هل تعلم أن ضوء الشمس الذي يسقط على الأرض خلال ساعة يكفي لتلبية حاجة العالم بأسره للطاقة و لمدة سنة؟ استغلال هذا المصدر النظيف و المتوفر للطاقة لا يحتاج الى تفكير.
الترويج للطاقة المتجددة كان ينظر اليه كبدعة من قبل دعاة حماية البيئة . ليس هناك شك بأن هناك أسباب بيئية قوية للحد من الاعتماد على النفط والفحم و أنواع المشتقات النفطية الأخرى و التي تشكل حوالي 60 ٪ من الغازات المسببة للاحتباس الحراري و التي تسبب تغير في المناخ.
عندما كنت أعمل في قضايا الطاقة في بروكسل قبل 20 عاما كان هناك الكثير من المشككين الذين قالوا أن العلم لم يثبت أن تغير المناخ حقيقيا وأنه لا يوجد مبرر لإتخاذ أي إجراءات.
أما الآن فالأدلة واضحة و أكيدة. فقد اكتشف خبراء علميين خلال اجتماع الامم المتحدة أنهم 95٪ على يقين من أن البشر هم السبب المهيمن لظاهرة الاحتباس الحراري منذ الخمسينيات. هذه الأدلة كافية أن تكون دعوة للاستيقاظ بالنسبة للحكومات والمجتمعات و للاعتراف بأن عليهم أن يفعلوا شيئ حيال ذلك. فليس لدينا سوى كوكب واحد نعيش عليه ويجب أن نعتني به.
هناك أسباب اقتصادية قوية للتحول إلى مصادر بديلة للطاقة. كل الدول تحتاج إلى مصادر آمنة للطاقة، فلا لا يوجد أي مسؤول سياسي يريد أن يكون مسؤولا عند انقطاع الكهرباء. فـتأمين الإمدادات يأتي من تنوعها، أي إيجاد طرق جديدة و مختلفة لتوليد الكهرباء بحيث إذا فشل أحدها يمكن الإنتقال الى الآخرى.
تظهرهذه المشكلة بوضوح في الأردن حيث ان معظم “بيض” الطاقة في البلاد وضع في “سلة” الغاز المصري . هذه السلة انكسرت و تعطيل التزويد هو أحد الأسباب الرئيسية للمشاكل الاقتصادية في البلاد وحتمية ارتفاع عملية الكهرباء. يجب أن تعتمد استراتيجية الطاقة في البلاد على إيجاد طرق جديدة لتوليد الكهرباء.
الطلب على الطاقة في الأردن و على مستوى العالم في نمو متزايد و على الدول أن تتحمل و أن تتعامل مع صدمات الأسعار. فأسعار الوقود الأحفوري متقلبة و يمكن أن ترتفع و تنخفض تبعا للأزمات السياسية في أجزاء مختلفة من العالم. ولذلك فمن المنطقي التقليل من الاعتماد على الطاقة المستوردة و البحث عن طرق لتوليد الطاقة بطرق تتسم بالاستدامة.
الطاقة المتجددة ليست جديدة. فحرارة الشمس و قوة الرياح تم تسخيرها و ربطها لعدة قرون. الجديد هو أن التكنولوجيا أصبحت تسمح لهذه المصادر أن يتم استخدامها على نطاق واسع و ربطها بشبكات الكهرباء واستخدامها لتوليد الطاقة للبيوت والمصانع و المكاتب.
لقد وضع الاتحاد الأوروبي هدفا بأن يكون 20% من الطاقة مصدرها الطاقة المتجددة بحلول عام 2020. كما أن العديد من البلدان، بما فيها المملكة المتحدة، قامت بتقديم الدعم المادي و الحوافز المالية للترويج للطاقة الشمسية و الرياح والكتل الحيوية و الطاقة المائية. ولكن المعونات للوقود الأحفوري تفوق الإعانات للطاقة المتجددة بنسبة 12 إلى 1 في جميع بلدان العالم.
إحدى الأمثلة الجيدة على اتخاذ نهج جديد هو مشروع لندن آري وهو مشروع لإقامة 175 توربينات من الرياح في المياه الضحلة من مصب نهر التايمز و الذي يبعد بضعة أميال من وسط لندن. سيقوم هذا المشروع بتوليد ما يكفي من الكهرباء لنصف مليون منزل والحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الضارة بأكثرمن 900 ألف طن سنويا. فمثل العديد من مشاريع الطاقة المتجددة، هذا المشروع لديه العرضية الإيجابية في خلق صناعات جديدة و فرص عمل جديدة. إذ أن المملكة المتحدة لديها 110,000 وظيفة في قطاع الطاقة المتجددة و هذا الرقم سيرتفع الى 400,000 بحلول عام 2020 .
الأردن لديه إمكانات هائلة في هذا المجال مع أشعة الشمس الوفيرة والرياح الدائمة. ان الحكومة تعمل بنشاط على تعزيز المشاريع حيث يمكن للقطاع الخاص توليد الطاقة وبيع الفائض إلى الشبكة بأسعار تفضيلية.
من المهم أيضا تعزيز الوعي عن قيمة و أهمية الطاقة المتجددة. و لهذا السبب أطلقت السفارة البريطانية مشروع الاسبوع الماضي مع شركة طاقتنا الأردنية .
مبادرة رحلة إلى الطاقة المتجددة والبيئة هي مبادرة لتعليم وإلهام طلاب المدارس لدفع عجلة تطوير الطاقة المتجددة و تحفيزهم على فهم المزايا الاقتصادية والبيئية لتشجيع مثل هذه التكنولوجيا. سيقوم المشروع ببناء نظام دائم للطاقة المتجددة في مدرسة فيلادلفيا في عمان و إشراك الطلاب بالعناية بهذا النظام.
الطاقة المتجددة لا تنتهي على عكس الفحم والنفط. و على عكس الوقود الأحفوري أيضا، كلما زاد الاستخادم كلما رخص السعر. الآراء و الدلائل التي تؤيد استخدام الطاقة المتجددة عديدة و قوية بما يحتم علينا جميعا دعمها و استخدامها.