنيفة في المدينة و أماكن أخرى .

إن المشي في المدينة القديمة و في أحياء المسلمين و المسيحيين و اليهود و الأرمن هي تجربة رائعة حقا و يمكنك أن تشعر عند زيارة الأماكن المقدسة بما وصفه أحد المؤلفيين ” باالقدسية المعدية “.

و على الرغم من ذلك فقد تم وصف القدس ” بالكأس الذهبية المليئة بالعقارب’. هناك توترات كامنة تحت السطح تماما مثل علبة الكبريت التي ترمز الى مخاطر إخلال التوازن الدقيق للقدس و من مصلحة الجميع التعامل مع هذه التوترات بحرص شديد .

حول Peter Millett

Peter arrived in Tunis on 23 June 2015 to take up his post as Ambassador to Libya. Previously he was British Ambassador to Jordan from February 2011 to June 2015. He was High Commissioner to…

Peter arrived in Tunis on 23 June 2015 to take up his post as
Ambassador to Libya.
Previously he was British Ambassador to Jordan from February 2011 to June 2015.
He was High Commissioner to Cyprus from 2005 – 2010.
He was Director of Security in the Foreign and Commonwealth Office
from 2002-2005, dealing with all aspects of security for British
diplomatic missions overseas.
From 1997-2001 he served as Deputy Head of Mission in Athens.
From 1993-96 Mr Millett was Head of Personnel Policy in the FCO.
From 1989-93 he held the post of First Secretary (Energy) in the UK
Representative Office to the European Union in Brussels, representing
the UK on all energy and nuclear issues.
From 1981-1985 he served as Second Secretary (Political) in Doha.
Peter was born in 1955 in London.  He is married to June Millett and
has three daughters, born in 1984, 1987 and 1991.  
His interests include his family, tennis and travel.