كان يوم الاثنين الموافق 19 آب هو يوم الإنسانية العالمي. و هناك العديد من الأيام و المناسبات الدولية المهمة التي نشهدها على مدار السنة لكن لا توجد مناسبات ذات صلة. فأهمية هذا العام أكثر من هذه المناسبة نظرا لأزمة اللاجئين الناجمة عن العنف المأساوي في سورية.
هناك الآن ما يقارب 2 مليون سوري أو ما يشكل قرابة 10٪ من السكان، متواجدين في بلدان مجاورة لا سيما في الأردن ولبنان وتركيا والعراق. كما أن هناك أكثر من 20 ألف سوري فروا إلى العراق خلال الأيام القليلة الماضية. وفي بدايات هذا العام كان يعبر الحدود الأردنية ما بين 2000 الى 3000 لاجىء سوري يوميا كما أجبر ستة ملايين سوري داخل سورية على ترك منازلهم. يحتاج معظم هؤلاء الناس إلى المساعدة لتوفير الغذاء لعائلاتهم في حين كانت تعد سوريا هي “سلة طعام” المنطقة.
لقد شهدت تأثير تدفق اللاجئين في بداية الأزمة. فعندما قمت بزيارتي الأولى لمخيم الزعتري للاجئين السوريين في تموز الماضي لم يكن هناك سوى عدد قليل من الخيام في منطقة حارة و مغبرة. أما عندما زرت المخيم يوم أمس فقد رأيت المكان أشبه بالمدينة الكبيرة التي يسكنها أكثر من 120,000 شخص. فهناك مدرسة وعيادات وشارع رئيسي حيوي يتم فيه المتاجرة و شراء الفواكه و الخضروات والملابس وحتى الأرجيلة. لقد أصبح مخيم الزعتري يعد واحد من أكبر “البلدات” في الأردن.
منذ بداية الأزمة كان هؤلاء السوريون يصرخون طلبا للمساعدة لتأمينهم بالمأوى والغذاء والدواء. فقد اضطرالمجتمع الدولي لتقديم المساعدة ليس فقط للاجئين و إنما أيضا للحكومة الأردنية والمجتمعات المضيفة التي فتحت أبوابها بسخاء للمحتاجين. فمساعدة الفقراء والمحتاجين هي أحد الإختبارات الحقيقية للعالم المتحضر.
اللاجئين أيضا يكافحون من أجل كرامتهم. فالعديد من العائلات تقوم برعايتها نساء لأن رب الأسرة مثل الأب أو الزوج إما بقي هناك ليحارب أو تم قتله. و بالتالي أصبحت حماية النساء والأطفال عاملا محفزا رئيسيا لكل من الأمهات والأمم المتحدة. فتوفير التعليم وأماكن للأطفال، مثل “مناطق صديقة للأطفال” و التي نظمتها هيئة إنقاذ الطفولة، هي أيضا جزء مهم من الخدمات المقدمة في المخيم.
ولكن يجب علينا ألا ننسى الحاجة الإنسانية الأكبر. فإن أكثر من ثلثي اللاجئين السوريين في الأردن يعيشون في قلب المجتمع وليس في المخيم. هم أيضا بحاجة إلى أمكان للعيش وطريقة لتوفير الغذاء و الماء لأسرهم. لقد كافحت العديد من المدن في شمال الأردن لمواجهة هذا الموقف و من واجبنا مساعدة تلك المجتمعات المضيفة أيضا.
بالطبع نحن بحاجة أيضا لمعالجة سبب الأزمة. فإنه لأمر مأساوي أن ما بدأ قبل عامين على أنه احتجاج شعبي في سوريا أصبح الآن حرب بالوكالة. فالحل السياسي الذي يريد سوريا ديمقراطية جديدة لا يزال يمثل كأولوية.
كانت المملكة المتحدة لاعبا رئيسيا في الاستجابة الدولية جنبا إلى جنب مع غيرها من الجهات المانحة بما في ذلك الاتحاد الأوروبي. فالمساعدات الإنسانية المالية التي قدمتها المملكة المتحدة تصل إلى 348 مليون جنيه استرليني وهي أكبر استجابة للمملكة المتحدة لأي أزمة إنسانية على الإطلاق.
و إذا نظرنا على نطاق أوسع، فقد كان الأردن على مدى التاريخ ملاذا للاجئين من كل من فلسطين ولبنان والعراق. و لهذا فإن المملكة المتحدة عازمة و ملتزمة أيضا لمساعدة وكالة الامم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينين (الأونروا) التي تدعم اللاجئين الفلسطينيين لتصل قيمة مساعداتها إلى 166 مليون دولار لفترة الأربع أعوام الحالية.
لا يمكن أن يتم تنفيذ أي شيء من هذا العمل الإنساني هنا و لا في البلدان أخرى من دون فرق من العامليين الدوليين والمحلييين الذين يساعدون في تنظيم المخيمات ومساعدة اللاجئين خارج المخيمات. لقد شاهدت منظمات عديدة للأمم المتحدة مثل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤؤون اللاجئين واليونيسيف وبرنامج الأغذية العالمي ومكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، يرتفعون إلى مستوى التحدي الهائل من توفير السكن والتغذية ورعاية المحتاجين. ولقد رأيت نظرائهم الأردنيين وخاصة القوات المسلحة الأردنية و كيف أصبحوا جزءا حيويا من هذا الجهد.
و في يوم الإنسانية العالمي ينبغي أن نرفع قبعاتنا و نحيي هؤلاء الناس.